أردن متماسك وقويّ وسط الجنون الإقليمي والفوضى

mainThumb

02-10-2024 12:37 AM

 

إنّ العالمَ العربي اليوم، ليسَ هو العالم العربي قبل ثلاثينَ عامًا؛ فخلال تلك السنوات التي مضت، عصفت بدولٍ عربيّة الحروبُ والمجازرُ والانقلاباتُ والاغتيالاتُ والتّهجير، وقدِّرت ضحايا هذا كلّه بالملايين، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا، ناهيكَ عن لبنان وفلسطين والسودان.

ينزفُ دمًا، العالمُ العربيُّ ويعيشُ أضعف لحظاته، وذلك تغييب القوى الفاعلة وإضعافها، وتفوق «إسرائيل» و«ايران» وصراعهما على النفوذ في المنطقة، والالتحام في معارك بالوكالة على الأرض العربيّة. وفي ظلّ هذه الظروف الإقليميّة والدوليّة المواتية والملائمة والمحفّزة لشهية الكيان الصهيوني التوسعيّة، وجد هذا الكيانُ نفسه أمام فرصةٍ طالما انتظرها، لتحقيق أحلامه التوسعية في السيطرة والتوسع والنفوذ على حساب الأرض والإنسان العربي، الذي يعتبِرُه حيوانًا على هيئة بشر، ويستبيحُ دمه.

منذ السابع من أكتوبر الماضي، بدأ الكيانُ الصهيونيُّ بتنفيذ مخططاته التوسعيّة في ابتلاع ما تبقّى من فلسطين، «الضفة الغربية وقطاع غزة»، فالجميعُ شاهدَ وحشيّة الاحتلال في ارتكاب المجازرِ وتدمير كلِّ شيء في قطاع غزة، ومدى قوّة الدعم الأميركي-الأوروبي لهذا الكيان، الذي لم يتوقف عن ارتكاب جرائِمِه من ذلك اليوم ساعة واحدة.

واليوم، يبدأ الكيان المحتل وبكل قوته المرحلة الثانية من حربه في المنطقة بمهاجمة حزب الله اللبنانيّ شمالًا؛ سعيًا للقضاء عليه، وقد شاهدنا وتفاجأنا من شدة الضربات التي وجهها له، وكأنّ الحزب ينهار أمامنا، ولا نعرف إلى أين ستنتهي الأمور، لكن الواقع أنّ الكيان استطاع اختراق المنظومة الضيقة لقيادة الحزب، والقضاء على الأغلبية الساحقة من قياداته، وأوقعه في «صدمة شديدة» ما زال يئنُّ تحت وطأتها.

«يُعربدُ» الكيان الصهيونيُّ، في المنطقة بدعم أميركي معلنٍ وسريّ، ولن يسكت هذه المرة عن الوجود الإيراني في المنطقة، ولن يمنعه شيء من غزو الأراضي السورية في المرحلة المقبلة أو بالتزامن مع لبنان للقضاء على أذرع إيران في الجنوب السوري وبكلِّ مكانٍ في سوريا، ففي الوقت الذي أعلن فيه جيش الاحتلال عن عملية برية في الجنوب اللبناني فجر (الثلاثاء) كانَ وفي ذاتِ الوقت يقصف أحياءً في دمشق.

أمام كلِّ هذه الفوضى والدمار، علينا أنْ نسأل: ماذا يعني ذلك على الأردن؟

بداية حمى الله الأردن، والبلاد العربية كافة، لكنّ الخطر محدق ووشيك على المملكة، فمجرد سقوط صاروخ عارض على أراضينا، كما وقع في الموقّر قبل أيام، قد تحدثُ كارثة لا قدَّر الله، إضافة إلى أنّ الأطماع الإسرائيلية في ابتلاعِ الضفة الغربية وتهجير سكانها ستتصاعد، وقد يقدم الكيان الصهيوني على هذه الخطوة في حربه المستعرة هذه.

رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قال قبل نحو عشرة أيام عندما بدأ حربه ضدّ حزب الله، إنّ: «الشرق الأوسط بدأ يتغير للتو»، وأعتقد أنه يعرف ماذا يقول وما يريد، وأنّ الأمور بالفعل ستتغير، وستجد «إسرائيل» نفسَها بعد انتهاء العمليات الحربية في المنطقة «قوّةً عظمى»، ستسيطر على المنطقة وتفرض قوتها ووحشيّتها.

حمى الله الأردن، وقيادته الهاشميّة صامدين متماسكين متراصّين؛ فالمرحلة الحالية أو المقبلة صعبةٌ وخطيرة، توجب على الجميع التلاحُم واليقظة والانتباه؛ لأنّ التهديد جديّ وخطير، في ظلّ هذا الوضع المتلاطم والجنون الإسرائيليّ، ونختم بما قاله وزير الخارجية أيمن للصفدي لنظيره الروسي قبل أيام واصفًا الوضع الدوليّ والإقليميّ هذه الأيام: «crazy».



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد