ولي العهد يعيد نشر مقال للأمير الحسن بن طلال

mainThumb
صورة نشرها سابقا الأمير الحسين مع عمه الامير الحسن

11-10-2024 11:25 AM

عمان ـ السوسنة

أعاد الأمير الحسين بن عبدالله ولي العهد نشر مقال لسمو الأمير الحسن بن طلال المعنون بـ" إصلاح النظام الدولي: نحو نموذج إنساني جديد".

واستهل الأمير الحسين بن طلال المقال بـ"بينما انعقدت الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، يتميز المشهد العالمي الحالي بعدم اليقين والاستقرار العميقين، حيث يواجه النظام الدولي تحديات كبيرة مثل الصراع بين البشر، والحروب الحديثة وما تترتب عليها من عواقب وخيمة؛ والصراع بين الإنسان والطبيعة، بما في ذلك الأمراض وتغير المناخ؛ والكوارث التي من صنع الإنسان – وكلها تتجاوز الحدود الوطنية".

وأضاف أنه على الرغم من أن العالم قد نجا من صراع مسلح يشمل القوى النووية الكبرى، فقد شهدنا 150 "حربًا صغيرة" منذ عام 1945، معظمها في العالم الثالث.

وتابع "وفقًا لمؤشر السلام العالمي، يقف العالم عند مفترق طرق، حيث هناك 56 صراعًا مستمرًا – وهو العدد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. لا يحتاج العالم إلى حرب أخرى لصياغة نظام عالمي جديد. بدلاً من ذلك، يجب أن نسعى لبناء نظام يستند إلى التعاون، والتفاهم المتبادل، واحترام الكرامة الإنسانية المشتركة.

وطالب أن "يوجه الحوار السلمي والتعاون إنشاء مستقبل عالمي أكثر عدلاً واستدامة".

وإليكم مقال الأمير الحسن كاملا:

إصلاح النظام الدولي: نحو نموذج إنساني جديد

الأمير الحسن بن طلال

مع انعقاد الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، يتسم المشهد العالمي الحالي بعدم اليقين وعدم الاستقرار العميق، حيث يواجه النظام الدولي تحديات كبيرة مثل عداء الإنسان للإنسان، والحرب الحديثة وعواقبها الوخيمة، والإنسان ضد الطبيعة، بما في ذلك الأمراض وتغير المناخ، وكوارث من صنع الإنسان - وكلها تتجاوز الحدود الوطنية.

وعلى الرغم من أن العالم كان بمنأى عن النزاعات المسلحة التي شاركت فيها القوى النووية الكبرى، إلا أنه شهد 150 حرباً ”صغيرة“ منذ عام 1945، معظمها في العالم الثالث. ووفقاً لمؤشر السلام العالمي، فإن العالم يقف على مفترق طرق، حيث يشهد حالياً 56 نزاعاً جارياً - وهو أكبر عدد من النزاعات منذ الحرب العالمية الثانية. لا يحتاج العالم إلى حرب أخرى لتشكيل نظام عالمي جديد. بل يجب علينا، عوضاً عن ذلك، أن نسعى إلى بناء نظام قائم على التعاون والتفاهم المتبادل واحترام الكرامة الإنسانية المشتركة. ينبغي أن يكون الحوار السلمي والتعاون هما السبيل نحو بناء مستقبل عالمي أكثر عدالة واستدامة.

أُنشئت الأمم المتحدة في عام 1945، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بهدف رئيسي يتمثل في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وكما يوضح صنديب واسليكار في كتابه ”عالم بلا حرب: التاريخ والسياسة وحل النزاعات“، فإن الأمم المتحدة تجاهلت أهدافها المتعلقة بالسلام والأمن - وهي السبب الرئيسي الذي أنشئت من أجله.

لم تتحمل أي منطقة وطأة أوجه القصور والإجحاف الناجم عن فشل الأمم المتحدة في تحقيق السلام ونزع السلاح بقدر ما تحملته منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا (WANA). لقد أدى الفشل المستمر في معالجة الأسباب الجذرية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الراهن والتشرذم العام للمجتمعات إلى زعزعة النسيج الاجتماعي بشكل عميق في المنطقة؛ مما عزز الإنقسام والكراهية بدلاً من التعددية واحترام الكرامة الإنسانية. ورغم أنها تحمل اسم ”منظمة الأمم المتحدة“، إلا أنها تعمل كـ"منظمة حكومات متحدة". ولذلك، فقد حان الوقت لإحداث تحول جذري نحو "منظمة الشعوب المتحدة" التي يقودها المجتمع المدني، والتي من شأنها تمكين الأفراد والمجتمعات من أن يصبحوا أصحاب القرار بشأن مستقبلهم.

النظام الإنساني الدولي الجديد

في ثمانينيات القرن الماضي، قاد الأردن الدعوة إلى تطبيق نظام إنساني دولي جديد. وانضم 28 عضواً، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمن الستة، إلى هذه الدعوة، حيث أعطينا الأولوية لصون كرامة كل إنسان وحقه في الحياة والأجيال القادمة. وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 120 في دورتها الثانية والأربعين في عام 1987 بأهمية مواصلة تطوير إطار دولي شامل يأخذ بشكل كلي المواثيق القائمة المتعلقة بالمسائل الإنسانية وكذلك الحاجة إلى معالجة الجوانب التي لم يتم تناولها بشكل كافٍ بعد. وتبرز أهمية ذلك بوجه خاص أثناء الحروب والنزاعات.

يهدف تنفيذ نظام إنساني دولي جديد إلى تجاوز قيود الإطار الدولي الحالي من خلال التركيز على الإعتماد المتبادل بين الدول، والتقارب الثقافي، والتركيز المتجدد على الكرامة الإنسانية والحق في الحياة للأجيال القادمة. ومن خلال إعطاء الأولوية لهذه المبادئ، يمكن للنظام الجديد أن يمهد الطريق أمام نظام عالمي أكثر عدلاً واستقراراً واستدامة.

في صميم هذا النظام يجب أن يندرج مبدأ مسؤولية الحماية (R2P). وهو معيار دولي يسعى إلى ضمان عدم تخلف المجتمع الدولي مرة أخرى عن وقف الجرائم الجماعية الوحشية ضد الإنسانية. ومع ذلك، فقد فشلنا في الاعتراف بمسؤولية الحماية والاحترام على حد سواء.

إن مبدأ الإنسانية الجديد يجب أن يصبح بالفعل حجر الزاوية في صنع السياسات الوطنية والدولية. سوف يؤكد هذا المبدأ على الكرامة والحقوق المتأصلة لجميع الأفراد، مما يضمن أن السياسات لا تعزز الإغاثة الفورية فحسب، بل الاستقرار على المدى الطويل أيضاً.

في عام 2005، قامت الأمم المتحدة في مؤتمر القمة العالمي باعتماد المسؤولية عن الحماية (R2P). وبتعزيز المسؤولية عن الحماية من خلال المسؤولية عن الاحترام، سوف تكون الحكومات ملزمة بمعالجة أوجه عدم المساواة الممنهجة، والسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة، وتعزيز الظروف التي تعطي الأولوية للكرامة الإنسانية، وبالتالي المساعدة في منع نشوب الصراعات. ويمكن لمثل هذا الالتزام أن يوجه أطر السياسات، ويخلق ظروفاً للسلام ترتكز على الاحترام والإنصاف والمسؤولية المشتركة.

كسر دائرة العنف: الحوار الشامل والحلول المستدامة

يتطلب كسر دائرة العنف في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا نهجاً شاملاً ومتعدد الأوجه، وهو نهج يعالج النزاعات المباشرة والقضايا الهيكلية الضمنية أيضاً. إن الافتقار إلى المؤسسات الإقليمية التي يمكن أن تعزز الحوار والتعاون هو في الواقع تحدٍ رئيسي، ويمكن أن يوفر إنشاء مثل هذه الهيئات الأساس لسلام دائم.

إن اللامركزية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) في حد ذاتها خطوة إلى الأمام. واستكمالًا لمقترح إنشاء منظمة الشعوب المتحدة، فإن إنشاء جمعية لمواطني المشرق - على غرار جمعية مواطني هلسنكي - من شأنه أن يساعد في معالجة الأسباب الجذرية للعنف وتعزيز الحوار الإقليمي. ومن خلال إنشاء منصات إقليمية للخطاب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فإن هذا الكيان من شأنه تمكين الأصوات المحلية والسماح لكل منطقة بالتعبير عن وجهات نظرها وتحدياتها وطموحاتها الحقيقية. ويمكن لهذه المؤسسات أن تكون بمثابة منصات لحل المشاكل المشتركة حول قضايا مثل الأمن والتكامل الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. ومن شأن هذه المؤسسات أن تشجع الحوار بين أصحاب المصلحة المتعددين، وتجمع بين الحكومات والمجتمع المدني لمناقشة الحلول السياسية واستراتيجيات السلام.

وبعبارة أدق، سوف يكون إنشاء مؤسسات إقليمية قوية أمراً حيوياً لمعالجة الجمود الذي يعيق التقدم نحو السلام الدائم. ومن شأن هذه المؤسسات أن توفر منابر للحوار، وتعزز التعاون، وتساعد على التصدي للتحديات المتعددة في المنطقة من خلال تبني نهج مشترك قائم على الإحترام المتبادل والكرامة الإنسانية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد