الانتخابات ومعضلة ثيسيوس الأردني

mainThumb

04-09-2024 12:15 AM

لا تقارب بين السياسة والفلسفة الا عندما نقرر الالتفاف على الأشياء أو الدخول أعمق مما يجب علينا أن نصل..
ووسط أزماتنا المتتالية "الحقيقية والمصطنعة" وفي البحث عن الهوية والجوهر والسؤال المتكرر: هل نحن هناك أم هنا.. أجرّ المعضلات الفلسفية قليلاً نحو ساحتنا.. "ساحتنا الأردنية على الأقل" كمحاولة أخيرة للعثور على الاجابة رغم صعوبة ذلك أو صعوبة البوح بها..
ولأن الجميع مشغول الآن بالانتخابات النيابية بين قبول ومقاطعة وطرح كل طرف تبريراته للمشاركة او التنحي، تقفز في رأسي أحد اكثر المعضلات جدلا: "سفينة ثيسيوس" حيث ان ثيسيوس ملكًاً إغريقياً، انتصر على أعدائه في معركة بحرية فقرر الناس تخليد سفينته الحربية.
لكن مع مرور الوقت، تآكلت أجزاء السفينة فكانوا يستبدلون القطع التالفة بقطع جديدة حتى لم يبق في النهاية أي قطعة أصلية في السفينة.. وهنا تبدأ دوامة الأسئلة: هل السفينة لا تزال هي نفسها سفينة ثيسيوس التي انتصر بها وقد تغيرت كل أجزائها.. ؟ أو في أي مرحلة فقدت السفينة هويتها؟ بعد استبدال القطعة التالفة الأولى أم الثانية أم القطعة الأخيرة؟ واذا اخذ احدهم القطع التالفة وصنع بها سفينة أخرى هل تكون الجديدة هي سفينة ثيسيوس.. ؟
لنعد إلى ساحتنا.. ونطرح الأسئلة بنفس الصيغة ونبحث عن جوهرنا: هل بناء قصر على رمال متحركة يمكن أن يخلق حالة جديدة في بلد يعاني من أزمات متتالية.. وهل خلق قوانين جديدة على أسس قديمة يمكن أن يُخرج المارد من داخلنا..؟ واذا غيرنا الشخوص وبدلنا القوانين ووضعنا الميمنة ميسرة والطابور الخامس جعلناه الرابع وبقي "الرأس" ذاته فهل سيتغير المشهد كاملاً أم ستتغير الوسائل فقط..؟

ربما علينا أن نتأمل المشهد من زاوية حيادية لنجيب عن كل هذه الأسئلة.. وأن نقرأ كل ما يتم طرحه من برامج ومشاريع غير منطقية وشعارات قادمة من عالم موازي.. وأهداف تجاوزت التاريخ والجغرافيا الأردنية.. وبالطبع المصطلحات المتكررة والتي تبدأ بالمسح على الشوارب وتنتهي بـ "ابشر" حتى لو كان المبشر بالمقعد النيابي يختبئ بالعشائرية "وقت الحاجة" ولا يعرف من الوطنية سوى الراتب والسيارة والوجاهة ورائحة الذبائح.

للمشاركين بالانتخابات مجلدات من المبررات الوطنية والسياسية والكثير من الأمل بالتغيير.. وللمقاطعين كذلك لديهم ما يكفي من التجارب ليتخذوا هذا القرار.. وللجميع الحق باختيار وجهته دون تخوين او تلميح من تحت الطاولة وفوقها.. والقادم سيكشف أيهما سينتصر: الأمل أم التجارب..؟






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد