ماذا لو أصبحتُ رئيسًا للوزراء؟

mainThumb

14-09-2024 01:41 AM


منذ أن استيقظت في الصباح الباكر كعادة معظم سكان الريف لأداء صلاة الفجر في مسجد القرية، وعدت للمنزل قبل طلوع الشمس لتبتدئ رحلة عملي اليومية في بعض الأعمال الزراعية المتعبة من حراثة الأرض وتعشيب الحقل وإزالة الأعشاب الضارة وسقاية المزروعات، وجني الثمار ونقل المحصول وإطعام الحيوانات وبعض الطيور التي نقوم بتربيتها وحلبها والعناية بها وتنظيف مخلفاتها لتجفيفها واستخدامها وقود للتدفئة في الشتاء، وكوقود للطابون عند صناعة الخب، حيث نعتمد على منتجاتها من حليب ولحم وبيض وجلود في معيشتنا اليومية وفي مجمل حياتنا.
لقد بلغت من التعب الكثير بعدجهد كبير دفعني للجلوس لأخذ قسطٍ من الراحة بعد هذا العمل الشاق. وأتناول وجبة من الطعام الذي أعدته لي زوجتي من منتجات حديقة المنزل. وما أنهيت تناول طعامي إلا وجلست وإتكأت على جذع شجرة التوت التي تنشر ظلها على مساحة كبيرة من مدخل المنزل حتى مال رأسي وغلبني النعاس وسيطر علي سلطان النوم وذهبت في غفوة جعلتني أحلق في الخيال نقلني إلى عالم أخر رحب واسع وعوالم خفية رأيت بها نفسي بأنه لو كلفني جلالة الملك بتشكيل حكومة لأصيح رئيساً للوزراء.
وما أن جائني ذلك الخاطر إلا وقد بدأت التفكير ماذا سأفعل لو كنت رئيسًا للوزراء
هل ساكون كمن سبقني؟!
أم ساكون مختلفًا عنهم؟!
وهل من سبقني من رؤساء الحكومات لم يفعلوا ما سوف أفعل؟!
وهل أنا أجدر منهم بهذا المنصب؟!
وهل من سبقني من رؤساء الحكومات كانوا يعلقون أمالاً كبيرة على هذا المنصب بأنهم سيفعلون المستحيل من أجل الوطن والمواطن ؟! كيف لا وهو صاحب الولاية العامة وهو المسؤول أمام الله وأمام جلالة الملك وأمام الشعب وأمام نفسه!.
هنالك أسئلة كثيرة كانت تدور في خلدي وبين خلايا دماغي خلال ذلك الحلم تقول لي بأنك ستكون أفضل من سابقيك وأقوى منهم، وانك ستكون المخلص لما يعانيه الوطن والمواطن من أزمات، وانك ستكون كمثل هؤلاء الذين يحملون على الأكتاف بعد انتصاراتهم، وتسمع هتافات الشعب بحياتهم، لأنك خارق للعادة ونموذج فريد من رؤوساء الحكومات.
هكذا كنت أرى نفسي في الحلم، فأنا من سينصب ميزان العدل، وأنا من سينصف المظلوم ، وأنا من سيعيد الحق لأصحابه، وأنا من سيقوم بأمجاد لم يستطع السابقون القيام بها، حتى خلت نفسي إبن الخطاب.
وخلت نفسي بأنني ذاك الرجل الذي سيعتمد علية جلالة الملك في إدارة أمور الدولة صغيرها وكبيرها، ويحمل على كاهله كل الأمور التي ستعمل على توفير الوقت لجلالة الملك لزيادة الاهتمام بالمهام الدبلوماسية الخارجية والتفرغ للقضايا السياسية المحلية والعربية وشرح القضايا المحلية والعربية والاسلامية ، ويساهم بشكل فاعل في حل القضايا العربية والاسلامية الشائكة.
فيما رأيت بأنني من سيعيد الحقوق ويخاطب الناس بالحقيقة ولا يخدعهم وهو الذي سينعش الاقتصاد ويبنى المصانع ويرفع الميزان التجاري مع الدول الأخرى، وهو الذي سيحقق مطالب العمال وينشئ المدارس ويبنى المستشفيات ويشيد المطارات، وهو الذي ستزدهر في عهده الجامعات لترى الطلاب من كافة دول العالم تأتي لتنهل العلم من هذه الصروح العلمية الزاهرة، وهو الذي سيبني الفنادق والمنتجعات لتزدهر السياحة في عهده. وهو الذي أخذت الارض زخرفها واصبحت خضراء يانعة تجنى منها مختلف الثمار ويتم بيعها للمواطنين بأسعار رمزية بينما يصدر منها كميات كبيرة لدول الجوار والدول الأخرى، وسيفتتح المصانع للصناعات الغذائية لسد حاجة السوق المحلي وتصدير الفائض منها للدول الأخرى. ويهتم بإنشاء البنية التحتية من طرق وكهرباء وماء والاتصالات، ويهتم بتزيين جنبات الطرق بالأشجار والزهور الجميلة التي تريح النفس وتزيد من نسب الهواء النقي وتجمل المدن، وذهب بي الحلم حتى وصلت للقمر بالسيارات والطائرات التي تصنعها المصانع المحلية بأيدي أبناء هذا البلد الذين تعلموا بجامعتها ومعاهدها.
وهو الذي في عهده لم يعد هناك جائع ولا فقير وفاضت الخزائن بالأموال ولم تجد الحكومة طرق ولا حلولا لصرفها الا باقراضها للمواطنين بدون فوائد لتحقيق ما يرغبون. وفي عهده سددت جميع الديون لا بل أصبحت الدولة تقرض الدول الأخرى، ولم يعد هناك ما يسمى بالبطالة فكل الشباب يعملون وكثير منهم افتتح مشروعه الخاص. وهو الذي في عهده فرغت السجون وتحولت إلى متاحف ومدارس ودورا للثقافة ودور عرض سينمائية.
وهو الذي قام بالاهتمام بتطوير البلد سياحياً حتى أصبحت ترى مختلف المدن تعج بالسائحين من مختلف الدول ولمختلف الأغراض يتنقلون من مدينة إلى أخرى ومن موقع إلى أخر للاطلاع على هذه التجربة الفريدة في الصحة والتعليم والثقافة والحريات والصناعة والتجارة والبناء ذي الطراز الفريد الخاص بنا. وهو الذي في عهده ترى الزخم السياسي والدبلوماسية والمؤتمرات العلمية والمسابقات والجوائز العالمية والمهرجات الدولية وتعج البلد بالقادمين للمشاركة بها والاطلاع على ما كل ما هو جديد.
وعلى الرغم من هذه الانجازات العظيمة لا زال يعيش في بيته المتواضع ويلتقي بالمواطنين يوميا خلال ذهابه وعودته للعمل بسيارته القديمة المتهالكة دونما حراسة ولا مواكب رسمية أمناً على نفسه لمستوى عدله الذي فاق عدل عمر بن الخطاب.
وما أن اعتقدت بأنه قد زانت الدنيا لي إلا وأستيقظ على ذاك الصوت الهادر من داخل المنزل لأم العيال ينطلق من داخل المنزل وينادي على الاطفال ويقول لهم صحوا أبوكم هيو منخمد تحت الشجرة وخليه يقوم قوم يكمل شغله بدل ما ما هو متبطح ونايم وشخيره واصل لآخر الدنيا، ويغير دشاشاته علشان جاييلنا ضيوف. وانت ولك يا قرد روح جيب من دار عمك إبريق الشاي الكبير عشان نعمل شاي للضيوف، واسمع ولك وأنت راجع لا تنسى تلقطلك شوية أوراق نعنع من عند الجيران.
أستيقظت وصوت هدير أمعائي يكركع كانه بابور قديم بعد وجبة كبيرة من العدس والبصل والفجل التي ملئت معدتي بالغازات حتى ارتفعت وسببت لي الهلوسات وحلقت بي إلى عالم الخيال حتى ظننت معها أنني أعيشها بحق وأنه من المستحيل أن أعود إلى ما كنت أقوم به قبل الغفوة.
وأخيراً استيقظت من ذلك الحلم الجميل الذي عشت به فكرة خيالية لم أكن لأحلم يومياً أن تتحقق إلا أنها لم تستمر إلا للحظات ليتبخر ذاك الحلم الجميل وأعود إلى واقعي الأليم.
هذا وستبقى أضغاث أحلام جميلة ،،،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد