ما هي الهندسة الوراثية

mainThumb
الهندسة الوراثية

08-09-2024 02:49 PM

السوسنة- الهندسة الوراثية هي مجال علمي يتعامل مع تعديل المعلومات الوراثية في الكائنات الحية. تشمل هذه التقنية تغيير الحمض النووي (DNA) بهدف تحقيق تحسينات أو تصحيح مشاكل جينية. يتم استخدام الهندسة الوراثية في العديد من التطبيقات، مثل تحسين المحاصيل الزراعية، تطوير علاجات طبية جديدة، وإنتاج مواد حيوية مبتكرة. تعد الهندسة الوراثية أداة قوية تفتح آفاقًا جديدة في العلوم الحيوية والطب والزراعة، مما يساهم في تحسين جودة الحياة وتلبية احتياجات الإنسان.

مراحل تطور الهندسة الوراثية

تمكن البشر من تعديل جينات الكائنات الحية منذ آلاف السنين دون أن تكون لديهم معرفة بماهية الجين، أو الحمض النووي، وذلك من خلال الاصطفاء الصناعي أو الانتخاب الانتقائي، وتتم هذه العملية عن طريق انتقاء ذكور وإناث الكائنات الحية التي تتمتع بصفات مرغوبة والسماح لها بالتزاوج لإنتاج نسل يحمل هذه الصفات. وقد تمكنوا عن طريق الاستخدام المتكرر لهذه الممارسة على مدى أجيال عديدة من إحداث تغييرات جينية واضحة في بعض أنواع الكائنات الحية.

في عام 1869م، تمكن عالم الكيمياء الحيوية السويسري يوهان فريدريش ميشر من عزل مادة تحتوي على النيتروجين والفوسفور وأطلق عليها اسم الحمض النووي، إلا أنه لم تُعرف وظيفة الحمض النووي إلا بعد مرور وقت طويل من ذلك، عندما تمكن فريق بحث بقيادة عالم البكتيريا أوزوالد أفيري في عام 1944م من عزل حمض نووي من أحد أنواع البكتيريا وإدخاله في نوع آخر، ولاحظ الفريق أن البكتيريا الثانية أخذت بعض الصفات من البكتيريا الأولى. وقد أثبتت هذه التجربة إلى جانب تجارب وأبحاث أخرى أن الحمض النووي هو المسؤول عن تحديد خصائص ووظائف الكائنات الحية. في عام 1953م، تمكن العالمان جيمس واتسون وفرانسيس كريك من إثبات أن جزيء (DNA) له تركيب حلزوني مزدوج، وتمكنوا من فهم آلية تضاعفه ودوره في الانقسام الخلوي والنمو.

في عام 1973م، تمكن بول بيرغ، المعروف بأبي الهندسة الجينية، من دمج جزيئات الحمض النووي DNA من الفيروس القردي المعروف بـ (SV40) مع DNA لفيروس اللمدا. إلا أن طريقته كانت معقدة وصعبة. وفي العام ذاته، تمكن العالمان ستانلي كوهين وهربرت بوير من اكتشاف إنزيم يمكنه تحسين طريقة بيرغ وقاما معًا بأول عملية ناجحة لإنتاج كائن حي معدل وراثيًا؛ إذ نجحا بنقل جين يعمل على تشفير المقاومة للمضادات الحيوية من سلالة من البكتيريا إلى أخرى، مما منحها القدرة على مقاومة المضادات الحيوية بدورها. وبعد عام واحد، استخدم العالمان رودولف يانيش وبيتريس مينتز إجراءً مشابهًا في الحيوانات، حيث تمكنًا من إدخال حمض نووي معين إلى أجنة الفئران.

أثارت تجارب الهندسة الجينية مخاوف وقلق البعض من التداعيات المحتملة على صحة الإنسان والنظم البيئية للأرض؛ لذلك أقيم في عام 1975م مؤتمر أسيلومار لمناقشة المخاطر المحتملة للحمض النووي المعدل. وبعد ثلاثة أيام من المناقشات، اتفق العلماء المشاركون على استكمال أبحاث الحمض النووي المُعاد تركيبه ولكن مع اتخاذ بعض الاحتياطات لضمان أن تكون هذه التجارب آمنة. وصاغوا وثيقة تحتوي على لوائح السلامة والاحتواء للتخفيف من مخاطر كل تجربة مع التشديد على أن يكون الباحث الرئيسي في كل مختبر هو المسؤول عن ضمان سلامة الباحثين العاملين معه. وأكدت الوثيقة على أهمية تثقيف المجتمع العلمي حول التطورات الهامة التي تم التوصل إليها. وكنتيجة لنجاح مؤتمر أسليومار، دعمت الهيئات الحكومية في جميع أنحاء العالم هذه الخطوة لمواصلة الأبحاث، وهكذا تم إطلاق عصر جديد من التعديلات الجينية الحديثة. وفي عام 1980م، حصلت شركة جنرال إلكتريك على براءة اختراع بكتيريا معدلة جينيًا قادرة على تحطيم بقع النفط الخام للمساعدة في تخفيف آثار التسرب النفطي، مما حفز الشركات الكبيرة لتطوير تقنية الهندسة الجينية التي يمكن أن تكون مفيدة ومربحة بسرعة.

من خلال التعاون بين العلماء ورجال الأعمال، أحدثت الهندسة الجينية ثورة في العديد من المجالات، مثل الزراعة، إذ تمكن العلماء بحلول عام 1988م من اختبار أكثر من عشرين نوعًا من النباتات المعدلة وراثيًا لتكون لها خصائص مميزة، فتم إنتاج نباتات قادرة على مقاومة درجات حرارة التجميد، وأخرى تستغرق وقتًا أطول حتى تنضج، ونباتات مقاومة للآفات، وما إلى ذلك، بالإضافة إلى التطبيقات العديدة التي ساهمت بتحسين الصحة وعلاج الأمراض.

في عام 1990م، أطلقت وزارة الطاقة بالتعاون مع المعاهد الوطنية للصحة (NIH) مشروع الجينوم البشري الذي يهدف لتحديد مكان كل جين بشري وتحديد هيكله ووظائفه المحددة، الأمر الذي يمهد لعلاج الكثير من الاضطرابات والأمراض. وقد تمكن العلماء قبل اكتمال المشروع بوقت طويل من تحديد مواقع بعض الجينات مثل الجين المسؤول عن تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) المعروف باسم فيروس الإيدز، والجين المسؤول عن الاستعداد للسمنة، والجينات المرتبطة بالاضطرابات الوراثية مثل مرض هنتنغتون، ومرض لو جيريج (التصلب الجانبي الضموري)، وبعض أنواع سرطان القولون والثدي.

خطوات إجراء الهندسة الوراثية

تتم الهندسة الوراثية عن طريق الخطوات الآتية:

1. إيجاد كائن حي يتمتع بالصفة المرغوبة واستخراج الحمض النووي الخاص به.
2. عزل الجين المسؤول عن الصفة المرغوبة من بين آلاف الجينات المكونة للحمض النووي ونسخه، وتعديله إذا اقتضت الحاجة ليكون أكثر ملائمة للكائن الحي المراد تعديله.
3. إدخال الجينات بعد تعديلها إلى خلايا الكائن الحي المراد تعديله، ويمكن أن يتم ذلك بعدة طرق، مثل إدخال الجين إلى حامل مناسب مثل البكتيريا ثم حقنها في الكائن الحي المراد تعديل صفاته، كما يمكن استخدام المدفع الجيني حيث يتم إكساء جسيمات مجهرية من الذهب بالجينات المعدلة ثم قذفها على خلايا الكائن الحي المستهدف.
4. السماح للكائن الحي المعدل جينيًا بالتكاثر بالطرق التقليدية للحصول على عدد أكبر من الكائنات الحية التي تحمل الصفة المرغوبة.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد