تأسيس الدولة الأموية

mainThumb
الدولة الأموية

13-10-2024 06:02 PM

السوسنة- تأسست الدولة الأموية بعد مرحلة من الفوضى والصراعات السياسية التي اندلعت عقب مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، والتي أدت إلى نشوب الفتنة الكبرى. بعد هذه المرحلة الصعبة التي انقسم فيها المسلمون بين مؤيدين لعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، جاء اتفاق عام الجماعة في سنة 41هـ، الذي أنهى هذه النزاعات. تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، وهو ما وضع حدًا للحروب وأسس لمرحلة جديدة من الاستقرار السياسي.

معاوية بن أبي سفيان، الذي كان واليًا على الشام منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب، أصبح أول خليفة أموي بعد عام الجماعة. بفضل دهائه السياسي وحكمته في التعامل مع الأطراف المختلفة، نجح معاوية في توحيد الأمة الإسلامية تحت قيادته، مؤسسًا نظامًا جديدًا للخلافة يختلف عن ما كان عليه الحال في عهد الخلفاء الراشدين. بدلاً من نظام الشورى الذي كان يعتمد على اختيار الخليفة من بين أفضل الشخصيات الإسلامية وفقًا لتوافق الآراء، أدخل معاوية نظام الوراثة في الحكم، ما جعل الخلافة تنتقل داخل الأسرة الأموية.

اتخذ معاوية من دمشق عاصمةً لدولته، لتصبح لاحقًا مركزًا للحكم الإسلامي الأُموي. ومن هناك، بدأ بتعزيز قبضته على مختلف المناطق الإسلامية من خلال إقامة نظام إداري قوي يعتمد على تعيين الولاة وإرسال الجيوش لتوسيع رقعة الدولة الإسلامية. وقد استمر الحكم الأموي على هذه الأسس لمدة 91 عامًا، حيث شهدت الدولة خلالها ازدهارًا في مجالات متعددة، مثل الاقتصاد، الإدارة، العمران، والفتوحات الإسلامية.

تُعتبر الدولة الأموية واحدة من أهم الدول في التاريخ الإسلامي، إذ أنها أرست دعائم حكم مركزي قوي، ووسعت رقعة العالم الإسلامي بشكل كبير، حيث امتدت حدود الدولة من شرق الصين إلى غرب الأندلس.

مراحل الحكم في الدولة الأموية
كان نظام الحكم في الدولة الأموية مختلفًا تمامًا عما كان عليه الحال في العهد السابق (عهد الخلفاء الراشدين)، إذ أضفى الخليفة معاوية ومن تبعه من خلفاء الدولة الأموية صفة الملك على الحاكم، متأثرًا بما كان عليه الحال في الدولة الفارسية والبيزنطية، حيث جعل الحكم يقتصر على سلالة أسرة واحدة. وبذلك قطع الصلة مع الماضي السياسي للدولة الإسلامية الذي أرسى دعائمه الخلفاء الأوائل، والذي كان يقوم على أساس الاستخلاف حسب السابقة والأقدمية في الإسلام، وبالتالي فقد حصر الأمويين مقاليد الحكم بيد الأسرة السفيانية ثم الأسرة المروانية، كما نُقل مقر الخلافة الإسلامية من الجزيرة العربية إلى عاصمة ولاية الشام دمشق. وفيما يأتي توضيح للأسر الحاكمة التي تعاقبت على الدولة الأموية:

1.الحكم السفياني
شهد الحكم السفياني في الدولة الأموية تعاقب الكثير من الخلفاء من بني أمية، ومن أبرزهم الآتي:

-خلافة معاوية بن أبي سفيان
كان قد تولى الحكم عام 40 هـ، واستمر حتى عام 60هـ.

-خلافة يزيد بن معاوية
حيث تولى الحكم عام 60 هـ واستمر حتى عام 64 هـ.

-خلافة معاوية الثاني بن يزيد الأول
والذي تولى الحكم عام 64هـ واستمر حكمه 3 أشهر فقط.

2.الحكم المرواني
أما الحكم المرواني فشهد عددًا آخر من خلفاء بني أمية وهم الآتية أسماؤهم:

-خلافة مروان بن الحكم
وقد تولى الخلافة عام 65هـ، واستمر في الحكم 11 شهر فقط.

-خلافة عبد الملك بن مروان
وقد تولى الحكم عام 65هـ، واستمر في الحكم مدة 20 عام .

-خلافة الوليد بن عبد الملك
وقد تولى الحكم عام 86 هـ، واستمر في الحكم مدة 10 سنوات.

-خلافة سليمان بن عبد الملك
وقد تولى الحكم عام 96هـ، واستمرت مدة حكمه 3 سنوات.

-خلافة عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم
وقد تولى الحكم عام 99هـ، واستمر في الحكم سنتان.

-خلافة يزيد الثاني بن عبد الملك
وقد تولى الحكم عام 101هـ، ودام حكمه مدة 4 سنوات.

-خلافة هشام بن عبد الملك
وقد تولى الحكم عام 105هـ، واستمرّت مدة حكمة 20 عام.

-خلافة الوليد بن يزيد الثاني وحفيد عبد الملك.
-خلافة يزيد الثالث بن الوليد وحفيد عبد الملك.
-خلافة إبراهيم بن الوليد الأول وحفيد عبد الملك.
-خلافة مروان بن محمد بن مروان بن الحكم.

تجدر الإشارة إلى أنَّ فترة حكم الدولة الأموية كان قد دامت مدة 91 عامًا، حيث بدأت في عام 41هـ وانتهت عام 132هـ، تولى خلالها 14 خليفةً من خلفاء بني أمية أولهم معاوية بن أبي سفيان وآخرهم هو مروان بن محمد بن مروان الجعبري.

مظاهر التقدم في الدولة الأموية
شملت مظاهر التقدم في الدولة الأموية العديد من المظاهر الحضارية ولعل من أبرزها ما يلي:

1.نظام الخلافة
شهد عصر الخلافة الأموية تنظيم كبير لأمور الخلافة خاصة في جوانبها الإدارية سواء كانت في دمشق أو في الأندلس، إذ إن هذه الخلافة التي استمرت ما يقارب الواحد وتسعين عامًا كانت قد أرست دعائم الحكم السليم، والتي يبدو أنها تأثرت بمن حولها من الدول كالفرس والبيزنطيين، وفي مقدمة ذلك التنظيم هو نظام الوراثة في حكم الدولة.

2.مظاهر التحضر الاجتماعي
شهدت الخلافة الأموية الكثير من مظاهر التحضر، فقد كانت بمثابة إشارة على تغير وتأسيس دولة تختلف عن سابقتها، ولعل في مقدمة تلك المظاهر شيوع مجالس الشعر التي يبدو أن الدولة كانت تستخدمه وسيلةً لخدمة أهدافها وسياستها العامة.

3.مظاهر التحضر العمراني والبناء
كانت مظاهر التحضر العمراني والبناء علامة مميزة في الخلافة الأموية، بل وأنها شكلت شاهدًا ودليلًا على ما وصلت إليه تلك الدولة من تقدم ورقي وتنوع في أساليب البناء والعمران، لا سيما في المدن التي شهدت استقرارًا سياسيًا وأمنيًا، ولم تكن بأي حال من الأحوال ساحة للحرب أو الصراعات الداخلية أو الخارجية.

4.مظاهر التحضر الثقافي والفكري
عرف الأمويين الكثير من العلوم والمعارف والتي يبدو أنَّها كانت قد تأثرت كثيرًا بالحضارات الأخرى، وحقيقةً فإنَّ هذا العصر شهد حركة ثقافيةً واسعةً انتشرت بين مختلف طبقات المجتمع، ومنها حركة تعريب الدواوين، وصك العملة الأموية، والتمازج الواضح بين اللغة العربية واللغات الأخرى مثل الفارسية، والهندية، والرومانية.

5.مظاهر التوسع والفتوحات الإسلامية
لعلَّ من أهم المظاهر التي شهدتها الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الأموية، هو أنَّ هذه الدولة شهدت أقصى اتساع لها في هذا العصر وخاصةً في عهد الوليد بن عبد الملك، الذي يبدو أنّه استفاد كثيرًا من تلك الجهود التي بذلها والده في توطيد دعائم الحكم والقضاء على الثورات والفتن. وبالتالي فقد تمكن العرب من بسط سلطانهم على أكبر أرضي العالم في ذلك الوقت، حيث وصلت حدود الدولة الإسلامية إلى الصين شرقًا وإلى شمال شرق إسبانيا غربًا.

سقوط الدولة الأموية في الشام
يبدو أن سقوط الدولة الأموية كان صدمة للكثير من المؤرخين والكتاب، لا سيما أنَّ هذه الخلافة كانت في أوج قوتها وعظمتها، ولكن هذا السقوط لم يأت من فراغ، فقد كانت له العديد من الأسباب في مقدمتها:

1.المعارضة والعداء لآراء ومواقف بنو أمية
العداء والمعارضة التي أبداها أبناء الصحابة للكثير من الآراء والمواقف التي أصر عليها بنو أمية، وفي مقدمتها ولاية العهد واستبعاد الحكم بنظام الشورى، فهم يرون أن ما ذهب إليه بنو أمية بهذا الشأن مخالف للسنة التي كانت تنص على أن اختيار الحاكم ينبغي أن يتم من خلال مبدأ الشورى.

2.ظهور الأحزاب السياسية
كان لظهور بعض الأحزاب السياسية مثل الخوارج أثرًا كبيرًا على زعزعة أمن واستقرار الدولة الأموية، فهؤلاء اعترضوا في الأساس على طريقة الحكم التي تبنتها بنو أمية فهم يرون أن منصب الخلافة لا بد أنْ يشغله من هو أصلحُ الناس، دون الاهتمام بأصل أو نسب من يتولى هذا المنصب، فالجميع سواسية لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى. وبالتالي هم ينكرون أنْ يكون خليفة المسلمين أن يكون بالضرورة من قريش أو من آل البيت أو من الأمويين، ويبدو أن موقف الخوارج هذا كان ثابتًا منذ اليوم الأول الذي أُعلن فيه معاوية بن أبي سفيان خليفة للمسلمين فهم رفضوا تقديم البيعة، وأعلنوا أنَّ معاوية أخذ الخلافة من الأمة الإسلامية بغير وجه حق.

قيام الدولة الأموية في الأندلس
بعد سقوط الدولة الأموية على يد بني العباس، فرَّ الكثير من بني أمية من بلاد الشام باتجاه شمال إفريقيا حيث كان والي شمال إفريقيا عبد الرحمن بن حبيب الفهري من الموالين لهم فاستقبلهم وأعطى لهم الأمان. وكان من الذين نجحوا بالفرار من بطش بني العباس، أمير شاب يدعى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم المولد عام 113هـ، قد استطاع هذا الشاب بعد أن خاض هو وأنصاره معركة المصارة في 10 ذي الحجة سنة 138هـ من الدخول إلى العاصمة الأندلسية، وصلّى في جامعها ونودي به أميرًا على بلاد الأندلس. تمكن هذا الشاب البالغ من العمر 26 عامًا فقط من تأسيس خلافة إسلامية في هذه البلاد، بعد أن سقطت خلافة أجداده في الشام، وقد تعاقب على الحكم فيها ثمانية أمراء من بني أمية هم الآتية أسماؤهم:

1.عبد الرحمن بن معاوية الملقب بالداخل.
2.هشام بن عبد الرحمن.
3.الحكم بن هشام.
4.عبد الرحمن الأوسط.
5.محمد بن عبد الرحمن.
6.المنذر بن محمد.
7.عبد الله بن محمد.
8.عبد الرحمن الناصر.

كتب عن تاريخ الدولة الأموية
هنالك الكثير من الكتب القيمة التي تناولت بالبحث تاريخ الدولة الأموية من هذه الكتب ما يأتي:
-كتاب الدولة الأموية لمؤلفه د. يوسف العش.
-كتاب عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار لمؤلفه د. علي الصلابي.
-كتاب تاريخ الدولة الأموية في الأندلس لمؤلفه د. عبد المجيد نعني.
-كتاب الدولة الأموية في الشام لمؤلفه أنيس زكريا النصولي.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد