وصفي التل في ذكراه .. استعادة لروح الوطن وبُناته الأوائل

mainThumb

28-11-2024 12:50 PM

يغيب الجسد، وتفنى الروح، وتبقى الذاكرة خصبة بسيرة الرجالات الأوائل.

أكاد ألمح من بعيد ذاك السواد الذي توشحت به البيوت في قريتي الشجرة، وأكاد أستعيد ومضات من حزن الرجال حينذاك، لتزدحم صوره على جدران المضايف، في استعادة رمزية لحضوره الدائم بينهم، وخلال أكثر من خمسين عاماً، غاب وصفي، وبقيت سيرته يتداولها الناس، بحنين وحسرة .. ونظرة تفاؤل في أحيان أخرى.

تشكلّت مسيرة الشهيد وصفي التل نتيجة عاملين أساسيين: تأثير أسرته المبكر على شخصيته، ووالده تحديداً، الشاعر مصطفى وهبي التل الذي إمتاز بالشجاعة والتمرّد على الشائع والمألوف، مما جعل وصفي يختبر منذ طفولته معاني الاقدام والتعبير عن قناعاته بوضوح وشجاعة التي كانت في مرحلة ولايته تعد ضرباً من الرجعية، ثم مشاركته في جيش الانقاذ في فلسطين، بل كان من أوائل من تطوعوا للقتال في فلسطين، ومن الجليل التي خاض فيها معركة بطولية وقف شاهداً على الخيبة وخسارة وطن في نكبة العرب العام 1948.

كان وصفي التل يؤمن أن تحرير فلسطين يحتاج إلى تدعيم ميزان قوى عسكري يواجه الكيان الصهيوني، وتحصين الأردن من مؤامرات الترانسفير والوطن البديل التي كانت تعني تصفية القضية الفلسطينية باكراً، وفرض الحلول التي تشطب حق العودة لعشرات الألاف من العرب الفلسطينيين الذي تجرعوا معاناة التنكيل والتهجير القسري، لم يقبل بهذا الحل، ولم يكن ليقبل بأية حلول لا تقرأ واقع المواجهة آنذاك قراءة صحيحة.

كان خلال تلك المرحلة مندفعاً نحو بناء ومأسسة الدولة الأردنية، عكست ممارسته نزاهة واستقامة وتسامحاً حتى مع ألد خصومه.

شهدت مراحل وجوده في المواقع العامة ميلاد أهم مؤسسات الدولة، يعود له الفضل إلى تأسيس الجامعة الأردنية العام1962، وإنشاء السدود بهدف توفير الأمن المائي، واستصلاح أراضي الأغوار، التي أسهمت في توفير الغذاء للأردنين والمساهمة في الاقتصاد الوطني، ولا ننسى انشاء التلفزيون الأردني، واشرافه على تأسيس شركتي الفوسفات والبوتاس.

نستذكر الشهيد وصفي التل بمناسبة ومن دون مناسبة، إذ يعتبر الأردنيون أن وصفي التل يمثل أنموذجاً لرجل الدولة، الذي لم ينظر إلى المال العام ك"جورعة"!






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد