تكون البحار

mainThumb
تكون البحار

14-10-2024 05:57 PM

السوسنة- تكونت البحار نتيجة عمليات جيولوجية وبيئية معقدة على مر العصور. بدأت هذه العملية منذ حوالي 4.5 مليار سنة، عندما تشكلت الأرض وبدأت الغازات المنبعثة من البراكين في التكاثف لتكوين الغلاف الجوي. مع انخفاض درجات الحرارة، تكاثف بخار الماء في الهواء، مما أدى إلى سقوط كميات هائلة من الأمطار. استمر هذا التكوين لفترات طويلة، حيث تراكمت المياه في الحفر والمنخفضات، مما أدى إلى تشكيل المحيطات والبحار.

علاوة على ذلك، ساهمت الأنشطة التكتونية في تشكيل القارات وارتفاعها، مما ساعد على تكوين الحدود بين المحيطات والبحار. كما أن عمليات النحت والتعرية الناتجة عن حركة المياه والتيارات البحرية ساعدت في تشكيل قاع البحار والمحيطات. ومع مرور الزمن، تأثرت البحار بعوامل عديدة مثل تغير المناخ والأنشطة البشرية، مما أثر على تركيبها البيئي وكيميائها.

النظريات التي فسرت تكون البحار
هناك العديد من النظريات التي تُفسر تكون البحار، ومنها ما يأتي:

1.نظرية الانجراف القاري
ترتبط نظرية الانجراف القاري بالعالم ألفريد فيجنر، ففي أوائل القرن 20 شرح فيجنر نظريته ووضح بأنّ كل قارات الأرض كانت ذات يوم جزءًا من كتلة واحدة هائلة من اليابسة تسمى بانجيا، ثم انجرفت هذه الكتلة عن مسارها مما سبب الانجراف القاري. استخدم فيجنر علم الأحياء والنباتات والجيولوجيا لإثبات الانجراف القاري، على النحو الآتي:

- أحافير الحيوانات: درس أحافير الزاحف القديم المسمى ميسوصور التي توجد حصرًا في جنوب قارتي إفريقيا وأمريكا الجنوبية، فهو زاحف يعيش في المياه العذبة من البحار والأنهار، ويبلغ طوله متر واحد ولا يُمكنه السباحة في المحيط الأطلسي الشاسع.

- أحافير النباتات: درس الأحافير النباتية الموجودة في القطب الشمالي المتجمد في سفالبارد والنرويج، وتبين له بأنّ هذه النباتات لم تتكيف للعيش في مناخ القطب الشمالي، بل تتكيف في بيئة أكثر دفئًا ورطوبةً.

- طبقات الصخور: درس طبقات الصخور والسلاسل الجبليّة حتى تبين بأنّ طبقات السلاسل الجبلية في الساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية والساحل الغربي لأفريقيا متلائمان معًا مثل قطع أحجية الصور المقطوعة، فكانت بانجيا موجودة قبل حوالي 240 مليون سنة، ثم بدأت بالتفكك وانفصلت عن بعضها إلى قطع شكلت القارات بشكلها الحالي.

ومع ذلك لم يقبل العلماء نظرية فيجنر لأنها تفتقر إلى دليل على آلية عملها، فاقترح فيجنر أنه ربما يكون دوران الأرض تسبب في تباعد القارات عن بعضها البعض، ولكن تبين له فيما بعد أنّ القارات ترتكز على ألواح ضخمة من الصخور تتحرك وتتفاعل فيما بينها. تبتعد الصفائح عن بعضها مع اتساع قاع البحر الذي يكون أكثر ديناميكية على طول سلاسل الجبال العملاقة تحت الماء المعروفة بتلال وسط المحيط، ولم تكن عمليات انتشار قاع البحر راسخة حتى الستينيات، فهذه العمليات الجيولوجية هي التي ساعدت فيجنر بنظريته؛ لأنّ الطريقة التي تتلاءم بها القارات مع بعضها البعض ألهمته نظرية الانجراف القاري.

2.نظرية انسلاخ القمر
ترتبط هذه النظرية بالعالم جورج داروين الذي قال أنّ القمر تشكل في نفس الوقت الذي تشكلت به الأرض والنظام الشمسي، وأدرك بأن الأرض تتباطأ في حركة دورانها بسبب احتكاك المد والجزر الذي يُفقدها من زخمها الزاوي، والذي يجب أن يبقى ثابت بين الأرض والقمر، لذلك فإن الزخم الزاوي للقمر يزداد، ويحدث ذلك بواسطة حركته للخارج داخل مداره. فكر داروين بهذا الأمر واستنتج أن القمر كان في زمن ما ملامسًا للأرض بل إنه انشق عنها أيضًا، مخلفًا وراءه المحيط الهادي، وظل القمر يبتعد عن الأرض منذ أكثر من 4 مليار سنة.

التطور الكيميائي لمياه البحر
يُقسم التطور الكيميائي لمياه البحر إلى 3 مراحل، ولكل مرحلة خصائص تميزها عن غيرها، وهي موضحة فيما يأتي:

1. المرحلة المبكرة: هي المرحلة التي كانت فيها القشرة الأرضية تبرد وتتفاعل مع الغازات المتطايرة ذات الطبيعة المختزلة الحمضية، وذلك لإنتاج المحيطات وكتلة صخرية رسوبية أولية، حيث استمرت هذه العملية إلى نحو 3.5 مليار سنة. كانت أكثر العناصر وفرًة في هذه المرحلة (الماء، وثاني أكسيد الكربون، والكبريت، والنيتروجين، والكلور، والهيدروجين، والبورون، والبروم، والآرجون، والفلور)، وأدى التراكم الأولي للأرض عن طريق تكتل الجسيمات الصلبة إلى تسخين هذا التكتل عن طريق تحلل العناصر المشعة، وتحويل الطاقة الحركية إلى حرارة، مما أدى إلى التقسيم الداخلي للأرض. أدى تكون لبّ الأرض إلى استبدال الغلاف الجوي البدائي بآخر ناجم من فقدان المواد والغازات المتطايرة من باطن الأرض، بحيث تشكلت الأرض من خلال التمايز المبكر لها في 3 مناطق رئيسية؛ اللب، الغطاء، والقشرة، وأدى إطلاق الغازات المتطايرة لتكوين غلاف جوي يحتوي على الماء.

2. المرحلة الانتقالية: تُشير طبيعة السجل الصخري من وقت الصخور الرسوبية الأولى منذ حوالي 3.5 مليار سنة إلى أنّ كمية الأكسجين في الغلاف الجوي كانت أقل بكثير مما هي عليه اليوم، بحيث تشكلت المخلفات الرسوبية عن طريق تغيير الصخور في جو يعاني من نقص الأكسجين وتراكمت بشكل أساسي في ظل ظروف بحرية لا هوائية. إن الاختلاف الرئيسي بين التفاعلات في الوقت الحاضر وفي المرحلة الانتقالية نشأ عن الاختلاف في تراكيز المعادن في البيئة البحرية، إذ تميزت المرحلة الانتقالية بالحديدوز الذي دخل في تكوين كربونات الحديد وسليكات الحديد الأخضر، ذات ارتباط وثيق مع صخر الشرت وبيريت كبريتيد الحديد.

3. المرحلة الحديثة: تختلف التركيبات الكيميائية والمعدنية والنسبية للصخور الرسوبية في هذه المرحلة عما قبلها، فغازات الكبريت الحمضية تم تطويرها إلى كبريتات بحلول هذه المرحلة، مما سبب تواجد رواسب كبريتات الكالسيوم في أواخر عصر ما قبل الكامبري. تُشير أكاسيد الحديديك المترسبة كيميائيًا في الصخور الرسوبية المتأخرة من عصر ما قبل الكامبري إلى توافر الأكسجين الحر، ويبدو أن المرحلة الحديثة بدأت منذ 1.5-2 مليار سنة، بحيث حدثت عملية تدوير مستمر للرواسب التي تحكمت في تكوين المحيطات، ومن أهم العناصر التي وجدت في هذه المرحلة؛ السيليكا الذائبة، والصوديوم، والأملاح.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد