ما الفرق بين لا الناهية ولا النافية

mainThumb
لا الناهية ولا النافية

07-10-2024 09:52 PM

السوسنة- تعتبر "لا" من الأدوات المهمة في اللغة العربية، حيث تُستخدم في سياقات متعددة تعكس معاني مختلفة. من بين أهم استخداماتها تأتي "لا النافية" و"لا الناهية"، وهما نوعان يختلفان في الدلالة والغرض. تُستخدم "لا النافية" لنفي الجمل، أي لإزالة أو نفي حدوث الفعل أو وجود الشيء. أما "لا الناهية" فتهدف إلى النهي عن فعل معين، مما يعني أنها تستخدم للتعبير عن عدم الرغبة في حدوث فعل ما.

إنّ الفروقات بين لا النافية ولا الناهية كثيرة منها فروق من حيث التعريف، ومن حيث نوع الجملة، ومن حيث تصريف الكلمة التي بعدها، ومن حيث الإعراب، وتفصيلها فيما يأتي.

1.من حيث التعريف
-لا الناهية الجازمة: هي "لا" التي تفيد معنى الأمر بالكف عن القيام بفعلٍ معيّن، وذلك على نحو: لا تُغلقْ الباب، ففي الجملة السّابقة أمرٌ بعدم إغلاق الباب.
-بينما لا النافية: هي "لا" التي تسبق الفعل أو الاسم، وتفيد نفي حدوثه، وذلك نحو: لا يدرسُ الطالبُ، فـ "لا" في الجملة السّابقة أفادت نفي دراسة الطّالب، وكذلك أيضًا نحو: لا رجل في الدّار، "لا" هنا أيضًا أفادت نفي وجود الرجل في الدّار، فالفرق بين لا الناهية ولا النافية من حيث المعنى أنّ لا الناهية تفيد الأمر بالكفّ عن القيام بفعل معيّن، بينما لا النافية تفيد نفي حدوث أمر أو وجود أمر معيّن.

2.من حيث نوع الجملة
تدخل كلّ من لا الناهية الجازمة ولا النافية على نوع معيّن من الجمل، وذلك على النحو الآتي:
-لا الناهية الجازمة: تدخل على الفعل المضارع فقط، وذلك نحو: لا تُغضبْ والدك، ولا تُهملْ دروسك، ولا تُزعجْ معلّمك، فجميع الجمل السّابقة قد أفادت فيها "لا" معنى النهي أي "الأمر بالكف عن أداء فعل ما".
-لا النافية: تدخل على كلّ من الجملتين الاسميّة والفعليّة سواء أكان فعلها ماضيًا أم مضارعًا، وذلك على نحو: لا أكرم الله مَن أساء لجاره، ولا أدرس في الضجّة، فجميع ما سبق ذكره من جملٍ هنا قد أفاد معنى نفي الأمر وحدوثه.

3.من حيث تصريف الكلمة التي بعدها
يختلف وضع الكلمة وتصريفها بحسب نوع "لا" التي تسبقها، ويكون الفرق بينهما كالآتي:
-لا الناهية الجازمة: إنّ لا الناهية الجازمة لا تدخل إلّا على الفعل المضارع كما قد سبق وذكر، فتؤثّر في حركته وتجزمه، وذلك نحو: لا تُغضبْ الله، ولا تهملوا دروسكم، ولا ترمِ الأوساخ على الأرض، ولا تؤذِ الآخرين، فـ "لا" في جميع الجمل السّابقة هي ناهية جازمة دخلت على الفعل المضارع، وأفادت طلب الكف عن فعل أمر ما، فجزمت الفعل المضارع وغيّرت حركته.
-لا النافية: كما سبق وذكر لا النافية تدخل على كلّ من الجملتين الاسميّة والفعليّة فإذا دخلت على الجملة الفعليّة لا تؤثّر على الفعل الذي يليها بشيء، فيبقى على حاله، وذلك نحو: لا ينجو إلّا من عمل صالحًا، ولا يكذبُ إلّا المذنب، ولا أراك الله شرًّا، فـ "لا" في الجمل السّابقة نافية، قد أفادت معنى نفي حدوث أمرٍ ما، لكنّها لم تحدث أي تغيير فيما بعدها، فالفعلان "ينجو ويكذب" بقيا على الرفع، والفعل "أراك" بقي ماضيًا مبنيًّا على الفتح أيضًا ولم يصبْه أي تغيير.

وإذا دخلت على الجملة الاسمية فإمّا أن تكون نافية عاملة عمل ليس، وذلك على نحو: لا رجلُ مسافرًا، وهنا ترفع المبتدأ وتنصب الخبر كما الأفعال الناقصة.

أو نافية للجنس عاملة عمل إنّ، وذلك على نحو: لا إكراه في الدّين، وهنا تنصب المبتدأ وترفع الخبر كعمل إنّ.

أو نافية غير عاملة، وذلك على نحو: لا الحياةُ باقيةٌ، وهنا لا تُحدث أي تغيير في الضّبط.

4.من حيث الإعراب
يختلف إعراب لا النافية ولا الناهية، وفيما يأتي توضيح ذلك:
-إعراب لا الناهية: إذا جاءت "لا" ناهية جازمة يليها فعل مضارع مجزوم تُعرب "لا ناهية جازمة"، وذلك على نحو قولهم: لا تغلقوا الأبواب، فلا هنا ناهية جازمة، والفعل تغلقوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون من آخره لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والألف للتفريق.
-إعراب لا النافية: للا النافية أعاريب عدّة تختلف باختلاف سياق الجملة وما يجيء بعدها، وفيما يأتي توضيح ذلك:
1.إذا تلاها فعل تُعرب نافية لا عمل لها: وذلك على نحو: لا يقصّر العامل في عمله، لا: نافية لا عمل لها.
2.إذا تلتها جملة اسميّة من مبتدأ وخبر، تُعرب نافية لا عمل لها: مثل قولهم: لا الجودُ مُفقرٌ ولا الإقدامُ قتّال، فلا هنا نافيه مهملة أو لا عمل لها.
3.إذا تلاها اسمٌ منصوب وخبرٌ مرفوع تُعرب نافية للجنس عاملة عمل إنّ: وذلك على نحو: لا رجلَ في الدّار، لا: نافية للجنس عاملة عمل إنّ.
4.إذا تلاها اسمٌ مرفوع وخبرٌ منصوب تُعرب لا نافية عاملة عمل ليس: وذلك على نحو: لا منزلُ معمورًا، لا: نافية عاملة عمل ليس.

أمثلة على لا النافية ولا الناهية
فيما يأتي أمثلة توضيحيّة على لا النافية والناهية من الشعر العربي الفصيح:
فلا ثوبَ مجْدٍ غير ثوبِ ابن أحمدِ
على أحدٍ إلّا بلُؤمٍ مُرقّعُ
لا: نافية للجنس عاملة عمل إنّ.

مَنْ صدَّ عن نيرانها
فأنا ابنُ قيسٍ لا براحُ
لا: نافية عاملة عمل ليس.

لا باركَ الله في الغواني
هل يُصبحْنَ إلّا لهنّ مُطّلبُ؟
لا: نافية لا عمل لها "جاء بعدها فعل ماض".

يقولون لا تبْعدْ وهمْ يدفنونني
وأينَ مكانُ البعدِ إلّا مكانيا؟
لا: ناهية جازمة.

قواعد للتمييز بين لا النافية ولا الناهية
للتفريق بين لا الناهية الجازمة يُنظر إلى أمرين، الأوّل المعنى الذي أفادته "لا"، والثاني الكلمة التي جاءت بعد "لا".

1.لا الناهية الجازمة
في قولهم: "لا تحزنْ فالله ناظر" هنالك ثلاث مسائل:
-أفادت لا الأمر بالكفّ عن فعل معيّن: فقد أفادت الطلب، فـ "لا" في الجملة السابقة أفادت الأمر بالكف عن الحزن.
-أتت لا مع الفعل المضارع الذي يحتوي على ضمير المخاطب أو ما ينوب عن ضمائر المخاطب: فالفعل "تحزن" فعل مضارع فاعله أنتَ، وهو من ضمائر المخاطب.
-جزمت لا الفعل المضارع: فالفعل المضارع "تحزنْ" هو فعل مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهرة.

2.لا النافية
في قولهم: لا رجل في الدّار، لا أراك الله بأسًا، لا يلعب الطفل بالكرة، هنا في الأمثلة السابقة ثَمّ مسائل منها:
-أفادت "لا" النافية نفي أمرٍ ما ولم تُفِد الطلب: ففي الجملة الأولى نفت "لا" وجود الرجل في الدار ولم تنهَه عن ذلك، وفي الجملة الثانية أفاد النفي الدعاء، وفي الجملة الثالثة أفادت "لا" نفي لعب الطفل بالكرة ولم تفِد نهيه عن ذلك أيضًا.
-تكون "لا" التي تسبق الجملة الاسميّة لا نافية: ففي الجملة الأولى جاء بعد "لا" جملة اسميّة، وعليه تكون "لا" نافية.
-تكون "لا" التي تسبق الفعل الماضي لا نافية: ففي الجملة الثّانية جاء بعد "لا" فعلٌ ماضٍ، وعليه تكون "لا" نافية.
-تكون "لا" التي تسبق الفعل المضارع نافية إذا ما كان ضمير الفعل المضارع المتكلّم أو الغائب: ففي الجملة الثالثة جاء بعد "لا" فعل مضارع ، وهو "يلعبُ" وضميره عائد على الطفل أي "هو"، وهو من ضمائر الغائب، وعليه تكون "لا" نافية.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد