الهزيمة المدويّة

mainThumb

29-09-2024 09:51 AM

الصراع بين الحق والباطل سيستمر الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، تنهزم دول وتنتصر دول، وتدور عجلة الزمن فيذهب المنتصر والمهزوم، وتتبدل الأرض غير الأرض، من حيث توزيع الشعوب فيها، وكم تلاشت امبروطوريات شر كبيرة ولم يعد لها وجود، رغم قوتها وبطشها، وتوارثتها شعوب وثقافات أخرى وقد تكون غريبة عنها، تبقى البلاد والانسان والفكر الصحيح، وترحل دول الشر والافكار الشريرة وزمرة الحكم الشريرة..

الصراع الحقيقي بين البشر هو بين الحق والباطل، وغالباً ما يكون صراعاً فكرياً وإن ظهر بشكل صراع اقتصادي للسيطرة على مقدرات الشعوب، لأن الفكر أعز وأبقى من السلاح الفتاك والجيوش الجرارة، فالذي ينتصر فكره الصحيح سيعمَّر في الأرض طويلاً، أما المارقون
وفكرهم المنحرف وعجهيتهم المتعالية لا يمكن أن يعمّروا بل يتم تدميرهم إما عن طريق التدافع بين الخير والشر، أو عن طريق التدمير الذاتي للدول الشريرة، والذي بدأ يظهر في الحضارة الغربية..
قد تملك أمة فكراً صحيحاً، يستطيع الصمود والاستمرار، ولكن يضعفه العبث بأصحابه من قبل قوى الشر وهم غافلون، وما يزالون بهم حتى يجعلوهم أعداء يأكل بعضهم لحم بعض، من خلال نهج منحرف يقوده أئمة ضلال، يصنعهم العدو في أروقة مخابراته، فيستنسخ آلاف النسخ من "شاؤول الطرسوسي" ويطلقونهم في البلاد المستهدفة من الأشرار، فيصبح كل واحد منهم يحشد جماعته ضد اخوانه الآخرين، وتبدأ الهزيمة المدوية...!!!

الحرب الحالية مع الكيان أظهرت كم نحن مهزومون من الداخل، تسوقنا دولة الاحتلال سوق النعاج، وتغري بعضنا ببعض في مواقع التواصل وتجلس تقهقه!!، ألم نسأل أنفسنا يوماً.. هذا الذي يفتح قناة على "اليوتيوب" ويتابعه الملايين، ليس له إلا تغذية الصراع بين الشيعي والسني، أو المسيحي والمسلم، من الذي أمره بذلك؟، وكيف يحوز على متابعة وتفاعل بعشرات الملايين، ثم الشيء الغريب انتشار اللحى والعمائم التي تأتي بالغرائب وتضرب المسلمين ببعضهم، من أين جاءت؟!!، إن لم تكن هذه اللحى والعمائم انطلقت من "تل أبيب" فمن راعيها إذن؟ أين ذهب خريجو جامعتها الإسلامية التي بدأت ترفد العالم العربي والاسلامي بهم منذ خمسة وستين عاماً، منهم المعمم صاحب الغرائب المضحكة والملتحي المتزمت، الذي يكفر كل المسلمين، ويذودهم عن أمه "الغولة"!!.

إذا لم يشعر المثقفون الواعون والعلماء المحققون بالخطر الذي يتهددنا، فستستمر هزيمتنا ولن ينفعنا سلاحنا.. فالغرب ودولة الكيان صاغت لنا أدياناً تمزقنا لا تمت لحقيقة الدين بصلة، وهي الآن وحدها تتحكم بخطابنا الديني من الجهتين (شيعة وسنة)، وعند أي صراع معهم على أرض أو على حقوق لنا عندهم، تهيّج الصراع الديني بيننا ويدخل في معمعته الصغير والكبير والعالم والجاهل، ونظل نتناطح وهم يسيطرون على بلادنا ويضحكون من غفلتنا ولا أقول غبائنا!!!

الهزيمة المدوية ليست هزيمة أسلحة وخسران أرواح وأراض، الهزيمة هي الهزيمة الفكرية والمبدأية، عندما ترى فينا ومنا من يستعدي دولة الاحتلال على أخية ويسمح لها بقتله..
ويفرح بمصيبة أخيه حتى لو كان من الغافلين!!
حتى وصل بنا الانهزام أن نشجع الاحتلال الذي يقتل ويهجر أهلنا، بطريقة فجة ومخزية، حتى يصدق فيهم قول الشاعر:

إن يشمتُوا أو يجبنُوا.. أو يغدرُوا لا يحفلُوا
يغدوا عليك مرجّلي ... ن كأنهم لم يفعلوا..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد