الطاقة النووية

mainThumb
الطاقة النووية

13-10-2024 08:02 PM

السوسنة- الطاقة النووية هي الطاقة التي تنشأ من التفاعلات داخل نواة الذرة، وتحديدًا من عملية انشطار الذرات الكبيرة مثل ذرة اليورانيوم، أو اندماج الذرات الأصغر مثل الهيدروجين. في هذه العمليات، يتم إطلاق كميات هائلة من الطاقة التي يمكن تحويلها إلى كهرباء أو استخدامها في تطبيقات أخرى. تعتبر الطاقة النووية واحدة من أكثر مصادر الطاقة كفاءة ونظافة، حيث تنتج كميات كبيرة من الكهرباء دون انبعاث غازات دفيئة، لكنها تحتاج إلى تقنيات خاصة للتحكم بها وضمان سلامة استخدامها.

استخدامات الطاقة النووية
تستخدم الطاقة النووية في عدد كبير من التطبيقات التي تتراوح من علاجات السرطان إلى مكافحة الجريمة، وقد ساهم اكتشاف الانشطار النووي منذ ما يزيد عن القرن في تطوير الصناعات الطبية وفي العديد من الحقول الأخرى كما يأتي:

1. اكتشاف الفضاء: تستخدم السفن الفضائية أنظمة طاقة نووية معينة (طاقة النظائر المشعة (RPSs)) لمدّها بالطاقة اللازمة خلال سفرها العميق في الفضاء، وقد أثبتت هذه الأنظمة فعاليتها وأمانها كما أنّها لا تحتاج إلى صيانة على مدى فترة طويلة من الزمن.

2. توليد الكهرباء: تعد الطاقة النووية أكبر مصدر طاقة نظيف لتوليد الكهرباء بلا انبعاثات غازية، وفي أمريكا تُستخدم الطاقة النووية في إنتاج 20% من الطاقة الكهربائية.

3. التشخيص والعلاج الطبي: يعد التصوير التشخيصي الطبي أحد تطبيقات النظائر المشعة الآمنة التي تساعد الأطباء على تقصي الكتل الورمية وما شابهها من مشاكل صحية، وتُستخدم النظائر المشعة كذلك في القضاء على الأنسجة السرطانية، والتقليص من حجم الورم، والتخفيف من الألم.

4. التحليل الجنائي: كثيرًا ما تُستخدم النظائر المشعة في الوصول إلى أدلة مادية تثبت تورط المتهمين بجريمة محددة، وتتبع الأثر الكيميائي لموادٍ مختلفة من قبيل الزجاج، البارود، السموم وغيرها.

5. الزراعة: يستخدم المزارعون تطبيقات النظائر المشعة للقضاء على الحشرات التي تدمر المحاصيل الزراعية، وذلك عوضًا عن استخدام المبيدات الحشرية، إذ تعقم ذكور الحشرات للحد من تكاثرها، ولذلك فإن للطاقة النووية دورًا مهمًا في الحفاظ على الطعام.

آلية عمل الطاقة النووية
تتكون نواة الذرة من البروتونات والنيوترونات المتراصة معًا، وتربط بين مكونات النواة القوة النووية وهي أقوى قوة في الطبيعة والتي تحافظ عليها متماسكة. وعندما تُعرّض النواة لعدد كبير من النيوترون يحدث الانشطار، وبالحديث عن ذرات اليورانيوم تحديدًا، فتحتوي على 92 بروتونًا مما يجعلها من الذرات الكبيرة والثقيلة للغاية. وتربط ذرة اليورانيوم قوة نووية ضعيفة نسبيًا؛ مما يجعله عنصرًا جيدًا للانشطار ومن ثمّ انبعاث الطاقة النووية. يحدث التفاعل النووي المتسلسل عندما تمتص نواة اليورانيوم نيوترونًا، وينتج عن التفاعل المتسلسل كميات كبيرة من الطاقة الحرارية. تستخدم محطات الطاقة النووية الحرارة الناتجة عن الانشطار النووي لتسخين الماء وتحويله إلى بخار عالي الضغط، ويمر البخار عبر توربينات تحول طاقته الحرارية إلى طاقة حركية، ثم تحول المولدات الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية.

مكونات المفاعلات النووية
يعمل المفاعل النووي على احتواء التفاعل المتسلسل للمواد الانشطارية والتحكم فيه لمنع حدوث الانفجارات، والمفاعلات النووية التي تنتج طاقة نووية ناتجة عن التفاعل الانشطاري لليورانيوم أو البلاتينيوم بقذف النيترونات، لا بد وأن تحتوي على عدد من الأجزاء الرئيسية، هي:

1. الوقود: اليورانيوم هو الوقود الأساسي للمفاعلات النووية، وعادة ما ترتب حبيبات أكسيد اليورانيوم في مجموعات من الأنابيب لتشكل معًا مركز أو قلب المفاعل، وتتواجد في قلب المفاعل كمية الوقود اللازمة لبدء التفاعلات الانشطارية.
2. المُعدِّل: وهي المواد الموجودة في مركز المفاعل، والتي تُبطئ النيوترونات المنبعثة من الانشطارات، وينتج عن تبطيئها هذا مزيد من الانشطارات، وعادة ما تكون المواد المعدلة عبارة عن الماء أو الماء المكثف أو الجرافيت.
3. قضبان التحكم بالمفاعل: وهي مصنوعة من مواد لها القدرة على امتصاص النيترونات، ويتم التحكم في معدل التفاعل من خلال سحبها أو إدخالها في مركز المفاعل.
4. المبرد: وهو سائل ينتشر في مركز المفاعل لتبريده ونقل الحرارة منه، ويعمل الماء كمبرد أولي في معظم المفاعلات النووية.
5. صهريج الضغط: وعادة ما يكون من وعاء فولاذي متين يجمع ما بين قلب المفاعل والمعدّل والمبرد، وقد يكون سلسلة من الأنابيب التي تحتوي على الوقود وتساعد كذلك على انتشار حركة المبرد.
6. مرجل بخاري: المرجل البخاري أو الغلاية وهي من مكونات نظام التبريد، يُستخدم الماء أو أي مبرد آخر يمتص الحرارة من المفاعل ليتحول إلى بخار الماء اللازم لتحريك التوربين (العنفة).
7. الحاوية: وهو هيكل يحيط بالمفاعل ومولدات البخار لحمايتها من العوامل الخارجية، وكذلك لحماية البيئة الخارجية من تأثيرات الإشعاع في حالة وجود أي عطل خطير داخل المفاعل، وعادة ما يتكون من هيكل خرساني وفولاذي بسمك المتر.

مميزات الطاقة النووية
للطاقة النووية عدد من المميزات ندرجها فيما يلي:

1. مصدر للطاقة النظيفة: الطاقة النووية أحد أهم مصادر الطاقة النظيفة، وهي أكبر مصدر للطاقة في الولايات المتحدة؛ إذ تتولد كهرباء خالية من الانبعاث كل عام وتقدر بـ (800 مليار كيلواط/ الساعة) وهو ما يوازي التخلص من التأثير الملوث لمئة مليون سيارة.

2. أكثر مصادر الطاقة موثوقية: محطات الطاقة النووية مصممة للعمل لفترات طويلة دون إمدادها بالوقود، لذا فإنّها تعمل على مدار اليوم، وطوال أيام الأسبوع، وتُزود بالوقود بعد مدة طويلة تتراوح من العام والنصف إلى العامين.

3. توفير فرص عمل: تدعم تطبيقات الطاقة النووية العديد من الوظائف حول العالم، وفي أمريكا تدعم الصناعة النووية ما يقرب من نصف مليون وظيفة، كما تساهم بنحو 60 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، ويحصل العاملون في القطاع النووي على رواتب تزيد بنسبة 30% عن متوسط الرواتب.

4. تكلفة تشغيلية منخفضة: بعد الانتهاء من التكلفة الأولية للبناء، فإنّ تشغيل المفاعلات النووية يعد أكثر حلول الطاقة فعالية، إذ إنّ تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية أقل بكثير من إنتاجها باستخدام الوقود الأحفوري، كما أنّ مخاطرها أقل من تلك الطاقة المستخرجة من الوقود الأحفوري.

5. مستويات منخفضة من التلوث: الناتج الإجمالي للتلوث من محطة للطاقة النووية منخفض جدًا مقارنة بإنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري، مما يسهم في الحد من التغيرات المناخية على المدى البعيد.

عيوب الطاقة النووية
بجانب المميزات الآنفة الذكر فإن للطاقة النووية عدد من العيوب التي يلزم أخذها في الحسبان، وهي على النحو الآتي:

1. تكلفة بناء باهظة: إنشاء محطات الطاقة النووية باهظ التكلفة، وبين العامين 2002 و2004م نمت التكلفة من متوسط 2 مليار دولار إلى 9 مليار دولار، وتعد الأموال المخصصة لحماية النفايات النووية والاحتفاظ بها في الهياكل المبردة سببًا آخر للتكاليف الباهظة.

2. الحوادث: تعتبر حادثة تشيرنوبيل واحدة من أشهر الحوادث المتعلّقة بالطاقة النووية، إذ يُقدّر ضحاياها بـ10000 حالة وفاة نتيجة الآثار الضارة طويلة المدى للإشعاع، ورغم احتياطات الأمان العالية في المفاعلات الحديثة إلا أنّ خطر وقوع الحوادث لا يزال قائمًا.

3. النفايات الإشعاعية: ينتج عن إنتاج الطاقة النووية نفايات مشعة تخزن تخزينًا آمنًا حتى لا تلوث البيئة إلا أنّ التعرّض لها قد يتسبب في أضرار جسيمة.

4. التأثير على البيئة: تُضر الطاقة النووية بالبيئة بسبب عمليات تعدين اليورانيوم، وهي عمليات استخراجه من باطن الأرض، التي تترك ورائها جزيئات مشعة مما يسبب تآكلًا للعناصر البيئية كما يلوث عناصر المياه القريبة.

مدى أمان الطاقة النووية
تعتبر الطاقة النووية طاقةً آمنة، ويرجع ذلك إلى:
1. الطاقة النووية من أهم مصادر الطاقة النظيفة: الصديقة للبيئة فهي تزيد من جودة الهواء بإزالة آلاف الأطنان من الملوثات منه والتي تتسبب في هطول الأمطار الحمضية والضباب الدخاني وتتسبب كذلك في عدد كبير من الأمراض.
2. مساحة استخدام ضئيلة: على الرغم من حجم الطاقة الكهربائية الهائلة التي يُمكن الحصول عليها من الطاقة النووية إلا أنّها تشغل حيزًا ومساحةً أصغر من تلك التي تشغلها مصادر الطاقة النظيفة الأخرى.
3. إنتاج حد أدنى من النفايات: إنّ النفايات الناتجة عن الطاقة النووية قليلة نسبيًا ويرجع ذلك للكثافة العالية للوقود التي تقلل من كمياته المستخدمة وبالتبعية تقل النفايات الناتجة.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد