صحيفة السوسنة الأردنية

السوسنة - هنادي الشريدة - تتجه أنظار العالم نحو الطب الرقمي، حيث بات هذا المجال يمثل تحولاً جذريًا في أساليب تقديم الرعاية الصحية، بفضل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والأجهزة القابلة للارتداء وتطبيقات الهواتف الذكية. وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أن الطب الرقمي يتيح للمرضى في المناطق النائية فرصة الحصول على خدمات صحية ضرورية لم يكن من السهل الوصول إليها في السابق، بفضل تقنيات الاستشارات الطبية عن بُعد.

أدوات مبتكرة لصحة أقرب

بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يشمل الطب الرقمي مجموعة واسعة من الأدوات، من ضمنها الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية التي تقيس معدل ضربات القلب ومستوى الأكسجين في الدم، بالإضافة إلى التطبيقات الصحية التي تساعد المرضى في متابعة أمراضهم المزمنة بانتظام. هذه الأدوات لم تعد مجرد وسائل لمراقبة الصحة، بل أصبحت ضرورة تتيح للأطباء متابعة حالة المرضى من بُعد، وتشخيص الحالات الطارئة بشكل سريع.

الذكاء الاصطناعي: خطوة نحو تشخيص أكثر دقة

أشارت مجلة The Lancet Digital Health إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل نقلة نوعية في مجال التشخيص الطبي، إذ باتت الأنظمة الحديثة قادرة على تحليل صور الأشعة واكتشاف أمراض سرطانية ومشكلات صحية أخرى في مراحل مبكرة، مما يعزز من فرص نجاح العلاج. وتُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل الأنماط الصحية، خاصة في مجالات السرطان وأمراض القلب، ما يُعد دليلاً قويًا على قدرة الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة التشخيص الطبي.

تحديات الأمان وحماية الخصوصية

لكن مع ازدياد الاعتماد على التقنية، تتزايد كذلك المخاوف بشأن الأمان والخصوصية. فقد حذرت الأكاديمية الأمريكية للطب الرقمي (ATA) من أن بيانات المرضى الرقمية قد تكون عرضة للاختراق، مما يستوجب تطوير قوانين صارمة لحماية خصوصية المرضى. وتدعو الأكاديمية إلى تعزيز الأمان السيبراني للأجهزة الطبية القابلة للارتداء والتطبيقات الصحية لضمان سرية بيانات المستخدمين، خاصة أن التسريبات أو الاختراقات قد تعرض حياة المرضى للخطر.

الطب الرقمي يساهم في خفض التكاليف

ذكرت شركة McKinsey & Company أن الاعتماد على الطب الرقمي من شأنه خفض تكاليف الرعاية الصحية بنسبة تصل إلى 30%. فبفضل الاستشارات الطبية عن بُعد، لم يعد المرضى بحاجة للتنقل إلى المستشفيات في كثير من الحالات، ما يوفر عليهم التكاليف والوقت، ويسهم في تقليل الضغط على المؤسسات الصحية.

مستقبل واعد وأفق جديد

وبحسب منظمة الصحة العالمية، من المتوقع أن يشهد الطب الرقمي تطورًا ملحوظًا خلال السنوات القادمة، حيث يمكن أن يمتد تأثيره ليشمل مجالات طبية جديدة، منها التحليل الوراثي وتطوير الأدوية المخصصة. ومع دخول الروبوتات الذكية إلى غرف العمليات، تبدو الصورة واعدة نحو تحسين جودة العلاج وتطوير أدوية وعلاجات دقيقة تتوافق مع التركيبة الجينية لكل مريض.

الطب الرقمي بات يشكل ثورة حقيقية في مجال الرعاية الصحية، حيث يقدم تقنيات مبتكرة تقلل من كلفة العلاج وتزيد من سرعة ودقة التشخيص، وتفتح أفقًا واسعًا لإيصال الرعاية الصحية إلى كل مريض، بغض النظر عن موقعه الجغرافي.

• الآثار الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا على حياتنا
• ما هي التكنولوجيا