حكومة معارضة ومجلس موالاة

mainThumb

16-09-2024 09:47 PM


لم تهدا عاصفه التجاذبات التي انتجتها انتخابات مجلس النواب حتى داهمتنا عاصفه اخرى اشد وطأة حول شخص رئيس الحكومة ، لا لندرتها ـ فهي معتادة مع كل تكليف ـ بل لطبيعة شكل اللوحة السياسية التي انتجتها الانتخابات النيابية التي لم تترك واحدا من ابناء بلدنا الا واثارت فيه عوامل الدهشة والاستهجان .
مقتضيات التغيير التي انجبت مجلس نواب جديد من حيث اشخاصه وطريقة صعودهم التي كانت على حساب سقوط تقاليد قديمة لطالما كانت محل اعتبار الى الدرجة التي يصعب معها طرح تغيير ما بشأنها ، فالناس بطبيعتهم لا يميلون الى احداث التغييرات بسرعة بل ويحذرون كثيرا في حال حدوثها جبرا ما يطرح في ذهننا سؤال لم نفلح معه محاولتنا الكثيرة بالابتعاد عن طرحه ؛ مفاده : كيف للناس ان يبدلوا افكارا رسخت في ذهنهم عبر عقود مضت حول اشخاص بعينهم ارتبطوا بهم بمصالح يسيّرونها بما تيسّر ان يتنازلو دفعة واحدة عما ألفوه ومن اعتادوا عليه مضحين مع ذلك بكثير من مصالحهم سيما مع امتداد مساحة الاسقاط من حيث الاشخاص ؟
سؤالنا السابق يقتضي آخرا مثله ؛ يفيد بمعرفة آلية التأثير الجماهيري هذه ؛ التي استطاعت قلب صورة الرأي العام حول معتقداتهم ؟ ما يثير معه تساؤلا كبيرا حول سهولة التأثير في راي العامة حيث اعتاد المحاولون في تغييره خسارة سنوات وتحمل اثمان هذا التغيير الباهظة.
ان الابتعاد عن الاجابة على هذه الأسئلة لانتفاء مناسبة الحديث عنها في هذه المخطوطة ، تقود الى استشراف مرحلة ما بعد التشكيل الحكومي التي لا تهم تفاصيلها التي اوضحتها نتيجة جمع رئيس مكلف شكل جزءا مهما من مرحلة سابقة كانت ركيزة في احداث تغييرات جذرية في فكرة العيش في ارض الاردن هذه التغييرات جوبهت منذ تلك الايام حتى لحظتنا هذه بالرفض المطلق الذي لايعرف ازائها انصاف حلول ولا توسط عقلاء باعتبار كيل الاتهامات التي كانت علامة مائزة لحديث كل معلّق على هذه الاجراءات التغييرية.
تغيرت الظروف العاملة في خدمة جبهة الرفض هذه ، لقد عقدت تشكيلة مجلس النواب طريق التحرك بسهولة باتجاه سياسي واضح الهوية ـ أقصد هنا جانبي المعارضة والموالاة علاوة على جانب الرماد ـ لقد قدّر لجانب الاعتراض ـ لسبب او لاخر لا نريد بحثه هنا ـ ان يخضع لامتحان التدخل من اجل المنع مع حسم نتيجة الفشل مسبقا ، تأتي هذه الحالة نتيجة طبيعية لتلوّن المواقف بحسب المصالح التي فرضت على اتباعها النزول عن قمة الجبل الذي شكل رافعة لمصالحها التي نرى فيها مصالحا وطنية ، لا اقصد هنا اشخاصا او مجموعة بعينها بل اتحدث بنظرة عامة .
سيكون محتوما على كل من تفوّه بكلمة عارضت سياسة او فكرة بالأقل من منظومة فكر المدرسة التى ينتمي اليها رئيس الحكومة المكلف التعرّض لامتحان الانسحاب والتراجع بقبول تحريك علوّه فوق قمة المثل التي كانت محل اتهام بانعدام الواقعية الى اتجاه الهبوط على اجنحة أليات الديمقراطية ؛ التي لاتسمح لكثير بلا اغلبية بالسير ؛ حتى مع عقد التحالفات ـ التي تفرض بطبيعتها حالة مزدوجة من التنازلات ـ التي تحافظ على وجوده في مرمى الانتقادات المبنية على سحب قوة المواقف و إذابة قسوة الرأي وتليين صلابة الاتجاه.
مع حالة كهذه : لن تتعدى قوة تشكيلة مجلس النواب قوة غيره ، بالتوازي مع اقتصار عمل التكتلات المناوئة لفكرة او سياسة ما او نهج او توجه حكومي حد تسجيل مواقف لا يراد منها سوى ادارة الجلسات وترتيب المحاضر وتقليب خطابات الغزل والتودد لين جهات متعددة لا تشكل القواعد الشعبية سوى جزءا منها .
لقد بدا مثل هذا الامر واضحا حين بدات التعليقات تتوالى فور الاعلان عن تكليف رئيس الحكومة حين بدا البعض باطلاق رصاص البدء بمشوار التمسك بتفاصيل لا تهم والتمترس خلف حواجز لا تقي ، لا لشيء سوى إثبات الوجود وايقاظ المشاعر بأهمية الحضور ؛ سيما بعد تسليط اضواء البطولة على شخصه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد