التاريخ الذي يتكرر

mainThumb

09-10-2024 10:07 PM

لا أتعجب حينما ننظر إلى الواقع بمنظور أن نهاية العالم اقتربت بمجرد وجود حرب قائمة تتوسع. بل أسمع كثيرًا من الناس يقولون إننا بالفعل قد وصلنا إلى نهاية المطاف من الجبروت واحتلال أوطان جديدة من قبل كيان صهيوني لديه مخططات رسمها منذ عشرات السنين، حاول من خلالها القضاء على غزة والضفة، وتدميرهما واحتلالهما، ومن ثم تنفيذ مشروع التهجير، مع المزيد من خنوع العرب والمسالمة. وكأننا في أوهن العمر عاجزون عن التعبير أمام حالات النزوح والقتل وانتهاك أراضٍ عربية، وكأننا لم نتذكر أزمات الحروب السابقة.

نسمع آراء السياسيين والمحللين في محاولة لشرح ما يحدث، ويريدون أن تتعدد الروايات لأجل أن يُسجل التاريخ حسب الميل الفكري المنحاز لجهات معينة. والنتيجة هي ضياع المواطن العربي المنقسم بين أطراف عديدة، منها طائفية، عقائدية، مقاومة، وأحزاب. ومع كل هذا، لم نفهم ما يحدث في واقعنا. فهناك مفاجآت سياسية في الأمم المتحدة وخلف الطاولات، تدخل من باب واسع وتخرج علينا من باب ضيق، بقرارات حربية انتقامية بطائرات F16.

بينما يسمعنا أحد الكبار البسطاء، "أكابيرنا آباؤنا وغيرهم من ذوي التجربة الأكبر والأكثر عمرًا"، ممن عاصروا أزمنة المعارك في حرب 1948 و1967 وشاهدوا بأم أعينهم تلك الحروب والقتل والنزوح. أكابيرنا يبتسمون حينما نتحدث عن الحروب الجارية الآن، بل يقولون في سرديات تاريخية لم تُكتب في كتب التاريخ، بل رُسخت في عقول أبطالنا المحاربين القدامى. في ذلك الزمن، كان الناس أيضًا يتحدثون بأننا قد وصلنا لآخر الدنيا، وأن هذا لم يحدث من قبل مع خذلان وخنوع العرب. وبعدها عاصرنا الحرب العراقية الأمريكية، وقلنا نكسة جديدة للعرب، واعتقدنا أننا قد وصلنا أيضًا لنهاية الدنيا واحتلال جديد. بل غيّر الربيع العربي معالم أوطان إلى الأسوأ، وما زلنا في حالة إحباط تجاه المشهد العربي الذي يتكرر.

ونعود إلى أكابيرنا الأكثر معاصرة للتاريخ؛ فقد كانت إذاعة لندن هي المرجعية التي يُؤخذ منها الأخبار، حسب قولهم. بينما تُحشد لنا قنوات، لكل قناة مهمة توجيه الشعوب من فكر إلى آخر حسب رؤية وميول سياسية وطائفية. ومع ذلك، نجد أن حديث الكبار يغني عن تلك القنوات، فهم يرون أن التاريخ يتكرر بنفس المخططات التي رُسمت من قبل. ما حدث في حرب 1948 وغيرها يشبه ما يتكرر الآن، بفارق قوة السلاح والتكنولوجيا، بينما النتيجة واحدة: مجازر ونزوح.

رغم كل ما يحدث، هناك عقيدة متينة وراسخة بأن الأرض لأهل فلسطين، وما زالوا يتمسكون بها ويدافعون عنها إلى الآن. سيتكرر التاريخ، وسيفشل الكيان حتى لو طال الأمد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد