لا وصاية على الوطن

mainThumb

03-09-2024 03:44 PM

تزخر القنوات التلفزيونية يوميا وعلى مختلف المحطات بلقاءات مع شخصيات مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية يتحفوننا بارائهم في مختلف القضايا الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وهؤلاء يطلقون على أنفسهم بناشط اجتماعي.
وكغيري من البسطاء الذين يهمهم الشأن العام لا طامعين بشيء، ولكن طامحين بمستقبل افضل لهذا الوطن ولابنائنا الذين ينظرون إلى مستقبلهم بشغف الشباب الجامح بالحياة والمستقبل الزاهر.
ولكننا كثيراً ما نسمع من هؤلاء نبرة التشكيك بقدرات البعض من الناس أو الشباب الذين يعبرون عن آرائهم بكل بساطة وقد يكون من بين ذلك انتقاد لاداء المؤسسات او الاشخاص الذين يديرونها ويجتهدون في عملية التقييم من واقع حرصهم على مؤسسات الدولة باعتبارها إحدى ركائز وأعمدة الاقتصاد الوطني، وبأنها تستطيع والقيام بدور أكبر وأفضل مما هي عليه الأن.
وهم في ذلك يبنون آمال كبيرة وعريضة من واقع رغبتهم في التطوير والتحسين، بناءً على تصوراتهم أو من وجهة نظرهم التي قد تؤيد او تخالف آراء غيرهم. وهذا لا يعني سخط على أو رفض لهذه المؤسسات أو لشخص بعينه، وإنما هو مجرد رأي قد يفيد إدارة مؤسسات الدولة في تعديل أو تغيير أو تطوير مسارها لتقديم أفضل الخدمات للمواطنيين. وبذلك فهي تستفيد من تلك الأراء باعتبارها تغذية مرتدة من متلقي الخدمة الذي يقيم الأداء والخدمة من واقع التجربة وليس من وجهة نظر إدارة المؤسسات التي تعتبر كا ما تقدمه متميزاً فعلاً .
وهذه مجرد أراء ليس من حق أحد أن يصادر الرأي مهما كانت صفته ما دام ان المتحدث لم يتجاوز ذلك الرأي الحدود المسموح بها دستوريا وقانونيا، فليس هناك من هو وصي على الدولة أو على المواطنيين سوى صاحب الولاية الذي كثيرا ما نسمع توجيهاته بالسماح للناس لتعبر عن رأيها في حدود الدستور والقانون.
أما ما نراه ونسمعه من بعض إدارات مؤسسات الدولة أو العاملين فيها أو من خرج من الخدمة ممن يجيدون استخدام المصطلحات الوطنية بالتشكيك بوطنية وانتماء كل شخص أبدى رأياً يخالف آرائهم، أو وجه انتقاداً لعملهم أو لأداء المؤسسات التي يديروتها وكأنهم أوصياء على الدولة بما فيها، وأن تلك المؤسسات هي ملك لهم وحدهم وليست ملك للدولة ولكل مواطن، وأن إدارتهم لها أو عملهم فيها ما هي إلا فترة وتنقضي ويأتي غيرهم ليقوموا بالعمل والإدارة لتلك المؤسسات. فالانتقاد وإبداء الرأي ليس لشخوصهم وإنما لأدائهم وأداء مؤسساتهم، وهذا أمر يجب أن يتقبله كل من يتصدى للعمل العام.
عن هؤلاء المتحدثون من هم ولماذا دوما يشككون في ولاء ووطنية من يعبرون عن آرائهم ببساطة ودونما زخرفة وتكلف، وهل هؤلاء المنتقدين هم أوصياء على الدولة وما فيها وهل هم أكثر ولاء من ذلك القابع في أقصى طرف من هذا الوطن لا هم له سوى تامين متطلبات العيش الكريم ويطمح بمستقبل افضل لأطفاله.
ليس كل من سكن العاصمة وطني وليس كل سكن البادية والقرية غير وطني والعكس صحيح، ولكن الفرصة تتاح للبعض للتعبير عن رأيه عبر وسائل الاعلام ولا تتاح للأخر الذي يقطن في أقصى مدن قرى وبادية المملكة.
وأخيراً أقول ليس هناك من هو أكبر من الدولة بكل مكوناتها ولا وصي عليها، ولا هو أكثر وطنية من غيره، لا بل قد يكون هو من أكثر المستفيدين من خيرات هذا الوطن الذي نساهم جميعاً في دفع تكاليف رواتبه ومميزاته التي يتنعم بها جراء عمله هذا. وأياً كان فهو عبارة عن فرد من مواطني هذا البلد، والوطن يستحق أن نخاف عليه وأن نعمل من أجل رفعته وتطوره، ومن حقنا أن نبدي رأينا في مكوناته ومؤسساته، فهذا وطن الجميع وكل يعبر عن رأيه بطريقته الخاصة وبإسلوبه البسيط تعبيراً عن حبه لوطنه ودونما إساءة إلى أي من مؤسساته ومواطنيه خاصة في هذه الأيام التي نحن في أمس الحاجة إلى التكاتف لتشكيل سد منيع في وجه أعدائنا لدرء المخاطر التي تحيط بنا من حدب وصوب.
والله من وراء القصد .....
الدكتور نواف طبيشات
مدرب تنمية بشرية وخبير تنمية إدارية وتطوير إداري



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد