نبيه بري عقدة الكسر

mainThumb

12-10-2024 06:51 PM

في حين قرأ الجميع في تفويض حزب الله على لسان نعيم قاسم،  نبيه بري بإجراء ما يلزم باعتباره اخا اكبر تولية نبيه بري امر تحالفه الثنائي مع ما تقتضيه هذه القراءة من قبل اصحابها من تصليب ورفع وزن بري ذاته باعتباره حامل لواء السعي لوقف إطلاق النار مهما كلف الثمن ولو بتنازل يأخذ شكل تطبيق القرار 1701 الذي عارض حزب الله مرارا الدعوات الى تطبيقه بحجة توقف الامر على تطبيق الجانب الاسرائيلي له . في حين كهذا ـ كما قلنا ـ رأينا موقفا معاكسا تماما لما ظنه الكثيرون وعلى راسهم بري نفسه الذي اسقط في يده تحمل مسؤولية لا قبل له بها .
ان مقتضيات تفويض الأخوّة هذا ضمت في لائحة اعبائها نقل وزر تحمل اخطاء وقف إطلاق النار او استمراره الى فاتورة بري مع امكان حزب الله التخفي خلفها ، علاوة على فتح الباب على مصراعيه داخل حزب الله للتنازع حول جدوى عملية التفويض والفائدة العائدة منها ورائها مسلّمة بعض من طال بهم امد كظم الغيظ مفاتيح الانقلاب والتفلّت من قيود المجموعة.
ليس هذا فحسب ؛ لقد شق الطريق وأُثقلت المهمة على بري ومعه حزب الله الذي حاول المراوغة تكتيكيا علّه يجد فرصة التقاط الانفاس تمكّنه من التراجع غير المهين ونسج خيوط العودة من نافذة تجاوز الاخطاء السابقة ، بات مطلوبا من بري الان ان يجد حلا عاجلا ومرضيا لمسالة رئاسة الجمهورية ، حلّ بري هذا يجب أن يتجاوز عقدة الضغط الامريكي الذي يريد فرض رئيس يوافق هواه مستفيدا من حالة الضعف التي يرزح حزب الله تحت وطأتها في ذات الوقت الذي يناور فيه حزب الله للتخلص منها ، قوة الدفع لدى بري هذه يجب ان تفهم على انها قوة بري بعد خصم قوة تحالفه مع حزب الله القوي مضاف اليها ادراك الخصوم سواء الدوليين او الاقليميين او المحليين ان حزب الله وبالضرورة حركة بري فقدوا جزءا كبيرا من سطوة حضورهما .
استحقاق الرئاسة هذا الذي طلب من بري او أُجبر على تغيير مقاديره فجأة لا يضم في كفتي بري ثقل انجاز تراجع حزب الله عن مرشحه الذي بقي متمسكا به حتى اللحظة ، علينا ان ننتبه ان تفويض حزب الله ضم في نسيج تكتيكه تفويضا بوقف إطلاق النار لا غيره ؛ ما يعني ان امر انتخاب رئيس بعد وقف إطلاق النار لا قبله يشكل صخرة ضخمة ان لم يكن جبلا ينبغي على بري تحطيمه بأظافره ، لن أطيل ؛ سأكتفي بالتذكير بتكلفة محاولات وقف إطلاق النار في غزة ، لربما محاولة حزب الله الالتفاف على موقفه الرابط بين الساحتين زادت الامر تعقيدا ولم تخفف ، أكرر دون تفصيل ـ حيث لا مجال ـ لا مصلحة بوقف إطلاق النار لا لحزب الله ولا لحماس ولا لإسرائيل فلكل حساباته .
ان مهمة بري جالبة النحس له ولشعبه تحصر مسؤولية الاخطاء التي يستحيل تفاديها في وزنه هو مخلفة ورائها مجموعة من المتهربين الذين يعتاشون على اقتناص فرص المضمون واللعب حيث لا خسائر ودفع اصحاب الحاجات الى انجاز المهمات وانتظار فائض عملية عراك الضعيف " المحتاج " مع مجموعة اقوياء .
لقد وضع بري نفسه ـ حين قبل تولي المهمة ـ موضعا كهذا لن يتركه الزمن طويلا حتى يرى بنفسه دفعة اخرى تعود به الى ابعد من مسافة الرجوع . اتسائل كيف لمن يحكم عقودا ان يهوي بها بخطأ واحد ، ان تماسك البنيان وحكمة بناؤه تحصّنه من مخاطر الانهيار بل حتى الاذى ؛ غير أن هذا يقتضي مهارة الباني وصنعته . لقد رأينا كيف انتهت فزاعات العسكرة بلحظات، فما بالها وجوه السياسة ، السياسة لا تاتي بالعبث من فرضته صدفتها تزيحه صدفتها .
نبيه بري لن يستطيع إنجاز المهمة ، لقد فتح تفويضه النار على لبنان التي ستمدّ ألسنتها خارجه ، علينا ان لا تنسى مقاتلي حزب الله في سوريا ، قرار ابقاءهم او سحبهم لن يكون رخيص الثمن ، عناصر المعادلة هذه كلها وغيرها تتفاعل تحت مجهر اسرائيل التي تمسك عصا تعطيل دواليب كل ما لا يتوافق مع مصلحتها في وقف إطلاق النار من عدمه ، لقد اتقنت الظروف التي استغلتها اسرائيل من جعل محور يكسر ساقيه بيديه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد