وصف كتاب كليلة ودمنة

mainThumb
كتاب كليلة ودمنة

10-10-2024 10:04 PM

السوسنة- ألف الفيسلوف الهندي بيدبا كتاب كليلة ودمنة، والذي يتضمن مجموعة من الحكايات والقصص التي تلعب الحيوانات دور البطولة فيها، ويحتوي الكتاب الكثير من الحكم، والعبر، والأخلاق والسياسة وشؤون الحكم، وقد تم ترجمة الكتاب إلى العديد من اللغات لينتشر على نطاق واسع في كافّة أنحاء العالم، أمّا النسخة العربية المعتمدة فهي نسخة ابن المقفع الذي قام بترجمتها عن النسخة البهلوية.

وصف الكتاب
تضم كليلة ودمنة مجموعة من الخرافات والقصص والحكايا الأخلاقية التي تدور حول الطيور والحيوانات. تروي القصة أنّ طبيبًا يُدعى برزوية قام بناءً على طلب ملك بلاد فارس بالحصول على نباتات لن يجلب عصيرها الصحة للمرضى فقط، بل أيضاً يجلب لهم الخلود. في نهاية القصة، يكتشف الطبيب أنّ مثل هذه النباتات ما هي إلا رمز للحكمة التي تساعد الإنسان على تحقيق الحياة الأبدية. وعندما أخبر برزوية الملك باكتشافه، أمر الملك بجمع جميع كتب الحكمة من كل المواطنين والرحالة. ويقال أن كتاب كليلة ودمنة كان من ضمن كتب الحكمة هذه.

في رواية أخرى، أُرسل الطبيب برزوية من قبل الشاه الفارسي إلى الهند للعثور على عشب يُعطي آكله الحياة الأبدية، لكنّ الطبيب عاد بنسخة من رواية الفصول الخمسة (Panchatantra) أو كليلة ودمنة، وقد أخبر الشاه أنّ هذا الكتاب كالعشبة المعجزة، فهو يُقدّم للقارئ حكمًا عظيمة.

يُعرف كليلة ودمنة في أوروبا منذ عام 1481م باسم (The Fables of Bidpai). وقد عبر مختلف الثقافات القديمة بأكثر من طريقة؛ شفوياً وكتابةً، وتُعرض فيه قصص الحيوانات كطبقات متعددة ومتشابكة، إذ إنّ القصة الواحدة تؤدي إلى قصةٍ أخرى، وأحيانًا إلى ثلاث قصص أو أربع.

سبب كتابته
يرجع سبب كتابة كليلة ودمنة إلى ثلاثة أمراء شُبّان كان والدهم ومعلّموهم قد أُصيبوا باليأس نتيجة عدم إتقانهم للأساسيات التي تؤهلهم للحكم لاحقًا، ما دفع الملك إلى تكليف وزيره الحكيم للاهتمام بهم وتزويدهم بالمعرفة والدروس. حينها، بدأ الوزير بكتابة الحكم على شكل قصص على لسان الحيوانات بشكلٍ ميسّر وسهل الفهم، وممتع ومشوق في آنِ واحد. وبعد مرور ستة أشهر، كان الأُمراء في طريقهم للحكمة التي تؤهّلهم فعلًا لتولّي الحكم.

انتشار كتاب كليلة ودمنة
يعد كتاب كليلة ودمنة من أكثر الكتب انتشارًا وتأثيرًا في تاريخ البشرية. تجاوزت كليلة ودمنة اللغات والثقافات والأديان، وانتقل الكتاب من الهند عبر الشرق الأوسط إلى قارة أوروبا وخارجها. تم نقل كليلة ودمنة من السنسكريتية عبر الفارسية الوسطى والعربية إلى اللغات السريانية واليونانية والعبرية واللاتينية وغالبية اللغات العامية الأوروبية، وكذلك لغات الشرق الأدنى وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا. تغير سياق الكتاب الاجتماعي والديني من الهندوسية إلى الزرادشتية (الفارسية)، إلى الإسلام، ومن ثم المسيحية. يُعد كليلة ودمنة من أوائل الكتب العربية التي عكست نظرية المعرفة الخاصة بها، كما أنّها أول رواية لقصص خيالية دنيوية لا يوجد لها ارتباطات روحانية.

أبرز الترجمات
كُتب كليلة ودمنة أساسًا باللغة السنسكريتية، وقد تمت إعادة ترجمته وصياغته على مر العصور. فقد تُرجم إلى الفارسية، المغولية، الماليزية، الإثيوبية، العبرية، اليونانية، اللاتينية، الإسبانية، الإيطالية، الفرنسية، الألمانية، والعديد من اللغات. تُرجم الكتاب من قبل الشاه الفارسي إلى لغة بهلوي، وهي لغة فارسية قديمة. وبعد ثلاثمائة عام، قام ابن المقفع بترجمتها إلى العربية. وبسبب ضياع النسخ القديمة من الكتاب، فقد تم اعتماد ترجمة ابن المقفع كمرجع أساسي لباقي الترجمات والتحليلات الأدبية. تُعد الترجمة التيمورية من أفضل الترجمات وأبرز التنقيحات. بعد ترجمة ابن المقفع النسخة البهلوية إلى العربية؛ انتشر هذا العمل بشكل كبير. تم ترجمة العمل إلى التركية في القرن الرابع عشر، وتم تقديم كليلة ودمنة إلى السلطان العثماني سليمان القانوني وعبد الحميد الثاني بعنوان حميان نعمة.

التعديلات وإعادة تشكيل القصص
مرت كليلة ودمنة بالعديد من التغيرات والتعديلات بسبب ترجمتها إلى العديد من اللغات. قام المترجمون ببعض الإضافات بما يتناسب مع ثقافة كل دولة وما يخصها. تم مراجعة القصة بشكل كبير في القرن السابع، عندما ترجمها ابن المقفع من الفارسية (البهلوية) إلى العربية. تم اعتماد الترجمة العربية كترجمة أساسية، وبناءً على الأخطاء في النسخ المتكررة، فقد تم إعادة الترجمة العبرية من النسخة العربية (ترجمة ابن المقفع لكتاب كليلة ودمنة) مرة أخرى.

الهدف من الكتاب
يوجد عدة أهداف لكليلة ودمنة من وجهة نظر ابن المقفع، وأبرزها:
- إشراك الشباب بالحِكَم والعِبر من خلال الحكايا الحيوانية.
- إشراك الفلاسفة أيضًا بالحِكَم التي تحتويها حكايا الكتاب.
- إسعاد الأمراء؛ وذلك باعتماد الكثير من الرسوم الإيضاحية أثناء سرد الحكايا.
- تشويق عامة الناس في الحصول على النسخ الخاصة بهم من الكتاب؛ لما يتضمنه من معلومات وأفكار تهم الرسّامين والكُتّاب وغيرهم.

المواضيع التي يعالجها الكتاب
فيما يأتي أبرز المواضيع التي يعالجها كليلة ودمنة:

1. السياسة: وُصف كتاب كليلة ودمنة بالكتاب الأخلاقي والسياسي، إذ إنّه يناقش الطريقة التي يجب أن يتصرف بها الحكام والوزراء وغيرهم. يصف مؤهلات المدير التنفيذي المثالي (الحكام والوزراء)، العلاقة بينهم، وكذلك العلاقة بينهم وبين الحكومة والدولة ككل. كما يتناول المسافة والقرب من مصدر السلطة والمبادئ الأساسية التي تؤدي إلى استمرارية السلطة.

2. الأخلاق: يتناول الكتاب أيضًا مفاهيم الجشع، الأنانية، العدالة، الشجاعة، الإخلاص، الرحمة، وغيرها من الأخلاق اللازمة لاستمرار الحياة اليومية بشكلٍ سليم.

3. الحِكَم: يحتوي كليلة ودمنة على معلومات حكيمة تدعو الحاكم إلى التصرف بذكاء عند اختيار الوزراء مثلًا؛ إذ يجب أن يتصفوا بالعقلانية ويُساهموا في الحفاظ على المصالح العامة فوق المصالح الشخصية.

دلالات ورموز كتاب كليلة ودمنة
يحتوي الكتاب على العديد من الرموز، إذ يرمز كل حيوان إلى نوع واحد من البشر. يرمز الحاكم بالأسد، والوزير بابن آوى. كليلة ودمنة كلاهما ابن آوى؛ كليلة هو رمز الصدق، بينما دمنة هو رمز الكذب. الحمار يرمز إلى صفاء الذهن، وطائر الرفراف يرمز إلى المكر والخيانة، والضفدع يرمز إلى الأشخاص المشاكسين المتهورين. كما يمثل الغراب والفأر الأشخاص الخجولين. هذه الخرافات تعكس الحياة الواقعية لأنها تقوم بعكس شخصيات مختلفة من الحياة البشرية.

في هذا الكتاب المعروف باسم حكايات بيدبا ، كان بيدبا يقوم بنقل أخلاقه وإدراج الحكمة في الحكايات التي تكون الحيوانات الشخصيات الرئيسية فيها. لأنّ الحيونات هي أبطال هذه الحكايات، تمكّن المؤلف من توجيه الانتقادات والاقتراحات التي لا يمكن طرحها بشكل علني على الحكام ورجال الحاشية والمجتمع ككل. أثناء البحث عن حلول لمشاكل الناس والمجتمع، يقترح الكتاب حلولًا بديلة لطرح قضايا الفساد والرشوة والتدمير من خلال حكايات وروايات وقصص يكون أبطالها الحيوانات.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد