كيف نتعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة

mainThumb
اكتئاب ما بعد الولادة

12-09-2024 03:38 PM

السوسنة- يختلف العلاج المُتبع لحالات اكتئاب ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum depression) بناءً على العديد من العوامل؛ بما في ذلك شدّة الاكتئاب، والاحتياجات الخاصّة لكلّ فرد، إذ يقوم الطبيب المختص بإخضاع المرأة للفحوصات اللازمة لتأكيد التشخيص واستبعاد وجود أيّ مرض آخر؛ كقصور الغدة الدرقية، وبناءً على أنّ كآبة ما بعد الولادة تختلف عن اكتئاب ما بعد الولادة في الأعراض والعلاج، فكآبة ما بعد الولادة لا تتطلب علاجًا محددًّا بل غالباً ما تزول من تلقاء ذاتها في غضون أول أسبوعين بعد الولادة، ويُنصح الأمّهات في هذه الفترة بأخذ أكبر قدر ممكن من الراحة، وتقبّل المُساعدة من العائلة والأصدقاء، ومحاولة التواصل مع الأمهات الجُدد، وتخصيص وقت للاهتمام بأنفسهنّ، كما يُنصح بتجنب شرب الكحول واستخدام المُخدرات، وفيما يتعلّق بعلاجات اكتئاب ما بعد الولادة فهي عديدة، ويُمكن بيانُها فيما يأتي.

1.مضادات الاكتئاب
غالباً ما يصِف الطبيب المختص أدوية مُضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants) للنّساء اللاتي يُعانين من اكتئاب ما بعد الولادة الشديد، إذ يمكن باستخدام هذه الأدوية تحقيق نوعٍ من التوازن بين المواد الكيميائية في الدماغ بما يؤثر في الحالة المزاجية، وقد يصِف الطبيب المُعالج نوعًا واحدًا أو أكثر من مُضادات الاكتئاب، وبالرغم من أنّ معظم مضادات الاكتئاب يمكن استخدامها أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، إلا أنّه من المهم مناقشة فوائد ومخاطر استخدام هذه الأدوية مع الطبيب المختص، ويجدر القول إنّ الطبيب المُعالج يُحدّد نوع مضاد الاكتئاب الأنسب والأكثر أماناً بحسب كل حالة واحتياجاتها، وفي الحقيقة إنّ مُضادات الاكتئاب قد تُساعد على تخفيف مشاعر التهيّج، واليأس، والتشتّت، كما تُساعد على تخفيف الشعور بالأرق، ويُشار إلى أنّ هذه الأدوية قد تُساعد على تحسين قدرة الأمّ على التواصل مع الطّفل، ولكن قد يستغرق العلاج بضعة أسابيع لتظهر فعاليته.

2.العلاجات النفسية
يُعدّ العلاج النفسي (بالإنجليزية: Psychotherapy) المعروف أيضًا بالعلاج بالتحدث (بالإنجليزية: Talk Therapy) أو الاستشارة (بالإنجليزية: Counseling) أحد الحلول التي تُساعد على إيجاد أفضل الطرق للتعامل مع المُصابين باكتئاب ما بعد الولادة، إذ يتمّ هذا العلاج بمُساعدة أحد أخصائيي الصحّة النّفسية؛ بحيث يسعى المعالج إلى تحديد ما يشعر به المريض، وإيجاد أفضل الطُرق لحلّ المشاكل التي تواجه المريضة في هذه المرحلة، كما يُساعد هذا النّوع من العلاجات على التعامل مع الأحداث بطريقةٍ إيجابيّة، ووضع أهداف مستقبلية بطريقةٍ واقعية، ويتضمّن العلاج النّفسي مجموعة من الاستراتيجيّات التي يُمكن اتّباعها لتحقيق الأهداف المرجوّة، ويُشار إلى تفاوت مدى مُلاءمتها من مصاب إلى آخر، ويُمكن بيان أبرز أشكال العلاج النّفسي على النّحو الآتي:

-العلاج السلوكي المعرفي: (بالإنجليزية: Cognitive behavioral therapy)، يُعدّ أشهر أنواع العلاج النّفسي، ويتم بمناقشة الطبيب المعالج المصابة حول المشاعر والأفكار السلبية وغير الواقعية التي تراودها والتي تؤدي إلى الشعور بالاكتئاب والقلق، ويهدف العلاج إلى التغلّب على هذه الأفكار وإيجاد طُرق تفكير جديدة يُمكن أن تُساعد المرأة على التصرّف بطريقةٍ أكثر إيجابية، كما يتركّز على إكساب الأمّ مهاراتٍ وأدوات المُساعدة الذاتيّة بما يُمكّنها من مواجهة المشكلات ومنحها القدرة على التحكّم بسلوكياتها والسيطرة عليها، وفي كثيرٍ من الأحيان يتوجّب الأمر الخضوع لجلسات العلاج السلوكي المعرفي لفترةٍ تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أشهر.

-العلاج النفسي التفاعلي: (بالإنجليزية: Interpersonal therapy)، ويتضمّن العلاج التحدّث حول المشكلات التي تواجه المرأة في هذه المرحلة، ومحاولة تحديد أسباب الاكتئاب والعوامل الأخرى المساهمة فيه، كما يهدف إلى تحديد مشاكل العلاقات مع العائلة، أو الأصدقاء، أو الأزواج، وكيفية ارتباطهم بمشاعر الاكتئاب، وبالتالي فإنّه يُساعد على تحسين علاقة المرأة مع الأشخاص المُحيطين بها لكسب أفضل دعم وتواصل، وعادةً ما يستمر العلاج بهذه الطريقة من ثلاثة إلى أربعة أشهر.

-العلاج بالمساعدة الذاتية المُوجّهة: (بالإنجليزية: Guided self-help)، يعتمد هذا النّوع من العلاجات على وجود مصدر للمعلومات، مثل الاستعانه بكتاب، أو المُشاركة في دورة عبر الإنترنت، ويُمكن أن يكون العلاج بشكلٍ فردي، أو بالاستعانة بالمعالج، وترتكز مواد الدورة التدريبية على إيجاد حلول للمشاكل التي قد تتمّ مواجهتها، مع تقديم المشورة السريرية حول كيفية التعامل معها، وتستمر الدورات في العادة لفترةٍ تتراوح بين 9 أسابيع إلى 12 أسبوعًا.

-إزالة التحسس وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين: (بالإنجليزية: Eye Movement Desensitization and Reprocessing)، يركّز العلاج على التجارب المؤلمة المرتبطة باكتئاب ما بعد الولادة، وهذا ما يجعله مفيداً للنساء اللاتي يُعانين من حالة اضطراب ما بعد الصدمة (بالإنجليزية: Post-traumatic stress disorder)، والنّساء اللاتي عانين من حالات ولادة صعبة تسبّبت لهنّ بصدمة شديدة، ويعتمد العلاج على استخدام تقنيات تحفيز الدماغ والتي بدورها تُساعد الطبيب على إعادة معالجة الذكريات المؤلمة بطريقةٍ تخفّف من الارتباط العاطفي بها.

-العلاج الجماعي: (بالإنجليزية: Group Therapy)، يتمّ العلاج من خلال الاستماع إلى الآخرين ضمن مجموعات يُعاني أفرادُها من ذات المشكلة، ويُساعد العلاج الأشخاص على فهم اكتئاب ما بعد الولادة، وتأثيره في كلّ أسرةٍ بشكلٍ مُختلف، كما يُساعد على مُشاركة الخبرات، ممّا يجعل من السهل على الأمهات تقدير أنفسهنّ والتفكير بطريقةٍ أكثر ايجابيّة.

-علاج الثنائي: (بالإنجليزية: Couples Therapy)، قد يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على الأزواج والعلاقات بطريقةٍ سلبيّة، وبالتالي يعمد المعالج إلى الاستماع لمخاوف كِلا الزوجين مع توفير مساحة من الخصوصية لكليهما، لمساعدتهما على تحديد أنماط العلاقة التي قد تُسبّب لهم المشاكل، ومحاولة استعادة علاقتهما العاطفية.

3.العلاجات الهرمونية
يُعدّ العلاج بالإستروجين البديل (بالإنجليزية: Estrogen replacement therapy) من الحلول المُقترحة التي قد تُساعد في بعض حالات اكتئاب ما بعد الولادة، وغالباً ما يُستخدم الإستروجين في تركيبةٍ واحدةٍ مع أدوية مضادات الاكتئاب، فقد بيّنت الدراسات أنّ الانخفاض الكبير في مستويات هرمونيّ الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen) والبروجستيرون (بالإنجليزية: Progesterone) الذي يظهر بوضوح بعد الولادة، قد يكون له الأثر الكبير في تحفيز الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، ويُشار إلى أنّ هرمون الإستروجين له دور مهم في تعزيز التطوّر العصبي في الدماغ، ونشاط النواقل العصبيّة (بالإنجليزية: Neurotransmitter)، والتخفيف من الإجهاد التأكسدي.

4.العلاج بالصدمات الكهربائية
يتمثل العلاج بالصدمات الكهربائية (بالإنجليزية: Electroconvulsive therapy) بتمرير تيارات كهربائيّة صغيرة عبر الدماغ، ممّا يؤدي إلى إحداث نوبةٍ قصيرة يترتب عليها حدوث تغيّرات في كيمياء الدماغ، تؤدي في النهاية إلى تخفيف أعراض الذّهان والاكتئاب، وفي الحقيقة، يُلجأ للعلاج بالصّدمات الكهربائيّة إذا كان اكتئاب ما بعد الولادة شديدأ، أو إذا عانت المرأة من ذهان ما بعد الولادة، أو في حال فشل العلاجات الأخرى في السّيطرة على الأعراض.

نصائح وإرشادات
يُمكن اتباع بعض النّصائح والإرشادات للمساعدة على تخفيف أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، مع ضرورة متابعة العلاج الطّبي مع المختصين، وفيما يأتي بيان لأبرز هذه النّصائح والإرشادات:

-تخصيص الأم وقتًا لنفسها: يُمكن الاستعانه بالأشخاص المُقربين، أو جدولة أوقات منتظمة مع مُقدمي الرعاية للأطفال لبعض الوقت بما يُمكّن المرأة من تخصيص وقت لذاتها.

-القيام بنشاطات بسيطة تجلب الراحة: كأخذ حمام دافئ، أو الاسترخاء، أو زيارة الأصدقاء، ويُمكن استعادة القدرة على التركيز من خلال القراءة، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ المشي يُساعد على تحسين الحالة المزاجيّة للمرأة.

-قضاء الوقت مع الأشخاص المقربين: يُنصح بتجنّب العُزلة، وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء والأشخاص المُقربين بما يُمكّن من الشعور بالمُتعة والراحة.

-الحصول على الراحة الكافية: يمكن وضع الطفل في مكان هادئ للنوم، واستغلال هذا الوقت بحصول المرأة على الراحة أيضًا، كما يمكن طلب المساعدة من الآخرين في رعاية الطفل.

-التّحلي بالصّبر: فيجدُر على المرأة إدراك أنّ التغلّب على هذه الحالة والشعور بالتحسّن يستغرق وقتًا لتحقيق ذلك.

-التفكير بشكلٍ إيجابي: كمحاولة التفكير في الأشياء الصغيرة التي تجلب الشعور بالامتنان والتفاؤل.

-اتباع نظام غذائي صحي: ويتمثل بتناول الأطعمة الصحّية.

-وضع توقعات منطقية: ويتمثل ذلك بعدم تكليف النّفس مالا تستطيع في سبيل القيام بجميع الأمور؛ بحيث يتمّ القيام بالأمور التي يُمكنها القيام بها وترك الباقي، مع الحرص على تقليل التوقعات بشأن الأسرة المثالية.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد