نتنياهو من حرب الحدود الى حرب الوجود

mainThumb

06-10-2024 02:57 PM

اختراق إسرائيل لمنظومة القيادة في حزب الله رغم خطورتها وأهميتها الاستراتيجية في منظومة المواجهة التي وضعت إسرائيل نفسها بها , إلا أنها لا تُفهم إلا في سياق الاعداد المستمر للقضاء على الحزب.

منذ لحظة اقتحام المقاومة في غزة المستوطنات في جنوب فلسطين المحتلة , كان سيناريو اقتحام حزب الله لمستوطنات شمال فلسطين حاضراً في العقلية العسكرية الإسرائيلية.

حسن نصر الله في خطابه الأول بعد حدث السابع من تشرين الأول , وضع معادلة مع العدو الصهيوني في حالة المواجهات شبه المفتوحة بين الطرفين ملخصها : (العسكري مقابل العسكري والمدني مقابل المدني ).

ومع ذلك وبالرغم من استهداف إسرائيل لكلّ ما تدبّ به الحياة في لبنان مع كل حجر على الأرض اللبنانية , إلا أنّ صواريخ الحزب لا زالت تصر على كسر هذه المعادلة لغاية اللحظة.

الإسرائيليون في مرمى صواريخ الحزب , الا أنّ الحزب حتى لحظة اغتيال حسن نصر الله , كان يهدف بمناورات مفرطة الى تجنّب وحشية إسرائيل في حربها , وحاول تجنّب مواجهات مباشرة في حرب مفتوحة مع إسرائيل.

إسرائيل دولة ومجتمع ومؤسسات وأفرادا , يصطفّون خلف عملية ( سهام الشمال ) على لبنان , باندفاع مشابه تماما لما شهدته احداث السابع من تشرين الأول بمستوطنات الجنوب لفلسطين المحتلة.

مع العلم أنّ الحزب لم يخطو كخطوات المقاومة في غزة من حيت الجرأة والتنفيذ على الأرض , بل بقي محافظا على نفسه داخل حدود دولة لبنان , إلا أنّ إعلانه انه يمثل جبهة اسناد لغزة , وتسببه بنزوح عشرات الألاف من المستوطنين الإسرائيليين في شمال فلسطين المحتلة , هو المقتل لنتنياهو وحكومته.

الناظر لنتائج المواجهات الجارية في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة , يجد أن نزوح عشرات الالاف من المدنيين اللبنانيين هي النتيجة الأهم في خضم الاحداث , ونستطيع فهم الأمر من حيث العقلية الإسرائيلية , ان عودة المدنيين اللبنانيين الى قراهم ومدنهم مرتبطة بعودة المستوطنين الاسرائيليين الى مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة , ولا يتحقق ذلك كضمان مباشر لنتنياهو الّا بعودة الحزب وسلاحه عن حدود فلسطين المحتلة.

إسرائيل نجحت باختراق الحزب وكوادره , اكثر من نجاحها باختراق المقاومة وكوادرها في غزة , فكان السؤال الأهم واللغز الأكبر , لماذا نجحت إسرائيل في اختراقها للحزب بينما فشلت في اختراق المقاومة في غزة ؟!.

السؤال عن الأمن القومي الإسرائيلي الحدودي قبل السابع من تشرين الأول , يجيب على هذا اللغز الكبير , فالأمن القومي الإسرائيلي قبل السابع من تشرين الأول كان منصباً على حدود لبنان شمال فلسطين المحتلة , وسيناريو اقتحام الجليل , هو السيناريو المسيطر على العقلية العسكرية الإسرائيلية , وتعمل عليه ليل نهار في السنوات الأخيرة , وهذا هو المبرر الرئيسي في شنّها ضربات استباقية على الحزب وكواده طيلة الفترة الماضية.

لكن السابع من تشرين الأول , جاء من جنوب فلسطين المحتلة وليس من شمالها , في مفاجئة على المستوى الاستراتيجي الإسرائيلي الاستخباري والسياسي , مما أقحم إسرائيل اجباراً في حرب انتقامية كبرى على غزة بدون خطة واضحة لا من حيث الأهداف العامة ولا من حيث هندسة خطة الخروج من الحرب.

وذلك أن الخطة التي تناور بها إسرائيل في غزة حاليا هي الخطة العسكرية الموضوعة لحزب الله في شمال فلسطين المحتلة ,وليس للمقاومة في جنوب فلسطين المحتلة , وهذا يفسّر تماما لماذا إسرائيل أكثر نجاحاً في استهدافها للحزب , قيادة وكوادر وقواعد من نجاحها في استهداف المقاومة في غزة من حيث القيادة والكوادر, رغم الدمار والأرض المحروقة التي جعلتها إسرائيل عنوان حربها في غزة.

إسرائيل تتنقل الآن بين شمال فلسطين المحتلة وجنوبه وهي تحمل بندقيتها على كتفها , في مسار مواجهات لا نعرف حتى اللحظة إلى أين يمكن أن ينتهي بالإقليم برمته.

اندفعت إسرائيل في هذه المواجهة الى التوسّع شمالا وجنوبا, بهدف إقامة مناطق عازلة في الشمال والجنوب عنوانها ( حدود المستوطنات وأمنها ) , وهو الهدف الذي لن تتراجع عنه إسرائيل حسب رأسها ( نتنياهو ).

حقيقة السابع من تشرين الأول , نقلت إسرائيل من حيث وجودها الى طور آخر من رؤيتها الأمنية القومية لحدودها , وهذا ما يٌفسّر اصطفاف الجمهور الإسرائيلي خلف حكومتهم بقيادة نتنياهو , دولة ومجتمع ومؤسسات , وافراداً يشتهون الدم العربي , بدعم شبه مطلق غربي - امريكي , مع صمتٍ عربي واجم على وجوه القوم , تظنّهم إسرائيل مكفولين لإتمام ما لا يُعرف اتمامه وحدوده.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد