القصة الدموية للإبادة الجماعية في رواندا .. فيديو

mainThumb
الجذور العميقة لهذا الصراع تعود إلى التمييز العرقي الذي زرعه المستعمر البلجيكي

23-10-2024 03:34 AM

بين نيران العرقية والطائرة المشتعلة: القصة الدموية للإبادة الجماعية في رواندا

كيغالي - السوسنة - خالد الطوالبة - في صباح يوم 7 أبريل 1994، استيقظت رواندا على بداية واحدة من أفظع الجرائم في التاريخ الحديث. ما يقرب من مليون شخص قُتلوا في غضون 100 يوم فقط في مشهد دموي يعكس أعمق انقسامات المجتمع الرواندي، وصراعاً تاريخياً على السلطة والهوية. فكيف تحوّلت دولة صغيرة في شرق إفريقيا إلى مسرح لأكبر إبادة جماعية في القرن العشرين؟

البداية من السماء

اندلعت الأزمة الرواندية في اليوم الذي أُسقطت فيه طائرة الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا، وهو من قبيلة الهوتو، فوق العاصمة كيغالي في 6 أبريل 1994. هذا الحادث، الذي لا يزال لغزاً حتى اليوم، أشعل نار العنف في البلاد. بينما ألقيت مسؤولية إسقاط الطائرة على التوتسي من قبل النظام الحاكم الذي يقوده الهوتو، كان هذا الحادث الشرارة التي أطلقت واحدة من أضخم المجازر في التاريخ الإفريقي.

خلفية الصراع

الجذور العميقة لهذا الصراع تعود إلى التمييز العرقي الذي زرعه المستعمر البلجيكي في فترة حكمه (1916-1962). كانت قبيلة التوتسي الأقلية (15% من السكان) تتمتع بمعاملة تفضيلية، حيث اعتُبر أفرادها الأكثر ذكاءً وجدارة للحكم، في حين عُومل أفراد قبيلة الهوتو (85% من السكان) كمزارعين وفلاحين أقل شأناً. هذا التمييز عزز الشعور بالاستياء والغضب لدى الهوتو، وبلغ ذروته بعد استقلال رواندا في 1962، عندما انتقلت السلطة إلى الهوتو، مما أدى إلى ملاحقات وانتقاميات ضد التوتسي، ودفع الكثير منهم إلى المنفى في البلدان المجاورة.

الحراك العسكري والسياسي

في المنفى، لم يبقَ التوتسي مكتوفي الأيدي. بحلول عام 1988، أسسوا "الجبهة الوطنية الرواندية" (RPF) كحركة سياسية وعسكرية تهدف إلى العودة إلى البلاد وإسقاط النظام القائم. تحت قيادة بول كاجامي وفريد رويجيما، تحولت الجبهة إلى قوة عسكرية قوية، معظم أعضائها من التوتسي الذين تربوا في أوغندا.

وبحلول عام 1990، بدأت الجبهة في شن هجمات ضد الحكومة الرواندية من الحدود الأوغندية، مما دفع البلاد إلى حرب أهلية طاحنة. ومع تزايد الضغوط الدولية على الرئيس هابياريمانا لتنفيذ إصلاحات سياسية، كانت ميليشيات الهوتو المتطرفة تعد العدة للانتقام. وبدءًا من حادثة إسقاط الطائرة الرئاسية، بدأ هذا الانتقام بأبشع صوره.

آلة القتل

خلال الأيام الأولى من الإبادة، بدأت ميليشيات "إنتراهاموي"، المؤلفة من متطرفين من الهوتو، بتنفيذ عمليات القتل على نطاق واسع. استخدمت الأسلحة البيضاء والبنادق لإبادة التوتسي والمعارضين السياسيين. وبدعم من النظام الحاكم والجيش الرواندي، كانت المجازر تتم بموافقة وصمت المجتمع الدولي. قتل الجيران جيرانهم، وقتلت العائلات أفرادها، في مشهد يعكس مدى تعمق الحقد العرقي.

دور القوى الدولية

في حين كان العالم يشاهد في صمت، وُجهت أصابع الاتهام إلى دول كبرى مثل بلجيكا وفرنسا والولايات المتحدة لعدم اتخاذ إجراءات فعالة لوقف الإبادة. وحتى بعد عقود، لا تزال هذه الدول تواجه تساؤلات عن دورها في تسليح ميليشيات الهوتو أو دعم الحكومة الرواندية في تلك الفترة.

نهاية المذبحة

في منتصف يوليو 1994، استطاعت الجبهة الوطنية الرواندية بقيادة كاجامي الاستيلاء على العاصمة كيغالي وإعلان نهاية الحرب. لكن بحلول ذلك الوقت، كانت رواندا قد فقدت ما يقرب من مليون من سكانها. تُركت البلاد تواجه آثار دمار نفسي واجتماعي عميقين، حيث كانت الجروح التي خلفتها المجازر أعمق بكثير من أن تندمل بسرعة.

ما بعد الإبادة

بعد الإبادة، بدأت رواندا في إعادة بناء نفسها من جديد. تحت قيادة بول كاجامي، نجحت البلاد في تحقيق تقدم اقتصادي واستقرار سياسي، لكن ظلال الماضي لا تزال حاضرة، خاصة مع استمرار الجدل حول المصالحة الوطنية ومسؤولية الدول الكبرى في الأحداث.

قصة رواندا تُعد تذكيراً مريراً بما يمكن أن يحدث عندما يُسمح للكراهية العرقية بالتغلغل في أعماق المجتمع، وعندما يقف العالم متفرجاً على مذبحة جماعية.








تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد