الانتخابات في الأردن: بين الحقيقة و«العرط السّياسي»

mainThumb

09-09-2024 01:36 AM

عمّان- السّوسنة- خالد الطوالبة

في الأردن، الانتخابات حدث لا يمر دون ضجيج. ولست أتحدث هنا عن صوت الناخبين أو نقاشاتهم، بل عن "العرط" الذي يصاحب هذا الموسم الانتخابي؛ فكأننا أمام مسرحية سنوية، يخرج فيها المرشحون عن النص، ليعيدوا لنا نفس الوعود التي سمعناها منذ عقود.

"عرط" من كل صوب

المرشحون عندنا ليسوا مجرد ساسة، بل فنانون في صناعة الأوهام. كل واحد منهم يتقن فن الخطابة، وبمجرد أن يعتلي المنصة، يبدأ بإطلاق الوعود التي لا نعرف من أين جاءت، ولا إلى أين تذهب. يقولون لك "سأبني، سأطور، سأصلح"، وكأنهم يملكون عصا سحرية تجعل من مدينته مدينة فاضلة في غضون أيام.

والحقيقة هي أن معظم هؤلاء الأشخاص ما هم إلا "عريطة"، يجيدون فن "العرط" وكأنهم يتنفسونه. يزرعون الأمل في النفوس، لكن ما إن تنتهي الانتخابات حتى تختفي تلك الوعود، وكأنها لم تكن.

يتحدثون عن المشاريع الكبيرة، ولكن أين هي هذه المشاريع؟ أين الجامعات الجديدة، والمستشفيات، والحدائق العامة التي وعدونا بها؟ كم مرشحاً تحدث عن التنمية المستدامة وخلق فرص عمل للشباب، وكم منهم فعل شيئاً بعد الفوز؟

الناخب بين الولاء العشائري والعرط السياسي

وربما أعجب المفارقات في الانتخابات الأردنية هي تلك الفجوة بين الانتماء العشائري والوعود الحزبية. في مجتمعٍ لا يزال يتغذى على التقاليد العشائرية، تجد أن المرشح لا يحتاج إلى برنامج انتخابي متقن، بل يكفيه أن يحمل اسم عشيرته. "صوّتوا لابن العشيرة!"، فتجد الناس ينجرون خلف هذا النداء وكأنه واجب مقدس. لا يهم ما إذا كان المرشح يعرف شيئاً عن الاقتصاد أو القانون، المهم أنه "منّا وفينا".

وفي هذا السياق، تبرز ظاهرة "العرط"، حيث يأتي المرشح حاملاً وعوداً براقة دون أي نية لتنفيذها. في الحقيقة، يتحدث البعض عن مشاريع خيالية، كإنشاء جامعات أو مصانع أو حتى مدن سكنية، وهم يعلمون أن تنفيذ هذه الأفكار يتجاوز حدود إمكانياتهم بمراحل.

"عرط" لا ينتهي

المؤسف في الأمر أن هذا "العرط" السياسي لا ينتهي بمجرد إعلان النتائج. بل يستمر حتى بعد دخول النواب إلى البرلمان، حيث نادراً ما نرى النائب الذي وعد بالإصلاحات يعمل فعلاً على تحقيقها. فلا تزال المدن الأردنية، كذيبان وغيرها، تعاني من الفقر، والبطالة، وقلة الخدمات رغم مرور عشرات النواب عليها ومن أبناء جلدتها.

"العرط" الانتخابي أصبح جزءاً لا يتجزأ من المشهد السياسي، وهو ما يجعل الكثيرين يشعرون باليأس من العملية الانتخابية برمتها.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد