تحالف استراتيجي مصري تركي جديد

mainThumb
أردوغان والسيسي

04-09-2024 11:04 PM

السوسنة - يشكل اللقاء الذي ترأسه الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي في أنقرة اليوم، نقطة تحول استراتيجية في العلاقات بين البلدين، التي شهدت توتراً دام أكثر من عقد. هذه القمة الاستراتيجية، التي انعقدت بعد سنوات من الجمود، تعكس الإرادة المشتركة لكلا البلدين في تجاوز الخلافات القديمة وفتح صفحة جديدة من التعاون الثنائي والإقليمي.
الخلفية والدوافع
تدهورت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عام 2013، عقب الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي. تركيا، التي كانت داعمة لحكومة مرسي، رأت في الإطاحة به تهديداً مباشراً لأيديولوجيتها وسياساتها الإقليمية، مما أدى إلى توتر شديد في العلاقات. ومع ذلك، ظلت العلاقات التجارية بين البلدين مستقرة، مما يعكس التداخل الاقتصادي العميق والمصالح المشتركة.

إعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين جاءت نتيجة لتغيرات إقليمية ودولية، أهمها الحرب الإسرائيلية على غزة والتوترات المستمرة في الشرق الأوسط. أصبح من الواضح أن التنسيق بين مصر وتركيا ضروري لحل العديد من الأزمات الإقليمية، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وسوريا.
أهمية اللقاء والإشارات السياسية

خلال هذا اللقاء، أظهرت تصريحات الرئيسين توافقاً في العديد من القضايا الإقليمية، مما يشير إلى تقارب سياسي متزايد. كان الوضع في غزة محوراً أساسياً في النقاشات، حيث أكد أردوغان والسيسي على أهمية وقف إطلاق النار ووقف المجازر الإسرائيلية. هذه المواقف المتطابقة تعكس تقارباً أكبر في السياسات الخارجية لكلا البلدين، مما قد يؤدي إلى تنسيق أعمق في المستقبل.

بالإضافة إلى غزة، ناقش الرئيسان الملف السوري، معربين عن دعمهما لحل سياسي للأزمة السورية. يأتي هذا في وقت تعمل فيه تركيا على تحسين علاقاتها مع دمشق، وهو ما يعتبر تحولا كبيرا في السياسة التركية تجاه سوريا. الدعم المصري لهذه الجهود يعزز من إمكانية نجاح هذه المساعي.
التحديات والفرص المستقبلية
رغم التقدم الملحوظ في العلاقات، إلا أن هناك تحديات لا تزال قائمة. يتطلب تعزيز هذه العلاقات المزيد من الثقة بين الجانبين، خاصة في ظل تاريخ التوترات السابقة. التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذه التصريحات الإيجابية إلى سياسات ملموسة، خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والأمني.

على الصعيد الاقتصادي، يعد الاتفاق على رفع مستوى التعاون التجاري إلى 15 مليار دولار خطوة إيجابية، لكنها تتطلب إجراءات عملية لتحقيقها. كما أن استمرار التنسيق في القضايا الإقليمية، مثل الملف الفلسطيني والسوري، يمكن أن يعزز من دور البلدين كقوة مؤثرة في المنطقة.

يشير الاجتماع الإستراتيجي بين مصر وتركيا إلى بداية مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، تستند إلى المصالح المشتركة والتحديات الإقليمية المتزايدة. إذا تمكّن البلدان من تجاوز الخلافات السابقة والبناء على هذه القمة، فقد نشهد تحالفاً إقليمياً قوياً قادراً على التأثير في مجريات الأحداث في الشرق الأوسط.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد