العزاء

mainThumb

23-11-2024 09:00 PM

أشار إليه ، كان واقفا هناك ، وهمس خانقا:
ــ إني أكره ذلك الشخص الواقف هناك ..
ــ بن عيسى شاب! أعرفه...اعتقد أنه إنسان طيب! وكلما ألتقيه إلا ويبادرني بالسلام ...هل من أسباب مقنعة أو غير مقنعة ؟ ... لكي تبغضه ...
ازداد غضبه ، واحمر وجهه حتى اعتقدتُ أنه سيتوجه إليه ، و يلكمه أو يعاركه !
ــ لا تربطني به أي صلة ، غير أنه احتقرني... احتقرني ...هل تفهم يا سيدي ... قلل من شأني ...
إليك السبب يا عزيزي... كان ذلك في مأتم وفاة والدة صديقي نور الدين قبل أربع سنوات، فحضر المعزون من كل مكان، وكما تعلم فأخوال نور الدين أناس ذو مكانة في المجتمع، يشار إليهم بالأصابع كما يحلو لنا أن نصفهم وننعتهم ! فأصدقائهم وزملائهم في العمل كانوا مثلهم!
كان بن عيسى ينتمي إليهم، وهو أيضا أحد أقارب والدْ نور الدين، فأولم ودعي المعزّين،و كانوا كلهم جميعا من الأغنياء أصحاب السيارات الفارهة ...
وبعد توزيع المعزين على أصحاب الحي،طُلب من كل واحد أن يصحب معه ضيوفا إلى بيته، وكما تعلم فأغلب أولئك الضيوف المعزّين قادمين من أماكن بعيدة أو مدن نائية...
طلبَ مني صديقي نور الدين أن أركب مع احدهم، وفعل ذلك لأنه يحبني وأراد تكريمي، غير أن السيد بن عيسى رفض أن أركب معهم وأذهب إلى بيته، فأنا إنسان بسيط ! فاحتج احد الضيوف، وقال: ــ اتركه...لا بأس...
وقال ين عيسى بغرور: ــ لا... يا سي دحمان... لا يجوز...
لكن الضيوف جميعهم قالوا ما قال السيد دحمان ، فاضطر إلى الرضوخ ، فركبت سيارة سوداء جميلة ، وفي الطريق اشترط علي أن انزل بعيدا عن منزله بأمتار ، واحتج احد الضيوف مرة أخرى ، أردت أن انقض عليه ، وأشبعه لكمات ، لكني تذكرت أننا في عزاء صديق عزيز وطيب ، فالتزمت الصمت...
أثناء وصول الموائد المليئة بالكسكسى اللذيذ ولحم الخروف، أمرني أن لا أجلس إلى مائدة فلان، الذي يظهر انه أثرى من في الصالة من المعزين...
كتمت غضبي ...
لكن ذلك الكتمان تحول إلى حقد وكراهية...
هل تعرف لماذا أبغضه أشدّ البعض ؟ لأني ابن بلدته ، وأغلب من كانوا في الصالة غرباء جاءوا من مدن بعيدة ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد