تنسيقية المواقع الإلكترونية الأردنية : خطوة نحو تنظيم ذاتي لتعزيز الصحافة الحرة

mainThumb
تسعى التنسيقية إلى توحيد الجهود للتصدي للقوانين التي تعيق حرية الصحافة

14-10-2024 01:37 AM

عمان – السوسنة - تأسست تنسيقية المواقع الإلكترونية الأردنية في عام 2012 كإطار تنظيمي جديد يسعى إلى تعزيز حرية الصحافة وحماية الصحفيين العاملين في المجال الرقمي. تأتي التنسيقية كمحاولة لتنظيم المهنة بطريقة تختلف عن الأطر النقابية أو الجمعيات، حيث تسعى إلى تعزيز المسؤولية المهنية والأخلاقية للصحفيين من خلال ما يُعرف بـ "التنظيم الذاتي"، والذي يهدف إلى الحفاظ على مصداقية الصحافة وتحقيق التوازن بين حرية التعبير واحترام أخلاقيات المهنة.
مفهوم التنظيم الذاتي
التنظيم الذاتي هو فكرة تقوم على أساس أن الصحفيين أنفسهم هم الأقدر على مراقبة المهنة والحفاظ على معاييرها الأخلاقية والمهنية، دون الحاجة إلى تدخل الدولة أو السلطات الحكومية. يتجسد هذا المفهوم في إنشاء هيئات مستقلة، مثل مجالس الصحافة، التي تعمل على معالجة شكاوى الجمهور بشأن الانتهاكات المحتملة لأخلاقيات الصحافة، وقد تم اعتماد هذه الآليات في عدة دول أوروبية، حيث ظهرت أولى المجالس الصحفية في السويد عام 1916 وانتشرت فيما بعد في غالبية دول الاتحاد الأوروبي وبعض دول العالم.
الفرق بين التنظيم الذاتي والعمل النقابي
على الرغم من أن التنسيقية ليست نقابة بالمعنى التقليدي، إلا أنها تمثل تجمعًا طوعيًا للعاملين في المواقع والصحف الإلكترونية الأردنية. يهدف هذا التنظيم إلى مواجهة التحديات التي تواجه الصحفيين الرقميين، مثل القيود الحكومية والتشريعات المقيدة للحريات الصحفية، دون الحاجة إلى فرض قوانين خارجية أو تدخل سلطات رسمية.
التنسيقية تهدف إلى تعزيز المسؤولية الجماعية بين الصحفيين في ظل غياب الرقابة الفردية داخل المؤسسات الصحفية، والتي ظهرت في ظل النمو الكبير للصحافة الرقمية. يمثل هذا الإطار الجديد أداة لتنظيم العمل الصحفي وحماية الحريات الإعلامية، من خلال مواجهة القوانين والتشريعات التي تعرقل العمل الصحفي.
أهمية التنسيق لمواجهة التحديات القانونية
في ضوء التحديات التي تواجه الصحافة الرقمية في الأردن، تسعى التنسيقية إلى توحيد الجهود للتصدي للقوانين التي تعيق حرية الصحافة. من أبرز هذه القوانين قانوني المطبوعات والنشر والجرائم الالكترونية لسنة 2023. اللذان يشكلان عائقًا كبيرًا أمام حرية التعبير في البلاد، ولهذا، تدعو التنسيقية كافة العاملين في الصحافة الرقمية للانضمام إليها والعمل المشترك من أجل حماية المهنة ومستقبل الصحافة في الأردن.
من خلال تعزيز مفهوم التنظيم الذاتي، تحاول التنسيقية الحد من التجاوزات التي قد تحدث في المجال الصحفي، وكذلك حماية الحضور المهني للصحافة الإلكترونية في المشهد الإعلامي الأردني. وتأتي هذه الجهود في إطار واسع يستند إلى نماذج تنظيمية مشابهة في أوروبا، حيث أثبتت هذه النماذج أنها تساعد في تجنب تدخل الدولة في الإعلام، كما حدث في بعض الدول التي ألغت تجريم التشهير مقابل إنشاء هيئات تنظيمية مستقلة.
التنظيم الذاتي وضمان حرية الصحافة
يُعد التنظيم الذاتي للصحافة أداة هامة لضمان حرية الإعلام، وفقًا لتوصيات مجلس أوروبا واليونسكو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. إذ يضمن التنظيم الذاتي حرية الصحفيين ويعزز مصداقية الصحافة عندما يقترن بضمانات دستورية وتشريعية محدودة. هذه الضمانات تحمي الصحفيين من التدخلات الحكومية وتحافظ على حق الجمهور في الحصول على المعلومات الدقيقة والمهنية.
التنسيقية تسعى إلى تعزيز هذا المفهوم في الأردن، حيث تدرك أن التنظيم الذاتي يمكن أن يكون وسيلة فعالة لمواجهة الرقابة والقيود التي تفرضها الحكومات على وسائل الإعلام. ومع ذلك، فإن نجاح هذا النموذج يعتمد بشكل كبير على مدى التزام الحكومة الأردنية بدعم وسائل الإعلام الحرة والمستقلة.
مخاطر التنظيم الذاتي القسري
على الرغم من المزايا العديدة التي يقدمها التنظيم الذاتي، إلا أن هناك تخوفات من استغلاله من قبل الحكومات لفرض رقابة ناعمة على الصحافة. ففي بعض الدول التي تمر بتحولات سياسية أو ديمقراطية، تصبح مجالس الصحافة تابعة بشكل مباشر أو غير مباشر للسلطة السياسية، مما يفقدها استقلاليتها ويحولها إلى أداة قمعية ضد وسائل الإعلام.
هذا الخطر يظهر بوضوح في البلدان غير المستقرة أو التي تعاني من قمع سياسي، حيث يمكن أن تتحول آليات التنظيم الذاتي إلى وسيلة لتقييد حرية الصحافة والتضييق على الصحفيين المستقلين.
آفاق المستقبل
في ظل تطور المشهد الإعلامي الأردني، خاصة مع انتشار الصحافة الرقمية، تشكل تنسيقية المواقع الإلكترونية الأردنية خطوة هامة نحو تعزيز حرية الصحافة وحماية حقوق الصحفيين. يمكن أن تكون هذه التنسيقية نموذجًا ناجحًا للتنظيم الذاتي في الأردن إذا ما توافرت البيئة المناسبة والدعم الحكومي لتطوير وسائل الإعلام الحرة والمستقلة.
يظل المستقبل مرتبطًا بمدى التزام الصحفيين أنفسهم بالمعايير الأخلاقية والمهنية، وكذلك بقدرتهم على حماية المهنة من التدخلات الخارجية. إذا تمكنت التنسيقية من تحقيق أهدافها، فإنها ستساهم بشكل كبير في تعزيز الصحافة الحرة في الأردن، وستصبح أداة فعالة في مواجهة التحديات القانونية والتنظيمية التي تواجه الإعلام الرقمي.
وتعد تنسيقية المواقع الإلكترونية الأردنية نموذجًا واعدًا للتنظيم الذاتي الذي يسعى إلى تعزيز حرية الصحافة وحماية الصحفيين في ظل التحديات القانونية والتنظيمية. من خلال التزام الصحفيين أنفسهم بالمعايير الأخلاقية والمهنية، يمكن للتنسيقية أن تصبح منصة قوية لحماية الحريات الصحفية ومواجهة القوانين المقيدة التي تعيق العمل الصحفي في الأردن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد