النقدُ الأدبيُّ في الأردن، تطوراتُهُ وأبرزُ معالمِه
قبلَ الحديثِ عن مراحلَ تطورِ التجربةِ النقديةِ في المشهدِ الثقافيِّ الأردني، منذ بداياتِه، وصولاً إلى وقتِنا الراهن، لا بدَّ من التطرُّقِ إلى مفهومِ النقدِ الأدبيّ، من خلالِ المقارنةِ بين نوعين من النقادِ قد تصادفهما في المشهدِ الثقافيِّ الأردني، بعد أن تحرَّرَ الفضاءُ الرقميُّ من الضوابطِ والقيود، وتحوّل المتلقي بفعل مهاراته في استخدام التقنيات الحديثة إلى عنصر مؤثر بغض النظر عن قيمةِ المحتوى الذي يقدمه أو يتفاعلُ معه، وتعددت لديه خياراتُ التواصلِ مع الآخرِ والوصولِ إلى المعلومة، وصار بوسعة من خلال استخدامِ الذكاءِ الاصطناعيِّ بناءِ مفاهيمَ مزيفة، من خلال التفاعلِ مَعَ المعلوماتِ غيرِ المنضبطة، والاستخفافِ بالمعرفةِ الجادة.
إذن.. فالنقدُ الأدبيِّ هو التقييمُ للأعمال الأدبيةِ من خلال إخضاعِها للمقارنة والتحليلِ والتفسيرِ وفق منهجٍ علميٍّ يتعامل مع النص من خلال جنسهِ الأدبيِّ وشروطِهِ الفنية.. ثم وبالتالي تفسير دلالاتِ المعنى الكامنِ في الفكرة ومآلاتها.
ويمكن القول بأن النقد منهج يرتقي إلى درجةِ الحكمةِ الخلاقةِ في التقييمِ البنّاء، من خلال التعاملِ مَعَ النصِّ ككائنٍ حيٍّ لديه روحٌ ومشاعر، وذلك وفق رؤيةٍ تقومُ على مبادئٍ أخلاقية، وأسُسٍ فنية، تراعي عدة عناصر أهمها:
الكاتب، والمتلقي، والفكرة، والمناسبة، والأسلوب، واللغة، الجنس الأدبي للنصِّ وخصائصه، مع وجودِ هامشٍ للمناورةِ يمثلُ بصمةَ الكاتبِ الخاصة، التي تجيزُ له التمردَ النسبيَّ على القواعدِ الصارمةِ في حدود الممكن.. بعيداً عن محاكمةِ النصِّ على اعتبار أنَّ العملَ الإبداعيَّ برمتِهِ يمثلُ موقفَ الكاتبِ الثقافيّ.
أنا أتحدثُ هنا عن النقادِ الذين يمتلكون أدواتِهِمِ الفنية، باقتدارٍ دون تكلفٍ أو حذلقة، سواء كانوا نقاداً أكاديميين، أو يتمتعون بخبراتٍ فنيةٍ مشهودٍ لها.
والمشهدُ الثقافيُّ الأردنيُّ غنيٌّ بأمثالِ هذه القاماتِ الخلاقة.. وقد تفاعلتْ خبراتُهم مَعَ أهمِ المدارسِ النقديةِ التقليديةِ والحداثيةِ التي عرفها تاريخُ الأدبِ العالمي.
فالناقد ليس قاضياً يحاكمُ النصَّ بلْ صديقاً موضوعياً يضعُ في طريق الكاتبِ أفضلَ الخياراتِ نحوَ مُعالجةِ الفكرة، دون أن يُطْلِقَ رصاصةَ الرحمةِ على أيِّ عملٍ يراه عقيماً؛ لأنه في نظرِ غيرِهِ قد يكونُ متميزاً ومقبولاَ.
فالنصُّ في نظرِ الناقد المتمكن يشبهُ نافورةً جميلةً بتماثلاتِها الهندسية، وموسيقها الرتيبة؛ لكنَّ الشلالَ أيضاً في نظره جميلٌ بتكويناتِهِ المستقرةِ ومنحنياتِهِ المتقاطعة، وانصباب مياهِهِ غيرِ المنتظم، إلى جانبِ صوتِهِ المتحررِ من القيود. فالجمال نسبيّ.
ولعلّ من أشهرِ النقادِ عبر تاريخِ الأدبِ الأردني.. الأساتذة الأفاضل، الدكاترة: إحسان عباس.. هشام وعبد الرحمن ياغي.. إلى جانبِ أعضاءِ جمعيةِ النقادِ الأردنيين التي تأسست عام 1998، وبلغَ عددُ أعضائِها تسعةً وخمسين عضوا، وقد ترأس الجمعية في دورات سابقة الدكتور إبراهيم السعافين والناقد فخري صالح، والدكتور غسان عبد الخالق، والدكتور زياد أبو لبن، ، والدكتور زهير توفيق.
ومن أعضاء الجمعية الدكاترة: حسين جمعة.. وإبراهيم خليل.. وخالد الكركي، وعمر ربيحات.. والقائمة تطول من الأسماء اللامعة التي لا يتسع الوقت لذكرها.
ولعل من أهم التجاربِ السلبيةِ التي يتعرضُ لها النقدُ الأدبيُّ في المشهدِ الثقافيِّ الأردنيّ، إلى جانب التجارب النقدية الجادة، النقدُ القائمُ على المجاملاتِ من باب العلاقات العامة، والتعامل مع النصوص وفق ما يرضي صاحب النص.. وهذا شائعٌ جداً على نطاقٍ عالميّ.
أيضاً هناك تجارب نقدية سلبية تخضعُ لمعاييرَ " متلازمة التخذلق اللغوي"، التي تصيبُ بعضَ النقادِ الذين يتعاملون مع النصِّ كفرصةٍ لإثباتِ من باب مرتبِ النقص، فينحصر عملُ الناقدِ على التنقيبِ عن الأخطاءِ بروحِ انتقامية، دونَ ربطِها برؤيتِهِ النقديَّةِ المتكاملةِ للنص، وكأن رأيَهُ قطعياً وليس وجهةُ نظرٍ قد يخالفُها آخرون، ودون مراعاةِ لقيمةِ النصِّ لدى صاحبِه، الذي أفنى وقتاً ثميناً في بناءِ مداميكه؛ ليأتيَ من يهدِمَهُ بكل بساطة، من باب التعالي الأجوف.
وهذا يقودُنا باختصارٍ شديد إلى الحديثِ عن تاريخِ النقدِ الأدبيِّ في الأردن.. والذي مرَّ بمراحلَ متعددةٍ تأثرت بالظروفِ الثقافيةِ والاجتماعيةِ والسياسيةِ التي مرت بها المملكة.. حيث بدأتْ تظهرُ بوادرُ تطورِهِ في سياقِ الأدبِ العربيِّ الحديث، متأثراً بالحركاتِ الأدبيةِ العربيةِ التي بدأت في مصرَ والشام، بداية القرن العشرين.
وبدأ الاهتمامُ أكثرَ بالتجاربِ الإبداعيةِ في الأردن، بالإضافة إلى المواكبةِ النقديةِ للأدبِ العربيِّ المعاصر.
وازدادت هذه المرحلةُ نضوجاً أكاديمياً بتأسيسِ أقسامِ الأدبِ العربيِّ في الجامعاتِ الأردنية.
وصولاً إلى الربعِ الأخيرِ من القرن العشرين، حيث تبلورتِ التجربةِ النقديةِ في المشهدِ الثقافيِّ الأردني، من خلالِ التفاعلِ الإيجابي، مع المدارسِ النقديةِ الحديثة، التي كانت تروجُ لها مدارسُ النقدِ الغربي، مثل النقد البنيوي، والنقد التفكيكي، والنقد الماركسي. وكان من شأنِ ذلك ظهورِ اتجاهاتٍ جديدةٍ في تفسير النصوص الأدبية، مع مراعاةِ البُعْدَيْن الاجتماعي والسياسي في فهم الأدب، وإنضاجِ حالةِ التلقي والقبولِ للاختلافِ في الرؤى، والتحررِ من التقاليد الصارمة.
فظهرت أصواتُ نقديةً جديدة، أخذت تسعى إلى تحليلِ النصوصِ الأدبيةِ بطرقٍ غيرِ تقليدية، مع التركيز على دراسة البنيةِ السردية، والرمزية، واللغة.. وتبادلِ الأدوارِ في السرد ما بين تيارِ الوعيِ والحوارِ المباشر.
وبدايةُ القرنِ الجاري، شهدَ النقدُ الأدبيُّ تنوعاً لافتاً، حيث ظهرت دراساتٌ نقدية، تتناولُ الأدبَ الأردنيَّ في سياقِ أدبِ ما بعد الحداثة، وزاد الاهتمامُ بالعلاقةِ بين الأدبِ والحياةِ السياسيةِ والاجتماعية.. مما أدى إلى ظهور قضايا معاصرة، ذاتِ أبعادٍ سياسيةٍ واجتماعية، تتصارعُ فيها المفاهيمُ مع الثوابتِ التقليديةِ فيما يتعلقُ:
بالأديان، والسياسة، والهوية، والعولمة، والمرأة.
وانعكاس كل ذلك على الأدبِ المحلي، فازدادَ الاهتمامُ بالأدبِ النسويِّ والشبابي في السياقين الخاص والعام.
في المحصلة، يبقى مستقبلُ النقدِ في الأردنِّ مبشراً بالخير، بوجود الفضاءِ الرقميِّ كمنصة بديلة، أتاحَتِ الفرصةَ لكلِّ من يمتلكَ أدواتِه، أن ينتشرَ وفق قدرتِهِ على العطاء.. فالنقد من أهمِ وسائلِ البناءِ للمشهدِ الثقافيِّ الأردني.
*محاضرة لبكر السباتين في ندوة مشتركة أقيمت السبت 16 نوفمبر 2024 في رابطة الكتاب الأردنيين حول النقد في الأردن أدارها الشاعر جميل أبو صبيح بمشاركة الدكتور أحمد النعيمي والناقد بكر السباتين والناقدة حنان باشا.
وزير الخارجية السعودي يزور سوريا ويلتقي الشرع
مديرة اليونيسيف تناصر أطفال أوكرانيا وتصمت لأطفال غزة
القناة 14:الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من جنوب لبنان
تركيا .. ترقب بدعوة أوجلان لحزب العمال بإلقاء السلاح
سر الصلع المبكر عند الرجال وتساقط الشعر عند النساء
مع عودة ترامب .. 3 مخططات استيطانية إسرائيلية كبرى في القدس
نشرة الطقس في الأردن من الجمعة إلى الاثنين
طرح البوستر الرسمي لـ فهد البطل بطولة أحمد العوضي
شرطة غزة تعلن إعادة الانتشار في جميع مناطق القطاع
الحالة الجوية ودرجات الحرارة المتوقعة الجمعة
تربية الكرك تعقد اختبارا لقياس مهارتي القراءة والكتابة
إنقاذ معتمرة مصرية توقف قلبها أثناء الطواف بالكعبة
قرى الأطفال سوريا ترفع دعوى لكشف المفقودين
حرب جديدة قد تندلع والأردن يحذر من الجحيم: السيناريوهات المحتملة للمنطقة
بحضور الملك وولي العهد .. جاهة لطلب الأميرة سارة بنت فيصل
ترفيعات في الديوان الملكي .. أسماء
ولي العهد من محبته لموسى التعمري .. ماذا فعل
أردنيون مطلوبون للقضاء .. أسماء
العمل:قرار يخص العمالة السورية فقط
نشرة الطقس في الأردن حتى الأربعاء
القضاء يبرئ د. بني سلامة من قضية رفعها محامي اليرموك
دعوة للمكلفين بضريبة الأبنية والأراضي ومالكي العقارات
ضعف مطري غير مسبوق في الأردن مع انتصاف المربعانية
غزيون يرفعون لافتة كتب عليها "الأردن منا ونحن منهم"
الأردن .. إطلاق المرحلة الثانية للتعرفة الكهربائية المرتبطة بالزمن
مهم للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع فواتير الكهرباء
إحالة أمين عام وزارة الشباب إلى التقاعد
سابقة تاريخية .. القضاء ينتصر لأستاذ جامعي في اليرموك للمرة الخامسة