الحرب على جبهة حزب الله: حماية نتنياهو أم تصعيد إسرائيلي

mainThumb

25-09-2024 01:38 AM

تشهد المنطقة توترات متصاعدة بين إسرائيل وحزب الله، ويثير هذا التوتر العديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية للحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، الذي يسعى للحفاظ على استقرار حكمه في ظل أزمات داخلية وخارجية متفاقمة.

التصعيد العسكري في لبنان يراه البعض خطوة لحماية نتنياهو، المتهم بالفساد والمحاط بحكومة يمينية متطرفة. ومع ذلك، السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا التصعيد هو لحماية الدولة الإسرائيلية أم أنه تحرك سياسي داخلي لصرف الانتباه عن مشاكله الداخلية؟

تصاعد التوترات ومخاوف الحرب الشاملة
التوترات في الجنوب اللبناني والبقاع الغربي تشهد تصعيدًا خطيرًا، حيث تستهدف الغارات الإسرائيلية مناطق مدنية وعسكرية على حد سواء. المناطق المتضررة تشمل القرى حول نهر الليطاني ومدن مثل صور وصيدا، ما أدى إلى نزوح آلاف المدنيين الذين أصبحوا ضحايا لصراع لا يملكون فيه خيارًا.

المجتمع الدولي عاجز إلى حد كبير عن احتواء الأزمة. الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لم يتمكنا من فرض حلّ دبلوماسي فعّال، وباتت الوساطة الدولية تشغل "المقعد الخلفي" وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز. هذا التقرير أكد أن إسرائيل كثفت من غاراتها الجوية على حزب الله، مما أسفر عن مقتل مئات اللبنانيين، في أكثر الهجمات دموية منذ حرب عام 2006.

الرد من حزب الله وتصعيد الصراع
ردًا على الغارات الإسرائيلية، أطلق حزب الله صواريخ كثيفة استهدفت شمال فلسطين المحتلة، بما في ذلك مناطق مثل كريات شمونة في الجليل الأعلى، محدثة حرائق وأضرار واسعة. وسائل الإعلام الإسرائيلية أفادت بأن أكثر من 50 صاروخًا أطلقت على كريات شمونة، ما يشير إلى تصعيد خطير قد يؤدي إلى حرب شاملة على الجبهة الشمالية.

غزة والضفة: تصعيد مزدوج
لا يقتصر التصعيد على لبنان وحده، فنتنياهو وجيشه يخوضون أيضًا معركة ضد حركة حماس في غزة. الحرب في القطاع مستمرة منذ قرابة العام، حيث تسعى إسرائيل لتصفية قيادات الحركة في عملية وصفت بأنها "حرب إبادة"، وفقًا لمصادر إسرائيلية.

هل هذه حرب نتنياهو؟
المحللون يرون أن الحرب الدائرة ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل هي أيضًا وسيلة لحماية نتنياهو، الذي يواجه ضغوطًا داخلية بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية في إسرائيل. سياسات نتنياهو التوسعية والعسكرية، إلى جانب حكومته اليمينية المتطرفة، أثارت انتقادات واسعة داخل إسرائيل وخارجها.

يعتبر حزب الله أن هذه الضربات هي انتقام سياسي يقوده نتنياهو، وأن الحزب مستعد لمواصلة الرد على الهجمات الإسرائيلية رغم الأضرار الفادحة التي تلحق بالمدنيين اللبنانيين. فالحزب، الذي يعتبر نفسه جزءًا من محور المقاومة، ينظر إلى هذه الحرب كامتداد لمقاومته ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ما وراء الغارات: تدمير لبنان أم ضرب المقاومة؟
في حين أن الغارات الجوية الإسرائيلية تستهدف بشكل رئيسي مواقع حزب الله، إلا أنها طالت أيضًا مدنيين في الجنوب والبقاع وصور وصيدا. الدمار الذي خلفته الهجمات أجبر الآلاف على النزوح من منازلهم إلى مناطق أكثر أمانًا مثل بيروت وجبل لبنان.

الغارات أدت إلى أكبر حركة نزوح من الجنوب اللبناني منذ حرب تموز 2006، مما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يواجهها لبنان في ظل هذه الحرب المفتوحة. وزارة الصحة اللبنانية أعلنت عن مقتل ما لا يقل عن 492 شخصًا وإصابة 1654 آخرين حتى منتصف ليل الثلاثاء، في إحصائية قد تكون غير نهائية.

دور المجتمع الدولي: أين الحل؟
المجتمع الدولي، بقيادة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، عبر عن قلقه المتزايد من أن يتحول الجنوب اللبناني إلى "غزة ثانية". الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعا إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي، واصفًا ما يحدث بأنه "حرب إبادة" تهدف إلى تدمير القرى والبلدات اللبنانية.

لكن هذه الدعوات لم تمنع إسرائيل من مواصلة عملياتها العسكرية، حيث استمرت الغارات على مواقع حزب الله، وسط فشل الوساطات الدولية في التوصل إلى هدنة.

هل الحرب مجرد صدفة؟
توقيت الحرب يثير تساؤلات كبيرة حول دوافع إسرائيل لفتح جبهة جديدة في الشمال في وقت يستمر فيه النزاع في غزة. البعض يرى أن حزب الله دخل هذه الحرب كجزء من دعمه لحماس، خاصة بعد معركة "طوفان الأقصى" التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

حزب الله كان قد أعلن أن عملياته العسكرية تأتي ردًا على "عنجهية" نتنياهو واستمرار الحرب على غزة، مما يؤكد أن الحزب جزء لا يتجزأ من محور المقاومة، الذي يضم حركات مقاومة فلسطينية وإقليمية.

ماذا ينتظر لبنان؟
لبنان يواجه تحديات غير مسبوقة على الصعيدين الإنساني والسياسي. الحكومة اللبنانية، برئاسة نجيب ميقاتي، تجد نفسها مضطرة للتعامل مع تبعات الحرب. وفي بداية جلسة مجلس الوزراء، أقر ميقاتي مجموعة من الإجراءات لحماية المدنيين، في وقت يعاني فيه البلد من انهيار اقتصادي واجتماعي.

الأمين العام للأمم المتحدة حذر من أن لبنان قد يواجه كارثة إنسانية إذا استمرت هذه الحرب، ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة لوقف العدوان الإسرائيلي.

في النهاية: تصعيد مفتوح أم حلول دبلوماسية؟
الوضع في لبنان وجبهة حزب الله مع إسرائيل يتجه نحو تصعيد خطير قد يمتد إلى خارج الحدود اللبنانية. مع ارتفاع حصيلة القتلى والنزوح الواسع، يبقى السؤال الأساسي: هل ستستمر هذه الحرب حتى تجر المنطقة إلى صراع أكبر، أم أن الدبلوماسية ستنجح في وضع حد لهذا التصعيد قبل فوات الأوان؟

الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير لبنان والمنطقة، بينما يواصل نتنياهو سياساته العدوانية، ويبقى حزب الله مصممًا على المقاومة، في مشهد يشبه صراع البقاء بين الطرفين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد