ما جناه الساسة اللبنانيون

mainThumb

31-10-2024 09:47 PM

كدأبهم اهل غزة بات اللبنانيون يصبحون ويمسون على احاديث السياسة التي قادتها رؤوس أقطابهم التي تعرف _ خلافا لما نعتقد _ بالسياسيين الذين يمسكون بزمام حركة الصراع الطائفي في لبنان الذي بات يستعمل سلاح ادعاء الحميمية والمحبة أكثر من سلاح النار باعتباره اكثر فتكا من حيث خبث الغايات وسهولة التمرير ، حين يقذف كل طرف كرة نار الفتنة في ملعب غيره محمّلا إياه مسؤولية التهام نيران الحرب للبلاد وأهلها بالدرجة الاولى ، وحين يثقل عليه مرّة أخرى بتحميله مسؤولية تعطيل او ممانعة وقف اطلاق النار بطريقة او بأخرى.

محور حديثنا هذا سيقتصر على تسليط الضوء على فكرة نتنياهو حول وقف اطلاق النار التي تقوم على اساس تحقيق شروط عدّة ، أهمّها : انسحاب مقاتلي حزب الله شمال الليطاني و سحب سلاحه التي لا نعتقد ان تسليم حزب الله بها سيكون سهلا بالرغم من التسريبات والتحليلات المبنية على اساس قبول حزب الله بصفقة فيها تنازلات من نوع مماثل وان لم يكن مطابقا.

غير أن ما يميّز فكرة نتنياهو هذه هي الطريقة التي يريد بها ان تتم هذه العملية على اعتبار وسيلة ضمان تنفيذها التي تقوم على وجود قوات دولية بقيادة الولايات المتحدّة ، ليس هذا فحسب ؛ بل ضرورة ابعاد قوات اليونيفيل عن المشهد .

يريد نتنياهو من كل ذلك ضمان واحدة من اثنتين : إما عدم قبول حزب الله بالصفقة ، وبالتالي : ضمان سريان مجريات العمليات العسكرية حتى النهاية التي يريدها نتنياهو مع رفع العتب الدولي والداخلي عنه ، وإما القبول بالصفقة مع ضمان وجود قوات يمكن لنتنياهو _ المتطلّع الى قدوم ترامب الى البيت الابيض _ ان يتعامل معها بطريقة توائم مقاصده بحكم التحالفات الوثيقة التي اثبتت الايام فاعليتها.

فكرة نتنياهو هذه لامست قلوب بعض اللبنانيين لن أقول " سياسيين " . لقد سمعت خطابات معظم المسؤولين من غير المحسوبين على حزب الله واحلافه ، كانت في مجملها ترمي الى تحقيق حلمها بالخلاص من قوة حزب الله وسياسته معه ؛ متوسلين في ذلك بدعوات تلبس لباس الوطنية والوحدة والتزام القوانين الدولية والمواثيق الاقليمية والاعراف الداخلية مفادها : ضرورة تسليم الجيش اللبناني مقاليد الامور ، لقد وضع هؤلاء سمّهم في دسم البلاد ، فهم وهم يؤكدون وحدة البلاد ومناداتهم بالعيش تحت مظلة سلطتها يقرّون بضعف الجيش الذي اوكلوا مهمة توحيدهم إليه ؛ وهو يضعون مع اقرارهم هذا قبولهم مع سابق اصرارهم على ضرورة تسليحه وتدريبه وهم يعلمون جيدا ان بلادهم لا تملك ما يمكنها من اجراء كهذا ، بل يديرون وجههم نحو الغرلاب والولايات المتحدّة وهم يطلبون العون على مصيبتهم هذه ؛ في ذات الوقت الذي يعلمون فيه ان مثل هكذا مساعدة لا ولن تكون بالمجان ولا حتى بثمن زهيد.

يعلم هؤلاء ان المهمة لا تكون بكبسة زر وهم يستخدمون معرفتهم هذه حين يظهرون تسليمهم بفكرة تدرّج بناء المؤسسات السياسية والعسكرية ، انهم ينادون بصوت يختفي وراء صوت الاعتراف هذا بضرورة تدخل قوى اجنبية مهما كان نوعها او صنفها او شكلها ، كل ما يهمّهم ان لا تكون ايرانية الاصل او التحالف بل ويزيدون على ذلك : بان تسطيع هذه القوى ازالة شكل ايران وجميع معالمه من الساحة اللبنانية.

لن أسمي احدا ، لكنني أقول ان هناك من مسؤولي " الدولة اللبنانية " في مختلف المواقع السياسية والعسكرية من بدأ بإطلاق مثل هذه العيارات المنبّهة لكل أطراف العلاقة والتي من شانها التمهيد الناري لمعارك السياسة القائمة على فوّهات البنادق سيّما في مؤتمر باريس لمساعدة لبنان وإعادة الإعمار ، الذي عقد قبل أيام والذي لفت نظري فيه ضآلة المبلغ بخاصة مبلغ التبرع الفرنسي الذي كان ب " 100 " مليون يورو وهي لمن لا يعلم تعادل ثمن بناية واحدة في بيروت .

لقد مهّد هؤلاء لنتنياهو أرضية بناء افكاره قبل بماء مستوطناته حينما التفّوا حول خصمهم حزب الله وأداروا ظهرهم لمن استطاع الظفر بهم جميعا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد