تطور الإنسولين ومزاياه وأنواعه المختلفة

mainThumb
الإنسولين

08-09-2024 10:26 PM

السوسنة- من أين يستخرج الإنسولين اعتمد العلماء في بداية رحلة تطوّر هرمون الإنسولين (بالإنجليزيّة: Insulin) على استخراج الإنسولين من البنكرياس الخاص بالأبقار والخنازير، وعندما توفرت الأدوات والوسائل التكنولوجية في بداية الثمانينيات تم إنتاج الإنسولين البشري صناعياً، وفي الحقيقة توفّر الإنسولين في الأسواق على أثر ذلك التطوّر منذ عام 1925، وتم الاعتماد عليه بدلاً من الإنسولين الطبيعي المستخرج من الأبقار والخنازير، أما حالياً فتم استحداث مركبات كيميائية مماثلة لعمل الإنسولين تُعرف بنظائر الإنسولين لعلاج مرض السكري.

الإنسولين الحيواني

يُعتبر الإنسولين الحيواني حالياً من الخيارات العلاجية غير المستخدمة بشكل كبير، ولكن هناك بعض الأفراد الذين لاحظوا تجاوب أفضل عند استخدامهم للإنسولين المُستخرج من أجسام الحيوانات، وفي الحقيقة فإنّه تم استخدام الإنسولين الحيواني بنجاح في علاج مرض السكري لسنوات عديدة في السابق، وبالرغم من أنّه أنقذ العديد من المرضى إلا أنّه لم يكن جيّد بشكل كافٍ؛ حيث تسبّب في الحساسية في الكثير من الحالات.

الإنسولين البشري

يُطلق مصطلح الإنسولين البشري على الإنسولين الصناعي الذي يتم زراعته في المختبر لإنتاج إنسولين يشابه ويماثل عمل الإنسولين الموجود بشكل طبيعي في الإنسان، وفي الحقيقة فإنّ هذه العملية تتم بزراعة بروتينات الإنسولين داخل البكتيريا الإشريكية القولونية (بالإنجليزيّة: Escherichia coli) ضمن ظروف بيئية معينة في المختبر.

إنتاج الإنسولين المعدّل وراثياً

تحتاج عملية إنتاج الإنسولين البشري المعدّل وراثياً باستخدام البكتيريا إلى المرور بعدّة مراحل دقيقة، تتمثّل في البداية باستخراج هرمون الإنسولين من خلايا البنكرياس البشرية، ومن ثم عزل الجين المُنتج للإنسولين على حدة، وفي المقابل يتم استخراج البنية الجينية أو بلازميدة الحمض النووي الريبوزي منزوع الأكسجين من البكتيريا، ومن ثم قطع الحمض النووي باستخدام إنزيمات حصر معينة بهدف تحضير ناقل البلازميد، وبعد ذلك يدمج الجين المُنتِج للإنسولين مع ناقل البلازميد البكتيري للحصول على الحمض النووي الهجين أو المُؤتلف من الجينات المُنتجة للإنسولين البشري، يليها إدخال الحمض النووي الهجين أو المؤتلف إلى داخل الخلية البكتيرية فيتكوّن بذلك البكتيريا الهجينة، وتقوم البكتيريا الهجينة بعملية التكاثر والتضاعف داخل خزان تخمير خاص في المختبر مُنتجة بذلك الإنسولين البشري، وبالنهاية يتم استخراج الإنسولين من البكتيريا الهجينة وتنقيته من الشوائب، ثم تعبئته في عبوّات خاصة، وبذلك يكون الإنسولين البشري جاهز ليتم حقنه في مرضى السكري.

أنواع الإنسولين البشري

يوجد نوعان رئيسيان من الإنسولين البشري؛ النوع الأول هو الإنسولين البشري قصير المفعول (بالإنجليزيّة: Short acting) ويُطلق عليه أيضاً اسم الإنسولين العادي أو النظامي (بالإنجليزيّة: Regular)، وتبدأ فعالية هذا النوع داخل الجسم بعد حوالي 30 دقيقة من الحقن، ويصل إلى قمّة فعاليته خلال ساعتين إلى ثلاثة ساعات من الحقن، ويستمر مفعولة داخل الجسم لمدّة قد تصل إلى 10 ساعات، والنوع الثاني هو الإنسولين البشري متوسط المفعول (بالإنجليزيّة: Intermediate acting) واختصاراً NPH، ويحتاج هذا الإنسولين إلى مدة تتراوح بين 2 إلى 4 ساعات بعد الحقن ليبدأ مفعوله داخل الجسم، بينما يصل إلى قمة فعاليته خلال 4 و10 ساعات من الحقن، ويستمر في العمل داخل الجسم لمدّة تصل إلى 18 ساعة، وتجدر الإشارة إلى أنّه يوجد نوع ثالث يتوفر على شكل منتجات طبية جاهزة للحقن تحتوي على مزيج مُعدّ مسبقاً من الإنسولين العادي مع الإنسولين متوسط المفعول، ويُطلق على هذا المزيج اسم الإنسولين مُسبق المزج (بالإنجليزيّة: Premixed human insulins).

مزايا وعيوب الإنسولين البشري

يوجد مجموعة من المميزات للإنسولين البشري المعدّل وراثياً مقارنةً بالإنسولين الحيواني، وأهمّها؛ أنّ البكتيريا يمكن زراعتها بهدف التكاثر والتضاعف بسرعة أكبر وبموارد أقلّ من تربية الأبقار والخنازير، فليس هناك حاجة للانتظار لفترات طويلة للحصول على الإنسولين فمعدّل الإنتاج سريع نسبياً بالمقارنة مع تنشئة ونموّ الثديات، كما أنه صناعته تتم بعملية معقمة وأمنة، ومن الجدير بالذكر أنّه بالرغم من أنّ الإنسولين البشري الصناعي يتطابق بالبنية الهيكلة والتركيب مع الإنسولين الطبيعي، إلا أنّه عندما يتم حقنه تحت الجلد ودخوله إلى الجسم لا يستجيب كالإنسولين الطبيعي؛ حيث أنّ الإنسولين البشري المعدّل وراثياً يتجمّع ويتكتّل معاً ويحتاج وقتاً طويلاً لامتصاصه ويبدأ مفعوله في الجسم، وفي الحقيقة فإنّ فعالية ونشاط الإنسولين البشري الصناعي لا تتزامن بشكل جيّد مع حاجات الجسم للإنسولين.

نظائر الإنسولين

تمثّل نظائر الإنسولين (بالإنجليزيّة: Insulin analogs) منتجات صناعية تمّ تصميمها بطريقة معينة لتكون مماثلة للإنسولين البشري؛ بحيث تتشابه مع النمط الطبيعي لإطلاق الإنسولين في الجسم، وتتميّز نظائر الإنسولين البشري بوجود اختلافات طفيفة في البنية الهيكلة أو تغييرات بسيطة في الأحماض الأمينية تُعطيها خصائص مرغوبة عند حقنها تحت الجلد، وفي الحقيقة فإنه يتم امتصاص نظائر الإنسولين بطريقة مثالية أكثر من المتوقع، وبعد عملية الامتصاص تقوم نظائر الإنسولين بالقيام بالعمل المطلوب منها كالإنسولين البشري تماماً.

إنتاج نظائر الإنسولين

تتماثل طريقة إنتاج نظائر الإنسولين الصناعية مع طريقة إنتاج الإنسولين البشري الصناعي؛ حيث أنّه يتم حقن بروتينات الإنسولين داخل خلايا البكتيريا الإشريكية القولونية في المختبر، وتختلف عملية إنتاج نظائر الإنسولين عن عملية انتاج الإنسولين البشري بخطوات ومراحل إضافية، تتمثّل باستخدام تقنية الحمض النووي المؤتلف أو الهجين (بالإنجليزيّة: Recombinant DNA)؛ حيث يتم إجراء بعض التغييرات في ترتيب الأحماض الأمينية المكوّنة للإنسولين، وذلك بهدف الحصول على إنسولين بصفات وخصائص تميّزه عن الإنسولين البشري العادي، أهمّها؛ القدرة على العمل بشكل سريع أو منتظم حسب حاجة الجسم.

أنواع نظائر الإنسولين

يتوفر حالياً نوعين رئيسيين من نظائر الإنسولين الصناعي، وهما؛ الإنسولين سريع المفعول، والإنسولين طويل المفعول، أما النوع الثالث فيمثّل خليط من النوعين ويُطلق عليه الإنسولين مُسبق المزج، وفيما يلي بيان هذه الأنواع الثلاثة:

-الإنسولين سريع المفعول: (بالإنجليزيّة: Rapid-acting insulin) يتميّز هذا النوع بأنّه يدخل إلى مجرى الدم خلال وقت قصير جداً لا يتجاوز الدقائق، لذلك يجدر بالمريض حقن الإنسولين السريع خلال 5 إلى 10 دقائق فقط من تناول الطعام، ويصل هذا النوع من نظائر الإنسولين إلى قمة فعاليته في الفترة الواقعة ما بين 60 و120 دقيقة من الحقن، بينما يختفي تأثيره بالكامل بعد أربعة ساعات من الحقن، وفي حال كانت الجُرعة التي تم حقنها كبيرة يمكن أن يستمر لفترة أطول قد تصل إلى 5 أو 6 ساعات كحدّ أقصى 

-الإنسولين طويل المفعول: (بالإنجليزيّة: Long-acting insulin) يزود هذا النوع من الإنسولين الجسم بنسب ثابتة تقريباً من الإنسولين بحيث يحافظ على استقرار مستوى الإنسولين في الجسم لعدّة ساعات بعد الحقن، لذلك يُطلق على هذا النوع أحياناً اسم الإنسولين الخالي من القمة أو الذروة (بالإنجليزيّة: Peakless insulins)، تستمر فعالية هذا النوع من الإنسولين لفترات طويلة من الزمن، وفي الواقع يبدأ مفعول الإنسولين طويل المفعول خلال 60 إلى 90 دقيقة من الحقن، ويصل إلى أعلى تأثير له بعد حوالي خمسة ساعات، ويتناقص التأثير بشكل تدريجي بعد ذلك خلال 12 إلى 24 ساعة لاحقة،

-الإنسولين مُسبق المزج: ينتج الإنسولين مُسبق المزج عن خلط الإنسولين سريع المفعول مع الإنسولين طويل المفعول في نفس المنتج، وذلك بهدف الحصول على مزيج يوفر خصائص النوعين، ويُستخدم بهدف السيطرة على مستويات السكر في الدم بشكل أفضل، وغالباً ما يتم استخدامه قبل الوجبات للحصول على النتائج المرجوة.

مزايا وعيوب نظائر الإنسولين
يتميّز نظائر الإنسولين باختلافات طفيفة في تركيبته وبنيته الهيكلية، مما يعطيه القدرة على العمل بفعالية أكبر من الإنسولين البشري الطبيعي والصناعي، وتكمن مزايا نظائر الإنسولين في كونها تتحكم بمستوى الإنسولين في الجسم بشكل يُماثل حاجة الجسم الطبيعية له، ممّا يقلل من احتمالية الإصابة بنوبات السكر، كما يساعد استخدام نظائر الإنسولين على التقليل من مخاطر زيادة الوزن المرتبطة باستخدام الإنسولين العادي، ومن الجدير بالذكر أنّ نظائر الإنسولين يمكن أن تكون أكثر تكلفة من الإنسولين البشري، إضافة إلى أنّ استخدامها يتطلب المتابعة الدقيقة مع الطبيب المعالج لمراقبة تأثيرها على المريض على المدى الطويل.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد