الموقف سيد المعنى

mainThumb

07-09-2024 10:30 PM

أحيانًا ما تُصيبنا الدهشة والحيرة عندما نُلقي نظرة على محيطنا وبيئتنا العربية المتنوعة.
منذ أن أوجد الله الكون إلى أن خلق الإنسان على فطرته،
وباختلاف ملامحهم البشرية وتعابيرهم المُنزَلِقَة نحو الجهل، ما زال الإنسان يفتقد الكثير من وجاهة العلم والمعرفة، رغم أن الأهالي يسعون دائمًا إلى زرع الأخلاق الحميدة في نفوس أبنائهم كما حثنا الإسلام عليه، وتوجيههم نحو الصواب الصحيح لاتباع سلوك محترم ومهذب كي يصبح خيرًا لأمته ومجتمعه.

لكن مع مرور الزمن وتعاقب الليل والنهار، واختراق الكون بأكمله بعولمة التكنولوجيا الحديثة وانصهار الثقافة والعلم والمعرفة شيئًا فشيئًا على مختلف الأوجه، حتى سُلبت من عقول القراء، وأصبحت مركونة على رفوف الزمن. وقد حظيت العولمة بأكبر مُسهِّل في إنتاج عقول سخيفة نحو اللاعقلانية على حساب اجتهاد نفوسهم نحو الأفضل.
وانحدار الأخلاق نحو الرذيلة.

إن العلم والدراسة والمدارس والجامعات تعزز الأخلاق وتهذيبها معًا؛ فلا نتعلم فقط من أجل التطور الفكري أو للحصول على الشهادة الجامعية دون ترميم الأخلاق. فالأخلاق مرتبطة بالاجتهاد النفسي والسلوك الأدبي في التعامل، على قدم المساواة مع الشهادة.

منذ بضعة أيام اتجهتُ نحو السوق وفي طريقي سمعت صوتًا عاليًا في الشارع؛ حيث شِجار اندلع بين فتاتين في محل نسائي. اعتقدت أنهما صاحبتا علم، لكن من سوقية الألفاظ اعتقدت أنها ليست متعلمة أبدًا، وأن سلوكها الأخلاقي غير حضاري.
ثم شتمتها صاحبة المحل بكلمة "ساقطة". هنا سكتُّ ولم أتعجب من الكلمة في موقفها، لكن الحاضرين شهقوا عند سماعها. وكل منهم أخذها على هواه الفكري والمجتمعي المتوارث دون الرجوع إلى معناها الأصلي في معجم اللغة.

وعندما رجعت إلى البيت، فتحت معجم اللغة عبر جوجل السريع، وكما فسرتها في موقفها الصحيح، وجدتها تحمل معناها الصحيح.
"ساقط" أو "ساقطة" تعني: لئيمة، ناقصة العقل، عديمة الأخلاق.
الكلمة تُوظَّف حسب الموقف وليس بمعناها الفكري المجتمعي.
(الساقطة) مصطلح شعبي يُستخدم لوصف المرأة التي فقدت براءتها.

"لكل ساقطة لاقطة" من الأمثال العربية بمعنى: أن لكل مزهود فيه راغب يرغب فيه، أو لكل كلمة سقطت من فم الناطق لاقطٌ يسمعها ويذيعها. قال في "مجمع الأمثال" في معنى «لكل ساقطة لاقطة»: قال الأصمعي وغيره: الساقطة الكلمة يسقط بها الإنسان؛ أي لكل كلمة يُخطئ فيها الإنسان مَن يتحفّظها فينقلها عنه. وأدخل الهاء في «اللاقطة» إرادةً للمبالغة.
هذا للتوضيح فقط.

إذن علينا ألّا نفسر الكلمات دون الرجوع إلى معناها الصحيح.
(وإن الموقف هو سيد المعنى)"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد