نعيم قاسم يتحدث بالأبيض والاسود

mainThumb

09-10-2024 08:51 PM

يشابه تصريح نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الاخير تصريح حسن نصرالله الاخير من حيث مضمونه المحشو بشعور الهزيمة والخذلان وضجيج ألسنة الشماتة وقسوة لغة التراجع والرضا بالواقع ؛ لكنه يختلف معه من حيث زيادة التلميح في نظر البسطاء والتصريح في نظر غيرهم بالرضا بمآلات الاحوال والتحول عن لغة التهديد والقوة والمدعومة التي تستند على امتداد شبكات التحالفات الداخلية والخارجية الى لغة التودد والاثبات بكلمات اليوم معنى مغايرا لكلمات الأمس.

لقد انكشف في تصريح قاسم مالم ينكشف في تصريحات نصرالله الممتدة على طول جبهة المناكفات والنكايا بين اقطاب السياسة اللبنانية والاقليمية والدولية ، لقد بان ـ علاوة على حقيقة الخذلان وادارة الظهر من قبل ايران التي بدت واضحة حين قال : بأن " ايران هي من تقرر كيف تدعم ومتى تدعم " كاشفا بذلك سيرة طويلة من معارك الاخذ والرد بين اقطاب البنيان الافقي والعمودي داخل الحزب وداخل جبهات القتال المعروفة والمعنية بوحدة الساحات ومعارك هؤلاء مع خصومهم ، كانت تصبّ كلها في ميدان المراهنة على مصير المعارك وتقهقر اسرائيل امام ضربات الترجيح الإيرانية بل كان البعض يراهن على انها ستكون ضربات قاضية.

لم يقتصر امر نشر الفضائح على هذا الحد ؛ لقد سار بعيدا عن المألوف والمتوقع حين تكشّف لنا خلافا جوهريا بين الحزب من جهة وحركة أمل من جهة اخرى ، وهوما لم يكن في حسبان كل المراهنين حتى اسرائيل ذاتها ؛ لقد صرحت ـ بالنسبة لنا ـ عبارات قاسم التى تولت تنصيب نبيه بري مكانة الاخ الاكبر التي فهمنا منها نزولا عن تحد واصطدام مع بري ذاته واقطاب حركته ناشيء عن بيئة مزدوجة معقدة من الخلافات داخل حزب الله ذاته تخص نواح عدّة كان التحدي وامساك زماما القيادة محلا لها حتى انتهى بقاسم وحزبه الى التسليم بالرضوخ.

الاخ الاكبر ـ وفقا للمهمة المسندة ـ وبقراءة هذا التصريح مع البيان الثلاثي: ميقاتي بري جنبلاط وتعليق جنبلاط على تصريحان وزير الخارجية الايراني سيتولى مهمة المساومة التي تسير ضد رغبة ايران وبما يشتهيه خصوم حزب الله من الابتعاد عنها بغية الاستفراد به والانقضاض عليه بعد انقسامات عدّة ستطال اركانه بفعل ضعف قوته وانقيادها الى ايدي الحلفاء الذين باتوا يعادلون الخصوم في نصب افخاخ السيطرة وإن كان سلاحها الاخذ باليد والسير بتعقّل نحو تأمين مهرب مناسب.

لن تطول الايام قبل أن نرى ولادات جديد لزعامات جديد تركب قطع حزب الله المتناثرة هنا وهناك بفعل الانفكاك عن ثوابت ساحاته وتراجع مبدئيتها وترك حلول القتال لصالح مراوغي السياسة ، المقاتل لا يعرف حلول الوسط فان عرفها انتهى.

ان تسليم زمام أمور حزب الله الى نبيه بري بهذا الشكل تحت ستار حماية لبنان والخوف من خسارة حزب الله للداخل اللبناني ، خسارة بمعنى نزع سلاحه وانهاؤه كقوة عسكرية ومن ثم سياسية بطبيعة الحال وتركه لقمة سائغة لخصوم الداخل ، خوفه من خسارة الداخل هذا وعدم مبالاته بخسارة الحرب مع اسرئيل وضعه في فخ التنازلات التي تمكن الجميع من تسديد الضربات له وقد كانت خطوة تسليم بري مصير الحزب بمعنى تفويض لفعل ما يراه مناسبا لبقاء الحد الادنى من قوة الحزب داخليا ـ مع القبول باي قرار يمكن الوصول اليه مع اسرائيل مهما بلغت كلفته ـ وهو بطبيعة الحال لن يستطيع.

فيما رأينا : لم يخف قاسم اعلان الهزيمة في ذات الوقت الذي حاول فيه اثبات جدارة الحزب وتماسكه وقدرته على الاستمرار ، من يملك القوة لا يسكت ولا ينتظر بل يضرب بأقصاها ، ومن يمتلك قوة ـ مهما كان نوعها وشكلها ـ يظهرها ولا يخفيها . لقد تلقف الجيش الاسرائيلي ملامح الوهن هذه بتصريح حول مكتبرة قاسم والتدليل بشحوبه ؛ في حين كانت كلمات قاسم ذاتها تنمّ عن حاله ولاحاجة للنظر في صورته.

قلنا مرات ومرات أن الصبر لايجدي كثيرا ؛ سيما مع طول الصبر عليه ؛ فالصبر على الصبر هزيمة، لقد كن بوسع حسن نصرالله ان يتفادى مقتله لو ألقى صبره وإن تهوّر.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد