البحث عن تاريخ وهمي

mainThumb

08-09-2024 08:20 AM

الذي أشاع أن اليهود كان لهم ممالك كثيرة في بلاد الشام ومصر والعراق، لم يكونوا مؤرخين، وليس لهم أي علاقة بالآثار إلا إذا اعتبرنا تفسير (علامات الدفائن كالجرون والحيات النفر) تاريخاً آثارياً، لأن تاريخهم السماعي هذا توارثوا حكاياته دون ان يعرفوا مصدرها، وشكلت القسم الأكبر من بضاعتم.
هؤلاء هم الباحثون الحالمون عن الدفائن ويسمونهم في اللغة الدارجة (البحيشة).. نفخ البحيشة ومصادرهم المشوشة في مزاميرهم ومشوا فتبعهم كل يائس يحلم بالثراء السهل..، لكن الموجهين الحقيقيين لهذا النشاط هم صهاينة "اسراييل" وقصصهم التي يلقونها للشغوفين بالكنوز، تاريخها ليس عميقاً وواضحاً تماماً مثل دولتهم الطارئة!!!، فهي تبدأ ببحث الكيان الغاصب عن أثر له في فلسطين، وقد يمتد به الزمن قليلاً في بعض الأحيان الى المزورين الأوائل من "المستشرقين اللاهوتيين" الذين تقدموا الحروب الصليبية يبحثون عن أرض الميعاد المزعومة يدعمهم في ذلك "صندوق آثار فلسطين" البريطاني والذي أطلق الأسماء التوراتية على مدن فلسطين التاريخية والأردن وقراهما حتى يزور على أهل البلاد الأصليين أن هذه البلاد سكنها اليهود قبل 3000 سنة.
نفس المزورين السابقين والمرتزقة من الآثاريين الأكاديميين العرب، دخلوا الى أنصار الكيان ثم الى مجتمع "البحيشة" وأوحوا لهم أن معظم الكنوز في بلادنا تعود الى ممالك يهودية وهمية، والتي يحاول أن يصنع لها الصهاينة أساطير يربطونها بعلم الآثار بمساعدة المرتزقة، ولكنها تسقط عند أول بحث آثاري معتبر، فإذا ظهر زيفها هربوا بها من علم وعلماء الاثار الى مجتمع "البحيشة" الذين يسيطر على خيالهم وتصوراتهم الثراء السريع الذي ينبثق من جرة ذهبية أو تمثال ثمين يغرقهم في الثراء وترف العيش، وينسون التدقيق في حقيقة الآثار وممن يأخذونه..
دائما تكون رواية صاحب القصة التي توصلهم الى الكنز، أن هناك (جماعة) -مجهولون مفضوحون- جاؤوا الى الناشط "البحيشي" وطلبوا مساعدته!!، ويظل الناشط المتصل بالملأ الأعلى متحفظاً بهيبته وغموضه أمام الأتباع المتعطشين للثراء، الى أن يميل الى كبير البحيشة هامساً في أذنه وعيناه تتقلب بعيداً، إنهم "يهود" ويتنحنح، ثم يردف بصوت مرتفع.. يقولون أن الكنز يساوي ملايين، جميعه لكم ونحن لا نريد منه إلا "الكتاب" الذي فيه!! ويزج برواية الكتاب حتى يضفي على اليهود الغموض والأسرار العجيبة التي ورثوها عن أسلافهم، الضاربين في التاريخ ومخلفين أرثاً عظيماً يتمثل في "كتاب"، "واضح سيطرة التوراة..!!" طبعاً البحيشة يقفز الى ذهنهم عند ذكر "الكتاب"، السحر وممالك الجن والقدرة على قلب الكرة الارضية رأساً على عقب!! ويتجاهلون واقع اليهود البئيس الذي علقهم بمجموعة بحيشة أبأس منهم، لعلهم يعثرون على جرة يهودية تعطيهم الحق بسرقة بلادنا..
والعجيب أن الأمبراطوريات التي نشأت في العراق والشام ومصر معروفة وتاريخها موجود، وآثارها موجودة ومدوناتها كاملة، ولم يكن بينها ممالك يهودية، ولا انتشر فيها اليهود الا بعد السبي البابلي وكانوا أفراداً وجماعات، ولم تقم لهم ممالك في هذه البلاد.
هذه الفئة البائسة أنكرها التاريخ، ولم يظهر لها أي أثر -باستثناء ما زوروه منذ بدء الحروب الصليبية- وكتابهم المزور!! والذي يتنصل من كل ما به من خزعبلات عند البحث التاريخي المعتبر... (....قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ..) 93 آل عمران.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد