محور تركي مصري سوري

mainThumb

12-09-2024 02:33 AM

تمتلك مصر من القوة والمكانة والدور التاريخي ما يمكنها من لعب دور رئيسي تجاه الأزمة السورية التركية، كون العلاقات السورية المصرية ترتكز على أسس راسخة وقوية تعمقت أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة. فالتساؤل الذي يتبادر في أذهاننا هنا هو: هل ستنجح الجولات والمباحثات المصرية في إيجاد حل قريب ينهي الأزمة السورية التركية ؟ وهل تشهد المنطقة تشكل محور تركي مصري سوري ضد لتهديد التوسعي المتزايد لإسرائيل؟

ظهرت مؤشرات عدّة تكشف عن تبني مصر سياسة جديدة في التعامل مع الملف السوري، حيث جاء من ضمن شروط الرئيس السيسي لعودة العلاقات بين مصر وتركيا أن ينسحب أردوغان من سورية، وبشكل عملي وفوري وتحت إشراف مصر، وكان من أهم الخطوات العملية لتنفيذ الانسحاب التركي من سورية موافقة الرئيس السيسي على دعوة أردوغان له لزيارة تركيا يوم الأربعاء 4 سبتمبر، حيث أكد الرئيس المصري على أن الأزمة السورية لا بد أن تنتهي وأن تسارع تركيا بالخروج الفوري من سورية، بالمقابل كان هناك ترحيب تركي بتنفيذ الرؤية المصرية لحل الخلافات مع سورية، من خلال استعداد تركيا لمناقشة انسحاب القوات من سورية وأنه من المقرر أن تعقد روسيا وتركيا وسورية وإيران اجتماعا آخر في المستقبل المنظور لبحث تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
بينما كانت أهم تصريحات الرئيس السيسي هي دعم الجيش العربي السوري ضد الجماعات المسلحة ضماناً لوحدة الأراضي السورية. بمعنى أخر إن سقوط سورية يعني انهيار المنظومة كلها بالشرق الأوسط من الكويت إلى العراق إلى السعودية إلى لبنان، وهذا ليس بمصلحة العرب وفق وجهة نظر السيسي، وهو المخطط الذي تتصدي له القاهرة باستمرار.

وهذه التصريحات تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين مصر وسورية قوية وخارج المساومات والصفقات، وأن الملف السوري مهم جداً بالنسبة لمصر، والمسألة السورية حاسمة في مستقبل العالم العربي، وإنطلاقاً من ذلك رصد المراقبون العديد من المؤشرات التي تشير إلى دور بارز لمصر في التوصل الى حل للأزمة السورية مع تركيا يجنب المنطقة من حرب إقليمية ممتدة.

وعن أهمية المحور التحالفي التركي المصري السوري، فسورية إحدى الجبهات الأساسية في المواجهة مع إسرائيل، كما أن دورها محوري في مواجهة التهديدات الإسرائيلية التوسعية، لذا وجود تنسيق مصري تركي معها في هذا الفترة سيشكل جبهة قوية ومحورا أساسيا لمواجهة تلك التهديدات.

وعلى خط مواز، سيكون لمصر دور كبير في مشروعات إعادة إعمار سورية، وهذا ستدخل لمصر مليارات من الدولارات بخلاف إعادة إعمار العراق، وإعادة إعمار ليبيا، ولا ننسى زيارة وزير الخارجية السوري لمصر وتقديمه الشكر للقاهرة على استضافة اللاجئين تمهيداً لعودتهم بلادهم.

في هذا السياق إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا يرى أن كل هذه الاتصالات تمهّد لاحتضان تركي لدمشق في المرحلة المقبلة، بعد ان لمس الأتراك سلبيةَ ابتعادهم عن سورية، غير ان البارز سيكون في زيارة وفود تركية دبلوماسية لدمشق وبالعكس.

وإنطلاقاً من ذلك، فإن التطورات والمشهد المعروض يشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تبدلاً كبيراً على الساحة السورية، خاصة ان الطرح المصري لحل الملف السوري يدعمه التوافق الروسي والدول الصديقة، لذلك لا بد للسوريين من إقتناص الفرصة المناسبة لإنقاذ سورية وإنهاء أزمتها الشائكة المستمرة منذ عام 2011.

وأختم مقالي بالقول: أصبح لزاماً على تركيا أن تعيد حساباتها وتحالفاتها الدولية والإقليمية وأن تشرع لإعادة علاقاتها بشكل كامل مع سورية في المنطقة لإعادة استنهاض المنطقة للتصدي لكل محاولات إعادة ترسيم المنطقة بما يخدم أهداف المشروع الأمريكي الإسرائيلي، ولا بد من صحوة عربية تقود لعملية التغيير الاستراتيجي للوقوف في وجه الإرهاب الذي يستهدف الأمن القومي العربي وركيزته مصر وسورية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد