الاستثمار في العشائر

mainThumb

15-09-2024 10:47 AM

العشائر ليست ساذجة كما يظن من يعمل على برمجتها لصالحه، ولا تقبل الخيانة إن هي فطنت لمن يحاول اصطيادها وإدخالها في حظيرته، لكن هناك مخططات تحاول تفريغها من مضمونها وحصرها في أنماط عشائرية مشوهة، من شأنها أن تفقدها كيانها، كالانشغال بالاستعراض والاهتمامات غير ذات الشوكة، مما نراه يعرض على مواقع التواصل، أو في الشوارع، والمناسبات الاجتماعية.
إن كانت العشائر لا تنقاد لمبرمجي القراصنة الذين يخططون لاختطافها، والاستحواذ على قراراتها المنبثقة من مصالحها، فعليها أن ترتب بيتها الداخلي بمعزل من المبرمجين الذين يستحوذون على بعض خلاياها، مع سكوت الجسم الأكبر للعشيرة عن هذا الاستحواذ، ما يوهم أن قرار العشيرة بيد هذه الفئة المتطفلة، في وقت يتطلب منها الوعي على ما تتعرض له الأمة من مؤامرات مخيفة..
نجاح حروب دولة الرسول والخلفاء، بعد الايمان والعدل، كان في استثمار قوة القبائل العربية، والاستغلال الصحيح للقبيلة وتوجيه قوتها باتجاه نصرة الدولة، هذا في وجود دولة تخطط وتستثمر وتوجه القبائل التي نشأت وعاشت محاربة..
واقع النموج دولة الرسول يختلف اختلافاً كبيراً عن حاضرنا من حيث أن الحالة الأولى مستقلة وحرة تتصرف بناء على أهدافها وخياراتها، أما الحالة الثانية التي تتمثل بالنظام الرسمي العربي، فإنه يخضع لموقف دولي لا يقيم وزنا إلا للقوة، وسمح للقوة أن تدور بين خمسة دول كبرى فقط، والحق يدور مع مصالحها، وهي لا تؤمن بحق الدول الضعيفة والشعوب المستضعفة، وهي مستعدة أن تقتل الملايين من أجل الاستحواذ على مقدراتهم وتحرم منافستها من مجموعة "حق النقض" في الامم المتحدة.

لذلك الدولة الضعيفة إن كانت مستضعفة رغماً عن قادتها وأجهزتها ونخبها والموقف الرسمي برمته، لابد لها من الاستعانة بالشعب، وخاصة العشائر، وعدم ربطها بالدولة حتى لا ينسحب حكم الدولة عليها، وإغضاء الطرف عنها بل مساعدتها لتبني كيانات قوية داخل الدولة، لتكون داعماً لها إذا أجبرت على اتخاذ قرارات تمس سيادتها وحياة الشعب كما يحصل الآن..
العشائر الأردنية ستقوم بواجبها إن لم تثبطها وتحبطها الدولة الخاضعة رغماً عنها للموقف الدولي، وإعطاء العشائر دوراً لتدافع عن قضاياها، هو قوة للدولة وإنقاذ للشعب من براثن الأعداء..





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد