مطالب بإعادة النظر في مسودة نظام اليرموك المعدل

mainThumb

24-09-2024 12:41 AM



تم نشر مسودة النظام المعدل لأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة اليرموك من قبل ديوان التشريع والرأي، في خطوة تُعد إيجابية لفتح المجال أمام النقاش والمشاركة في صنع القرار. هذه المبادرة تمثل نقلة نحو تعزيز الشفافية والمشاركة الديمقراطية، وتدعو المجتمع الأكاديمي للانخراط في اتخاذ القرارات التي تؤثر على مصالحهم وحقوقهم. ومع ذلك، كان من الأفضل لو قامت الجامعة بعرض مسودة هذا النظام على أعضاء هيئة التدريس قبل إقراره من قبل المجالس الجامعية المختلفة ، ومن ثم رفعه للحكومة للسير في احراءات اقراره وفق الاصول المتبعة ، ما كان سيوفر فرصة أوسع للتشاور وتحسين النظام وتفادي أوجه القصور بما يخدم مصلحة الجامعة وأعضائها. فالاصل أن الغاية من تعديل التشريعات هو تجويدها وتحسينها لتواكب التطورات وتحقق الصالح العام .
على الرغم من أهمية هذه الخطوة التي قام بها ديوان تلتشريع والراي ، إلا أن النظام المعدل جاء مفاجئا ومخيبا للأمال ، و يحتاج إلى مراجعة شاملة، وبدلا من ان يكون النظام الجديد بهدف التجويد والتطوير واعادة الحقوق التي سلبت او سقطت سهوا كما قيل عند اقرار النظام السابق ، والذي اتى على الكثير من الحقوق المكتسبة لأعضاء هيئة التدريس ، جاء النظام الجديد لياتي على ما تبقى من حقوق مكتسبة لاعضاء هيئة التدريس ، ويقسمهم الى فريقين: المعينون بعد اقرار النظام والمعينون قبل اقرار النظام ، في تطبيق مباشر لسياسة فرق تسد!
وبالمجمل يحتوي النظام المعدل الجديد على مواد حتما ستكون لها آثار سلبية على الجوانب الأكاديمية والإدارية في الجامعة .
يمكن القول إن هذا النظام الجديد يعزز السلطوية والاستبداد في الراي والقرار ، مما يؤثر سلبًا على البيئة الجامعية وكذلك على الأمن الوظيفي والاستقرار النفسي والاجتماعي لأعضاء هيئة التدريس. ويتناقض هذا النهج مع التوجهات الحديثة للدولة التي تسعى نحو التحديث السياسي والإصلاح الإداري والاقتصادي، التي تقوم على مبادئ الشفافية، الحوار، والمشاركة في صنع القرار.
ومن أبرز المواد المثيرة للجدل في النظام المعدل هو النص الذي يقضي بإيقاف الزيادة السنوية عن عضو هيئة التدريس الذي لا ينشر إنتاجًا علميًا كل ثلاث سنوات. رغم أن هذا النص يبدو في ظاهره كمحفز لتعزيز البحث العلمي، إلا أنه يحمل في باطنه وبين طياته طابعًا عقابيًا. فالنشر العلمي لا يعني بالضرورة فائدة مباشرة للجامعة، إذ قد تكون بعض الأبحاث المنشورة في مجلات ذات تأثير محدود غير مجدية علميًا ولا تسهم في تحسين سمعة الجامعة . وبدلاً من العقوبات، كان من الأفضل تشجيع البحث العلمي بأساليب تحفيزية متعددة ، مثل تفعيل جائزة الباحث المتميز في الجامعة والتي تم ايقافها دون مبرر، و استحداث ألقاب أكاديمية مثل "أستاذ متميز" أو "أستاذ متفوق"، تُمنح للأعضاء الذين يواصلون إسهاماتهم العلمية المميزة مع توفير امتيازات تعكس هذا التميز.

وفيما يخص التمييز بين أعضاء هيئة التدريس في كلية الطب، الذين يحصلون على امتيازات إضافية في الإجازات السنوية إلى جانب علاوة 400% في رواتبهم، فإن هذا التمييز يفتقر إلى التبرير. وقد يؤدي ذلك إلى حالة من الاستياء والشعور بعدم العدالة بين أعضاء الهيئة التدريسية في الكليات الأخرى ولاسيما الكليات العلمية ، مما قد يؤثر على الروح الأكاديمية والتعاون بين الكليات المختلفة.
النظام المعدل يتجاهل أيضًا احتساب الخدمة السابقة قبل منح إجازة التفرغ العلمي، مما يحرم أعضاء الهيئة التدريسية من الاستفادة من تلك السنوات. هذه الفقرة تضع اعضاء هيئة التدريس أمام تحديات صعبة، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهونها في الحصول على إجازة التفرغ العلمي في الأوقات المثالية.
كما أن تقييد الإعارة لتكون مقتصرة على الجهات الحكومية أو المنظمات الدولية فقط يشكل قيدًا غير مبرر على حرية الأعضاء في الاستفادة من فرص الإعارة للجهات المدنية غير الرسمية. وطالما أن الجهة المستفيدة تلتزم بتسديد مستحقات عضو هيئة التدريس، بما في ذلك مكافأة نهاية الخدمة وبدل التفرغ العلمي، فلا يوجد مبرر لتقييد الإعارة بهذه الطريقة ،فالاصل في الاشياء هو الاباحة .
النظام المعدل أثار كذلك جدلًا حول النص الذي يسمح باتخاذ إجراءات تأديبية ضد عضو هيئة التدريس حتى بعد صدور حكم قضائي بعدم المسؤولية أو البراءة المطلقة في القضايا الجزائية. هذا التوجه يُعتبر تجاوزًا لصلاحيات السلطة القضائية ويضعف ثقة المجتمع بشكل عام والمجتمع الأكاديمي على وجه الخصوص في نزاهة النظام القضائي الأردني ، المشهود له بالحياد والعدالة والنزاهة والموضوعية .
أخيرًا، حرمان أعضاء هيئة التدريس من مكافأة نهاية الخدمة لمن يتم تعيينهم بعد نفاذ النظام يُعد انتهاكًا لحقوقهم الأساسية ويقلل من جاذبية الجامعة للكفاءات الأكاديمية. كما أن تجاهل مسألة علاوة النقل التي تم حرمان أعضاء هيئة التدريس منها لفترة طويلة، في حين حصل عليها زملاؤهم الإداريون في نفس الجامعة ، ويتقاضاها كافة اعضاء هيئة التدريس في كافة الجامعات الاردنية الرسمية ،يعد تمييزًا غير مبرر ضد الأكاديميين في جامعة اليرموك ،وهذا التمييز مخالف بشكل صريح لنصوص الدستور الاردني التي تؤكد على المياواة بين الاردنيين ،فلماذا اعضاء هيئة التدريس في جامعة اليرموك حصرا حقوقهم منقوصة ؟
استنادًا إلى هذه الملاحظات السريعة على بعض ما ورد في مسودة النظام المعدل ، يظهر أن هذا النظام المعدل يحتاج إلى تعديل جذري لضمان حقوق أعضاء هيئة التدريس وتحقيق العدالة بينهم. لذلك، نطالب بسحب هذا النظام وإعادة طرحه للنقاش بطريقة ديمقراطية تواكب توجهات الدولة نحو التحديث السياسي والمشاركة الفعالة في صنع القرار ،
و ذلك حتى لا يكون التحديث السياسي مجرد وعود أو اوهام
ويكون الاصلاح والحال هذه حلم بعيد المنال !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد