هل يمكن لمجلس النواب الجديد أن يتصدى للاضطرابات

mainThumb

16-09-2024 12:28 PM

في مشهد سياسي غير متوقع، تصدرت جبهة العمل الإسلامي الانتخابات البرلمانية في الأردن التي أُجريت في 10 سبتمبر 2024، فزالت بـ31 مقعداً من أصل 138. هذه النتيجة لم تُسجل منذ أكثر من ثلاثين عاماً، حيث ارتفعت حصة الجبهة من 10 مقاعد في انتخابات 2020 إلى 31 في الانتخابات الأخيرة، وهو إنجاز يعكس قوة متصاعدة وتغيرات جذرية في المشهد السياسي الأردني.

استعراض ملامح الانتخابات الجديدة

نسبة المشاركة في الانتخابات شهدت زيادة طفيفة هذا العام، حيث بلغت 32%، بزيادة نقطتين عن انتخابات 2020. هذا الارتفاع، وإن كان بسيطاً، يشير إلى اهتمام متزايد بالعملية السياسية في ظل الظروف الإقليمية المعقدة. وشارك في الانتخابات 38 حزباً، وهو عدد يعكس الجهود المبذولة لتعزيز التعددية الحزبية وتعميق التجربة الديمقراطية في الأردن. ومع ذلك، يشير خبراء قانونيون إلى أن النظام الانتخابي الجديد قد صُمم بطريقة تجعل من الصعب على أي حزب تحقيق غالبية مطلقة، مما يعزز من التعددية ولكنه يقلل من قدرة الأحزاب على التأثير الفعّال في السياسة.

الإسلاميون في الواجهة: صعود غير متوقع

تصدر جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات يعد علامة فارقة في تاريخ السياسة الأردنية. فالجبهة، التي كانت تمثل المعارضة في البرلمان على مدى العقود الماضية، أصبحت الآن القوة المهيمنة.

هذا الصعود يعكس تحولات عميقة في الديناميات السياسية، حيث يعبر عن رغبة الشعب الأردني في تعزيز دور الأحزاب السياسية ذات التوجهات الإسلامية في صنع القرار الوطني.

التحديات الإقليمية: كيف سيواجهها المجلس الجديد؟

الأردن يواجه محيطاً إقليمياً ملتهباً، حيث تعاني المنطقة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والأمنية. إسرائيل، تحت قيادة ائتلاف يميني متطرف، تتبع سياسات تؤثر سلباً على الوضع الإقليمي. السياسات الإسرائيلية الحالية، بقيادة بنيامين نتنياهو وحلفائه، تعكس رغبة في تصفية القضية الفلسطينية وتحقيق سيطرة إسرائيلية كاملة على القدس. هذا يضع الأردن في قلب العاصفة، مما يزيد من التحديات التي تواجهها البلاد.

وفي ظل هذه الأزمات، يعبر د. جورج فاضل حداد، المحلل السياسي الأردني، عن قلقه من تحول الحرب في غزة إلى صراع طويل الأمد قد يغرق المنطقة في فوضى عارمة. الأردن، الذي يقع في مركز هذا الصراع، يواجه ضغوطاً هائلة سواء من الأزمات الداخلية أو التهديدات الخارجية.

الانتخابات كفرصة للتغيير

ويشير حداد إلى أنه رغم التحديات الكبيرة، تقدم الانتخابات الجديدة فرصة للاردن للتعامل بفعالية أكبر مع الأزمات. الانتخابات وفرت مخرجاً سياسياً قد يساعد في تقليل الفجوة بين الدولة والمجتمع. كما أنها قد تساهم في تعزيز الاستقرار الداخلي وتحسين القدرة على التعامل مع الضغوط الخارجية، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي والضغوط الاقتصادية.

الأسئلة الكبرى التي تطرحها الانتخابات

1.هل أفرزت الانتخابات التشريعية في الأردن مجلساً قادراً على مواجهة التحديات الإقليمية؟ فوز جبهة العمل الإسلامي بثلث مقاعد البرلمان قد يغير موازين القوى السياسية، ولكن هل يمتلك هذا المجلس القدرة على التصدي للأزمات الإقليمية بفعالية؟

2. ما السر في زيادة عدد مقاعد جبهة العمل الإسلامي؟ هل هو نتيجة لزيادة دعم الشعب للجبهة أم أنه نتيجة لخلل في النظام الانتخابي؟

3. كيف ستؤثر السياسة الداخلية والخارجية للأردن على حضور الجبهة في البرلمان؟ هل سيعزز وجود الجبهة في البرلمان من قدرة الأردن على التعامل مع التهديدات الخارجية، أم أن التحديات الإقليمية ستقوض هذه الجهود؟ أم أن تواجد الجبهة سيزيد الطين بلة ؟

4.ما هي طبيعة مساهمة الجبهة في مواجهة التحديات؟ كيف ستعمل الجبهة على تحقيق توازن بين مطالب القاعدة الشعبية ومتطلبات السياسة الخارجية والأمنية؟

5. هل تطمئن الدولة الأردنية لوجود حزب إسلامي قوي في البرلمان؟ كيف ستتعامل الحكومة مع التأثير المتزايد للجبهة على السياسة الداخلية والخارجية؟

خلاصة:

صعود جبهة العمل الإسلامي إلى واجهة السياسة الأردنية يعكس تحولاً كبيراً في المشهد السياسي. هذا التغيير قد يكون له تأثيرات واسعة على كيفية تعامل الأردن مع التحديات الإقليمية والعالمية.

تواجد جبهة العمل الإسلامي بكثرة في مجلس النواب الأردني يمثل تحولاً جذرياً قد يكون له تأثيرات عميقة على كيفية تعامل الأردن مع التحديات الإقليمية. مع تصاعد أزمات مثل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والتوترات الإقليمية، يعزز وجود الإسلاميين في البرلمان من قدرة الأردن على تقديم استجابة أكثر انسجاماً مع القيم الشعبية والمبادئ الإسلامية، مما قد يعزز من موقفه في مواجهة الضغوط الخارجية.

في الوقت نفسه، قد يتطلب هذا التوجه من الأردن تحقيق توازن دقيق بين المصالح الوطنية والضغوط الإقليمية، خاصة في ظل موقف الحكومة الأردنية التقليدي المتسم بالتحفظ حيال قضايا النزاع الإقليمي.

بروز الإسلاميين قد يعزز من موقف الأردن في تعزيز قضايا المظلومين وإبراز القضايا العربية والإسلامية في الساحة الدولية، ولكن في ذات الوقت قد يتسبب في صدامات محتملة مع الحلفاء الدوليين والضغط لتحقيق سياسات أكثر توافقية مع الوضع الإقليمي المعقد.

في خضم هذه التحولات، يبدو أن الأردن يقف على أعتاب فترة جديدة قد تشهد تغييرات جوهرية في استراتيجياته السياسية والأمنية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد