ابن سلمان يرفع السقف

mainThumb

24-09-2024 09:22 PM

لم يكن مختارا ولي العهد السعودي حين قرر الانقلاب على تقاليد تاريخية تحتم اصطفافه في جبهة العداء لإيران ، لم يكن ارتباط السعودية بعلاقات متنوعة مع الولايات المتحدة تقدس مثل هذه التقاليد منصفا الى الحد الذي دفع المملكة باتجاه كسر هيبة الفزاعة التي استطاعت من خلالها الولايات المتحدة التمدد عبر عقود ؛ هذا التمدد الذي ازعج كثيرا قيادة المملكة الجديدة التوّاقة الى التغيير .
لقد تلمس ولي العهد السعودي في الحفاظ على علاقات المملكة بالولايات المتحدة طريقا من بين عدة طرق اراد بسلوكها تعزيز دور مملكته السياسي والاقتصادي ، معتبرا ان قيام علاقة متوازنة بين الدولتين يسمح بمرونة التحرك باتجاه الامام الذي وجدت فيه واشنطن فرصة لعقد الصفقات غالية الثمن واستدراجا لرغبة التغيير الى سوق البيع والشراء ، مستعينة ـ الولايات المتحدة ـ بظلال الرعب الممتد على طول التمدد الايراني في بقاع المنطقة .
يبدو ان طريقة الرئيس دونالد ترامب في التعامل مع المملكة لم تكن مقبولة بشكل كبير ، لقد خيّم منطق حكم الواقع على هذا الامتداد الافقي في العلاقات باعتبار ظل جبهة العداء المقابلة ، حكم الامر الواقع هذا لم يرق كثيرا للمملكة التي رأت في كسر الثوابت تجديدا من نوع اخر .
لقد كان الانفتاح على عدو التقاليد ووساطة المنبوذين ـ بحكم تحالف التقليد ـ مخرجا واقعيا من قبضة سطوة الامر الواقع وقلبا للطاولة على رأس المتحكم فيها . تابع هذا التمرد على العلاقات سيره باتجاه التطبيع مع النظام السوري باعتباره حليفا لايران وباعتبار ان فتح مزيد من الطرق المسدودة يعني مزيدا من التحرر من حليف يريد السيطرة ، علاوة على ان تعبيد الطريق الى ايران يقتضي معه رصفا لمصالح المحسوبين عليها يمكن معه منحها ـ اي ايرن ـ قبل حليفها فرصة بناء أمل يستند على فكرة الخلاص من عزلة العداء الامريكي باتجاه الالتفاف على جمود قبضة العقاب .
لقد سار هذا المسعى الاخير في ظل ولاية الرئيس بايدن التي اتهمت من قبل الخصوم ـ وعلى راسهم الرئيس السابق ترامب ـ بالسماح بايران بالتمدد وامداد اذرعها بالاموال التي اتاحت الحصول عليها ادارة بايدن ، مجموع هذه العناصر لم يكن محل رضا مرشح الرئاسة الحالي ترامب .
امام ارجحية فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة اختارت المملكة رفع سقف موقفها من مجابهة محتومة مع الرئيس القادم حين قرر ولي العهد بانه : لا تطبيع مع اسرئيل قبل قيام دولة فلسطينية ، ولي العهد يعرف جيدا ان قيام دولة فلسطينية ليس أمرا يسير التحقق سهل القبول عند اطراف القضية ؛ خاصة عند الخوض في التفاصيل ، لقد اراد ولي العهد باختياره طريقا كهذا ان يغير قواعد معركته في تاكيد دور المملكة بنقلها من مركز القوة التجارية القادرة على عقد الصفقات الى مركز الاستقطاب السياسي الذي يمتلك " فيتو "يستطيع من خلاله تحريك ادوات السياسة الدولية وان كانت بيد دول كبرى .
لن تكون قاعدة مجابهة تحركات ترامب لشكل الاحلاف الجديد ابتعاد الصين وايران عن المملكة كما كان الامر سابقا ، بل ازداد الامر تعقيدا حين تحتم عليه بناء معادلة التوجه نحو السعودية بناء على الاعتبارات السابقة ، لقد تجاوز الامر في هذه النقطة موضوع دفع تكاليف التسليح والقتال بالنيابة الى حد مجابهة الولايات المتحدة لجدار من التحالفات بدا اليوم اكثر تشابكا وتعقيدا منحه صلابة الصمود في وجه مخاوف تقليدية .
تراجع قوة مجابهة الولايات المتحدة هذا سيكون مضاعفا ازا وصلت هاريس الى رئاسة الولايات المتحدة لان صفقة تقتضي مدة دقائق بكلفة بسيطة يستطيع رجل الأعمال ترامب عقدها تحتاج سنوات تكلف بلادها ثمنا باهظا وحلفائها قدرا مرهقا اذا ما حاولت موظفة بيروقراطية تركن الى سيل التوصيات وجرف النصائح وسدود الخوف مثل هاريس .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد