فوضى المدارس

mainThumb

12-10-2024 07:01 PM

أذكر في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عندما شاهدت مسرحية مدرسة المشاغبين لأول مرة، ضحكت كثيراً من بعض اللقطات التي تخللت المسرحية، تلك المسرحية التي كتبها الكاتب علي سالم، الملقب لدى إخوتنا المصريين بصديق الصهاينة المعروف. ليأتي اليوم الذي نرى فيه مدارس المشاغبين، وإذا بنا نكتشف أن تلك المسرحية كانت المقدمة الأولى لانهيار المؤسسة التعليمية والاستهتار بالمعلم والمدرسة؛ بقصد إفشالها بسلسلة مؤامرات طويلة تتعرض لها أجيالنا، بهدف خلق أجيال جديدة تدرس في مناهجها البطولات الفنية للفنانين مثل سميرة توفيق وعبده موسى وغيرهم، وليس بطولات محمد الحنيطي وفراس العجلوني وغازي الحربي وغيرهم من الأبطال والرموز في وطننا وأمتنا العربية. وفي نفس المناهج، يُدرّس عن النبي العربي محمد عليه الصلاة والسلام بكل ما يمثله، وهو الذي أجمع على احترامه كل المؤرخين المنصفين في العالم.

وهكذا يتم تشويه صورة النبي العربي محمد عليه الصلاة والسلام وإزالة كل ما يمثله للعرب بشكل خاص وللتاريخ الإنساني من رمزية وحضور تاريخي. ليصبح الشاب اسمه محمد، وفي نفس الوقت يتحدث عن سميرة توفيق وعبده موسى بأنهم رموز نهضة الأردن الحديث، بينما يتم تغييب الشهداء والرموز الوطنية والقومية التي تركت أثراً حقيقياً في تاريخ الأردن وأمته العربية. وذلك لأجل خلق أجيال لا علاقة لها بوطنها وأمتها.

ناهيك عن حالات الفوضى والتسيب في المدارس التي وصلت إلى إحدى مدارس العقبة، والتي قيل لنا إنها جاءت بدعم أمريكي ومن وكالة الإغراء الأمريكية، وليس الإنماء، وهي الذراع الأيمن للمخابرات الأمريكية. في تلك المدرسة، التي تعتمد النظام الأمريكي، تعرض أحد الصفوف لسرقة بعض محتويات حقائب الأطفال وسكب المياه على الحقائب والكتب. يحدث ذلك في وضح النهار، وربما أثناء الاستراحة، أو ما يسمونه "الفرصة". ولا أريد أن أكتب عن التسيب والإهمال في مدارسنا الوطنية، وإذا بنا اليوم نرى مدارس المشاغبين، وليس مجرد عنوان لمسرحية، بل واقعاً حقيقياً نراه جميعاً. ليثبت لنا التاريخ أن تلك المسرحية كُتبت بخبث سياسي مقصود، وأننا الأمة التي طُعنت غدراً بخنجر أبنائها.

وأقول للحكومة ولمجلس النواب (إذا وجد)، وهو جزء من المنظومة بقوانين سكسونيا الخاصة بالانتخاب التي وُجدت لإفراز مجالس نواب مستأنسة ومتجانسة، مجالس تمرير لكل حكومات الدوار الرابع، وليس مجلس نواب قادر على المحاسبة والتشريع لمصلحة الوطن والمواطن. إذا أردتم خصخصة التعليم كما يطالبكم صندوق الفقر الدولي، الذي تنفذون تعليماته وأوامره المدمرة، فهذه مسؤوليتكم أمام الله والتاريخ والشعب. لكن، اضمنوا حق كل أسرة في تعليم أبنائها من خلال شراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص المستثمر في هذا المجال. لكن أن تبقى مدارسنا بهذه الصورة التي لا تسر صديقاً، فإن ذلك مأساة وجريمة سيدفع الوطن ثمنها.

وأقول بأمانة وموضوعية: إن التعليم وصل بعد جريمة وادي عربة إلى قمة الانحدار والتخلف. وكانت الاستهانة بالمعلم وحقوقه وكرامته، عندما أُفشلت نقابة المعلمين المنتخبة ديمقراطياً، بداية الفشل والطريق نحو الانهيار الكامل الذي أتمنى ألا نصل إليه، لأن الجميع سيدفع الثمن. لذلك نحذر من الاستهانة بالتعليم وبدور معلم الأجيال، ونرفع صوتنا عالياً: أعيدوا للتعليم دوره، وأعطوا المعلم حقوقه، واجعلوه أولوية على كل شيء، وانتبهوا للمدارس. فهل يُعقل أن يكون في الصف الواحد أربعون طالباً؟ أين الدولة من كل هذه المأساة التي تهدد الوطن في أجياله؟ كفى، كفى، كفى استهتاراً بالوطن والمواطن وحقوقه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد