عوامل خطر تشوه الجنين

mainThumb
جنين

04-09-2024 09:00 PM

السوسنة- في الحقيقة يُعتقد أنَّ سبب حدوث معظم تشوُّهات الجنين أو العيوب الخَلقية، أو العيب الولادي (بالإنجليزية: Birth Defects) يعود إلى مجموعة من العوامل المعقدة بما فيها الجينات، وعوامل بيئيَّة وأخرى سلوكيَّة، ففي بعض الحالات يكون سبب التشوُّه معروفاً، أما معظم حالات التشوُّه فإنَّه يُجهل سبب حدوثها. وفي الحقيقة يمكن أن تنجب المرأة طفلاً مصاباً بالتشوُّه دون امتلاكها أيّاً من عوامل الخطر التي تسبِّب ذلك، وهذا يعني أنَّ وجود عامل أو أكثر من عوامل خطر الإصابة بالتشوُّهات لا يعني بالضرورة ولادة طفل مشوَّه، لذلك تنبغي مراجعة الطبيب لاستشارته حول ما يمكن فعله للتقليل من خطر حدوث التشوُّهات لدى الجنين.

الجينات

تحتوي كلُّ خليَّة من خلايا جسم الإنسان على 46 كروموسوماً، إذ يحمل كلُّ كروموسوم آلافاً من الجينات التي يحتوي كلٌّ منها على تعليمات تتحكَّم في وظيفة أو تطوُّر جزء معيَّن من الجسم، وعليه يمكن القول إنَّ وجود عدد أقل أو أكثر من الكروموسومات يؤثِّر في جزء معيَّن من الجسم، إذ سيحصل هذا الجزء على معلومات ناقصة تتعلَّق بوظيفته وتطوُّره، لذلك من الضروري وجود العدد الكامل من الكروموسومات حتى يتسنَّى لجميع أعضاء الجسم التطوُّر والعمل بشكلٍ صحيح، وبمعنى آخر يمكن القول إنَّ وجود أيِّ عيب أو تشوُّه في أحد الجينات يؤدِّي إلى ظهور تشوُّه في العضو المقابل له، وتجدر الإشارة إلى أنَّ التشوُّهات قد تؤثِّر في جين واحد أو أكثر، وهذا ما يفسِّر ظهور العديد من التشوُّهات الخلقيَّة عند الولادة، ويمكن بيان بعض الحالات الناجمة عن حدوث تشوُّه في أحد الجينات كما يأتي:

-متلازمة تيرنر: يعاني المصابون بمتلازمة تيرنر (بالإنجليزية: Turner syndrome) عادة من قصر في القامة، وضعف في الخصوبة، وصعوبات في التعلُّم، وتشوُّهات في القلب، إذ تحدث هذه المتلازمة بسبب نقص ‏كروموسوم معيَّن.

-متلازمة داون: تتمثَّل متلازمة داون (بالإنجليزية: Down syndrome) بظهور مجموعة من العيوب الخلقيَّة لدى الطفل، مثل: ضعف العضلات، والاضطراب العقلي النمائي، وتشوُّه الأذنين وانخفاض مستواهما عن المستوى الطبيعي، وميلان العيون نحو الأسفل، بالإضافة إلى عيوب تؤثِّر في الأمعاء والقلب، إذ تحدث هذه المتلازمة بسبب امتلاك عدد أكبر من الكروموسومات، إذ تتكوَّن نسخة إضافيَّة من أحد الكروموسومات بشكلٍ عارض أثناء انقسام الخليَّة، الأمر الذي يؤدِّي إلى حدوث مجموعة من التشوُّهات الخلقيَّة المرتبطة بهذه المتلازمة.

وفي هذا السياق يجدر العلم أنَّ الجينات يمكن أن تورَّث، ممَّا يعني إمكانيَّة انتقال الجينات المشوَّهة من جيل إلى آخر في العائلات، فعلى سبيل المثال يعتبر مرض الهيموفيليا (بالإنجليزية: haemophilia) مرضاً جينيّاً وراثيّاً، إذ يحدث بسبب نقصان مادة كيميائيَّة ضروريَّة لتخثُّر الدم، ومن الأمراض الجينيَّة الوراثيَّة أيضاً: فقر الدم المنجلي (بالإنجليزية: Sickle cell anemia)، والتليُّف الكيسي (بالإنجليزية: Cystic fibrosis) الذي يسبِّب الضرر المستمرَّ لكلٍّ من الرئتين والبنكرياس، وبالرغم من ذلك قد يحدث تشوُّه الجينات نتيجة حادث عارض ضارٍّ مكتسب وغير وراثي، وهو ما يُعرَف طبِّياً بالطفرة التلقائيَّة، ومن الحالات التي تسبِّبها الطفرة التلقائيَّة مرض عجز النموِّ الغضروفي (بالإنجليزية: Achondroplasia)، إذ تعتبر هذه الطفرة السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بهذا المرض، ويتمثَّل عجز النموِّ الغضروفي بقصر شديد في القامة وتشوُّه في العظام.

العوامل البيئية

يمكن أن تسبِّب العوامل البيئيَّة تشوُّهات خلقيَّة لدى الجنين، وهي أيَّة عوامل تفوق الجينات المكوِّنة للفرد، وقد يتضمَّن ذلك نقص البيئة اللازم توفُّرها قبل الولادة أو بعدها. المواد المسببة للتشوهات تُعرَّف المواد المسبِّبة للتشوُّهات على أنَّها أيَّة مادة يمكن أن تزيد من خطر حدوث التشوُّهات، إذ يعتمد حدوث التشوُّهات لدى الجنين على وقت تعرُّض الحامل للمادة ومدَّة تعرُّضها وكميَّة المادة التي تعرَّضت لها، كما أنَّ المادة المسبِّبة للتشوُّه غالباً ما تؤثِّر في العضو الذي ينمو ويتطوَّر بشكلٍ سريع لدى الجنين في فترة التعرُّض للمادة، فقد تتعرَّض الحامل لإحدى هذه المواد أثناء تطوُّر أجزاء من دماغ الجنين، وبالتالي فإنَّ هذه الأجزاء هي الأكثر عرضة للإصابة بالتشوُّه أكثر من غيرها حين التعرُّض للمادة قبل أو بعد هذه الفترة الحرجة، ومن الجيِّد ذكره أنَّ معظم الحوامل اللواتي تعرَّضن لهذه المواد ينجبن أطفالاً أصحَّاء.

ويُعدُّ كلٌّ من الإصابة بالعدوى والتعرُّض للإشعاعات واستخدام الأدوية من العوامل المسبِّبة لمعظم التشوُّهات عند التعرُّض لها خلال الفترة الواقعة بين الأسبوع الثاني والعاشر بعد حدوث الحمل، إذ قد تكون المرأة غير مدركة أنَّها حامل لعدَّة أسابيع، وقد يتعرَّض الجنين خلال هذه الفترة للأشعَّة السينيَّة أو للأدوية أو المخدِّرات أو الكحول دون معرفة الأم بذلك، إذ إنَّ التعرُّض للإشعاعات خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل يؤدِّي إلى حدوث العديد من التشوُّهات، مثل: العمى، وصغر الرأس (بالإنجليزية: Microcephaly)‏، والشفَّة الأرنبيَّة (بالإنجليزية: cleft palate)، وتشقُّق العمود الفقري (بالإنجليزية: spina bifida) المتمثِّل بظهور فتحة أو ثقب في ظهر الجنين تدلُّ على عدم اكتمال نموِّ نهايات الأعصاب الشوكيَّة، أما تعرُّض الجنين للكحول فيؤدِّي إلى حدوث متلازمة الجنين الكحولي (بالإنجليزية: Fetal alcohol syndrome) والتي تتمثَّل بحدوث اضطراب عقلي نمائي لدى الجنين، بالإضافة إلى التهيُّج وفرط الحركة وصعوبات في التعلُّم وضعف في تناسق الحركات وظهور تشوُّهات في ملامح الوجه.

بالإضافة إلى تسبُّب إصابة المرأة بالعدوى، مثل: الحصبة الألمانيَّة أو الحميراء (بالإنجليزية: Rubella)‏ خلال الفترة الأولى من الحمل حدوث تشوُّهات لدى الجنين، كما ترتبط الإصابة بفيروس زيكا (بالإنجليزية: Zika virus) أثناء الحمل بولادة طفل برأس صغير، بحيث يكون الدماغ والجمجمة أصغر من الحجم الطبيعي، كما ترتبط الإصابة بهذا الفيروس أثناء الحمل بحدوث مشاكل هيكليَّة في الدماغ، ومن أنواع العدوى الأخرى التي يمكن أن تسبِّب التشوُّهات لدى الجنين: جدري الماء، وداء المقوسات (بالإنجليزية: Toxoplasmosis)، إلا أنَّ هذه الأنواع تُعدُّ نادرة الحدوث، وذلك لأنَّ العديد من الأشخاص يتلقُّون لقاحات ضدَّ هذه الأنواع من العدوى، وفي الحقيقة إنَّ بعض أنواع هذه العدوى لا تسبِّب ظهور أيَّة أعراض، أو قد تسبِّب أعراضاً قليلة لدى البالغين، لذلك قد تصاب المرأة بنوع أو أكثر من هذه العدوى دون معرفتها بذلك. ومن المواد المسبِّبة للتشوُّهات الجنينيَّة أيضاً التدخين، إذ إنَّ التعرُّض للتدخين السلبي يسبِّب الضرر والأذى للجنين، كما أنَّ الأم المدخِّنة تنجب أطفالاً ذوي وزن منخفض عند الولادة، أما بالنسبة للأدوية فهناك العديد من الأدوية والمواد المخدِّرة التي يمكن أن تسبِّب تشوُّهات لدى الجنين، وتكمن خطورة هذه الأدوية عند استخدامها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ويمكن بيان هذه الأدوية كما يأتي:
-حمض الفالبرويك: (بالإنجليزية: Valproic acid) وهو دواء ينتمي لمضادَّات الاختلاج التي تمنع حدوث نوبات الصرع. يمكن أن يتسبب هذا الدواء في حدوث عيوب خلقية لدى الجنين، مثل تشوهات القلب، وتشوهات العمود الفقري، وعيوب في الوجه.

-الأدوية المضادة للبكتيريا: مثل التتراسيكلين (بالإنجليزية: Tetracycline)، والذي يمكن أن يسبب تصبغات الأسنان وتطور غير طبيعي للعظام.

-الأدوية المضادة للفطريات: مثل الأتراكونازول (بالإنجليزية: Itraconazole)، الذي قد يسبب مشاكل في نمو الجنين وتشوهات خلقية.

-العوامل السلوكية: تشمل العوامل السلوكية عادات نمط الحياة التي قد تؤثر على صحة الجنين، مثل:

1.التدخين: يمكن أن يسبب مشاكل في نمو الجنين، بما في ذلك ولادة أطفال ذوي وزن منخفض، ومشاكل في الرئتين، ومضاعفات في نمو الدماغ.

2.الكحول: يسبب تشوهات خلقية، بما في ذلك متلازمة الجنين الكحولي، التي تشمل مشاكل في النمو العقلي والجسدي.

3.المخدرات: مثل الهيروين والكوكايين، التي يمكن أن تؤدي إلى ولادة مبكرة، ومشاكل في النمو، وتشوهات خلقية.


اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد