الإعلام الرقمي بين الشائعات والمصداقية

mainThumb

01-10-2024 04:25 PM

تعتبر الشائعات من أخطر الظواهر التي تهدد استقرار المجتمعات وتماسكها ، فهي لا تكتفي بنشر المعلومات غير الصحيحة ، إنما تتمدد وتنتشر كالنار في الهشيم ، وتتسبب بأضرار لايحمد عقباهها ، فتمس بالأمن المجتمعي ، وتؤدي لاغتيال الشخصيات ، وتعتدي على خصوصية الأفراد ، وتسهم بنشر خطاب الكراهية بينهم .
فمن المسؤول الأول عن التصدي للشائعات " الإعلام" هو المسؤول الأول الذي يمكنه التصدي للشائعات ومواجهتها بالشكل الصحيح من خلال دوره الحيوي في نشر الحقائق أولاً بأول وكبح انتشار المعلومات المغلوطة عبر تقديم الحقائق بشكل سريع ودقيق ، واستغلال الإعلام الرقمي كأداة للتصدي لها ، نظراً لأهمية الإعلام الرقمي في الوقت الراهن الذي سهل انتشار المعلومة بشكل فوري وسريع ، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات تتسم بالشفافية والتواصل المستمر مع الجمهور لتقديم المعلومات في الوقت المناسب . العلاقة طردية بين الإعلام والشائعات . فكلما تأخر الإعلام في تقديم الحقائق والتواصل مع الجمهور، زاد انتشار الشائعات وسهل وصولها إلى عدد أكبر من الناس. هذا التأخير يخلق فراغاً معلوماتياً، تستغله الشائعات للانتشار السريع والتأثير على الرأي العام.
هنا ولأهمية منصات الإعلام الرقمية يجب على مسؤولي الإعلام الوعي التام بأهمية استغلال الإعلام الرقمي في التصدي للشائعات ، وعدم جعله بئية خصبة لها، ويأتي ذلك من خلال الإعلان عن المصادر الموثوقة بشكل مستمر لتفادي المصادر الغامضة الذي يتعامل مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي معها ، بالإضافة إلى توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي التي تتيح إمكانية اكتشاف المحتوى المشبوه وتبليغ المشرفين عنها قبل أو بعد النشر بذلك يمكن تنبيه الجمهور أو إزالة المحتوى المشبوه ، وتوظيف فرق متخصصة التي توفرها االمنصات الرقمية للتحقق من الأخبار والمعلومات الزائفة (FACT-CHECKING ) ، هذه الفرق بدورها تتحقق من صحة الأخبار قبل وبعد انتشار الشائعة ، ممايسهم من الحد منها وتقديم المعلومات الصحيحة .
ومن أدوار الإعلام ومسؤوليته أيضاً رفع مستوى وعي الجمهور حول الشائعات وكيفية التصدي لها، وذلك عبر توفير منصات توعوية رقمية مثل منصة "وعي". تقدم هذه المنصات إرشادات تفاعلية للجمهور حول كيفية التمييز بين الأخبار الصحيحة والزائفة، مما يسهم في تعزيز التفكير النقدي ويحد من انتشار الشائعات، كما تساعد في بناء مجتمع أكثر وعيًا وقدرة على التعامل مع المعلومات بمسؤولية، بالإضافة تشجيع الجمهور استخدم منصة " حقك تعرف " التي اطلقتها الحكومةعام 2018 للتبليغ عن الأخبار الزائفة والرد على استفساراتهم.
ولانغفل أهمية التفاعل مع الجمهور الأردني من خلال منصات التواصل الرقمية لتوظيف الإعلام الرقمي بالشكل الأمثل ، وتوفير مقاطع فيديو وانفوجرافيك توضح كيفية التحقق من الأخبار ، والرد على استفسارات الجمهور عبر التعليقات وجلسات "سؤال وجواب" ، مع توضيح الحقائق ومشاركة تقارير دورية عن الشائعات المنتشرة وتصحيها .
في الختام ، يتضح أن التصدي للشائعات يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، بدءًا من وزارة الاتصال الحكومي ووسائل الإعلام، وصولًا إلى المؤسسات التعليمية والجمهور نفسه. إن الإعلام الرقمي هو الأداة الفعالة التي يجب استغلالها لتعزيز المصداقية وتقديم المعلومات الدقيقة في الوقت المناسب، مما يسهم في تقليل تأثير الشائعات. لذا، تقع مسؤولية كبيرة على عاتق مسؤولي الإعلام لتوفير بيئة رقمية آمنة وموثوقة، من خلال تعزيز الوعي وتوفير المنصات التفاعلية التي تساهم في نشر المعرفة حول كيفية التحقق من الأخبار. ينبغي علينا جميعًا، كأفراد ومؤسسات، أن نكون جزءًا من الحل من خلال دعم الجهود الرامية إلى نشر الحقائق ومكافحة الشائعات، لنساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وقدرة على التفاعل مع المعلومات بمسؤولية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد