تشخيص متلازمة القولون العصبي

mainThumb
القولون العصبي

02-09-2024 08:33 PM

السوسنة- قد تختلف طبيعة أعراض القولون العصبي أو متلازمة القولون العصبي، أو متلازمة القولون المتهيج، أو متلازمة الأمعاء الهيوجة (بالإنجليزية: Irritable bowel syndrome)، واختصاراً (IBS) من شخصٍ إلى آخر، وقد تتشابه الأعراض مع حالاتٍ صحيةٍ أُخرى، مما قد يجعل التشخيص أمرًا صعبًا. وبالتالي فإنّ إجراء تشخيص متلازمة القولون العصبي يتضمّن في الغالب استبعاد الحالات المرضية التي قد تكون ذات أعراضٍ مُشابهة لأعراض القولون العصبي.

وللمساعدة في عملية التشخيص ابتكر الخبراء مجموعتين من المعايير لتشخيص اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية (بالإنجليزية: functional gastrointestinal conditions)؛ بما في ذلك القولون العصبي، وتعتمد هذه المعايير على الأعراض التي يُعاني منها الشخص بعد استبعاد احتمالية الإصابة بالحالات الصحية الأخرى، ويُمكن تقسيم المعايير على النحو الآتي:

- معايير روما: (بالإنجليزية: Rome criteria)، تتضمّن شعور المريض بألم بالبطن وعدم الراحة اللذان قد يستمران في المتوسط لمدّة يوم على الأقل في الأسبوع الواحد خلال آخر ثلاثة أشهر، وذلك بالإضافة إلى تحقيق اثنين على الأقل من هذه العوامل: ارتباط عملية التبرّز بالألم وعدم الشعور بالراحة، أو تغيّر عدد مرات التبرّز، أو تغيّر قِوام البراز.
- معايير مانينغ: (بالإنجليزية: Manning criteria)، تعتمد هذه المعايير على الشعور بالألم الذي تقلّ شدّته مع التبرّز، وعلى حركة الأمعاء غير التامّة، ووجود المخاط في البراز، والتغيّرات في قِوام البراز، ويُشار إلى أنّ ازدياد الأعراض يرتبط بعلاقةٍ طردية مع احتمالية الإصابة بمتلازمة القولون العصبي.

التاريخ الطبي والعائلي

يبدأ الطبيب بالكشف عن الأعراض التي يُعاني منها المريض بهدف استبعاد الحالات المرضية الأخرى التي قد تتشابه أعراضها مع أعراض القولون العصبي. لذا من المهم التصريح عن جميع الأعراض التي يعاني منها الشخص. يقوم الطبيب بتوجيه الأسئلة للشخص والمتعلقة بالتاريخ الصحي الشخصي والعائلي له، كما يهدف الطبيب إلى الكشف عن مدى وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الجهاز الهضمي، وقد يقوم الطبيب بتوجيه الأسئلة المتعلقة بالكشف عن طبيعة النظام الغذائي الذي يتناوله المريض، والاستفسار عن الأدوية التي يستخدمها، وظروف الحياة التي يمرّ بها وما إذا كان قد يتعرّض لضغوط من شأنها أن تكون ذات صلة بالحالة.

وبعد انتهاء الطبيب من تشخيص القولون العصبي واستبعاد الحالات التي تشابه أعراض القولون، يتم تصنيفه حسب النوع. والهدف من ذلك هو تحديد المحفزات والتسهيل على الطبيب وصف دواء فعال عند علاج القولون العصبي. وهناك أربعة أنواع رئيسية لمتلازمة القولون العصبي، نذكرها كالآتي:

-القولون العصبي المترافق مع الإسهال: (بالإنجليزية: IBS with diarrhea)، واختصاراً (IBS-D)، في هذا النوع قد يعاني الشخص من آلام المعدة، أو عدم الراحة، أو حركة الأمعاء المتكررة بشكلٍ كبير، أو البراز المائي أو ذو القوام اللين، أو الحاجة الماسّة للذهاب إلى الحمام.

-القولون العصبي المترافق مع الإمساك: (بالإنجليزية: IBS with constipation)، واختصاراً (IBS-C)، حيث يسبب هذا النوع شعور المريض بآلام في المعدة، أو الانتفاخ، أو خروج براز صلب، أو حركة أمعاء متأخرة أو بطيئة.

-القولون العصبي المتناوب ما بين الإسهال والإمساك: (بالإنجليزية: IBS with alternating stool pattern)، واختصاراً (IBS-A)، فقد يُعاني المريض من الإسهال والإمساك معاً.

-القولون العصبي غير المُصنّف: (بالإنجليزية: Unsubtyped IBS)، واختصاراً (IBS-U)، ويتمثل في حال لم تتوافق الأعراض التي يُعاني منها الشخص مع التصنيفات المُبيّنة أعلاه.

الفحص الجسدي

يقوم الطبيب خلال الفحص الجسدي بتحري عدة فحوصات أهمها:

- الاستماع إلى الأصوات التي تصدر من البطن باستخدام السّماعة الطبية.
- الضغط على البطن للتحقق من مدى وجود الألم، أو ألم عند اللمس.
- الكشف عن مدى انتفاخ البطن.

استبعاد الحالات الصحية الأخرى

يمكن القول أنّه لا يوجد فحص دقيق يؤكد تشخيص الإصابة بمتلازمة القولون العصبي، ولكن يلجأ الطبيب عادة لتشخيص القولون العصبي عن طريق سؤال المريض عن الأعراض التي يعاني منها. كما قد يقوم الطبيب بإخضاع الشخص لفحوصات مخبرية عديدة لاستبعاد الحالات الصحية الأخرى التي قد تؤدي إلى ظهور أعراض تشبه أعراض القولون العصبي، ومن الأمثلة عليها؛ فحص البراز، أو فحص الدم، أو الأشعة السينية للجهاز الهضمي السفلي، أو تنظير القولون (بالإنجليزية: colonoscopy).

كما قد يتمّ عمل فحوصات إضافية في حال كان المريض يُعاني من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، أو نزيف المستقيم (بالإنجليزية: Rectal bleeding)، أو فقدان الوزن، أو الإسهال الليلي المُتسبّب في إيقاظ الشخص من نومه، أو عند وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الجهاز الهضمي؛ وبخاصّة أمراض الأمعاء الالتهابية (بالإنجليزية: Inflammatory bowel disease)، أو الداء البطني (بالإنجليزية: Celiac disease)، أو سرطان القولون والمستقيم.

الفحوصات التصويرية

تتضمن اختبارات التصوير التي قد يتمّ إجراؤها في هذه الحالة ما يأتي:

- تنظير القولون: (بالإنجليزية: Colonoscopy)، في هذا الفحص يستخدم الطبيب أنبوب صغير ومرن لفحص القولون بأكمله.
- التصوير بالأشعة السينية أو الأشعة المقطعية: قد يلجأ الطبيب لإخضاع الشخص لتصوير منطقة البطن والحوض بالأشعة السينية (بالإنجليزية: X-ray) أو المقطعية (بالإنجليزية: Computed tomography)، لاستبعاد الأسباب الأخرى لمُعاناة المريض من هذه الأعراض، خاصّة إذا كان الشخص يشكو من آلام البطن، وقد يتمّ حقن المريض بسائل الباريوم (بالإنجليزية: Barium) في الأمعاء الغليظة، ويساعد الباريوم على زيادة وضوح الصورة الناتجة عن الأشعة السينية.
- التنظير السيني المرن: (بالإنجليزية: Flexible sigmoidoscopy)، يُجرى هذا الفحص بهدف الكشف عن الجزء السفلي من القولون، ويتمّ عادة باستخدام أنبوب مرن مُضاء.

الفحوصات المخبرية

تتضمن الفحوصات المخبرية التي قد يتمّ إجراؤها في هذه الحالة ما يأتي:

-تحليل البراز: يتمّ عمل فحص البراز في الغالب للكشف عن الجراثيم، والطفيليات، أو عن الحمض الصفراوي (بالإنجليزية: Bile acid) الذي يُمثل سائل يُنتَجه الكبد في حال كان المريض يعاني من الإسهال المزمن.

-اختبارات عدم تحمل اللاكتوز: (بالإنجليزية: Lactose intolerance tests)، يُعد اللاكتاز (بالإنجليزية: Lactase) من الأنزيمات الضرورية لهضم السكر الموجود في منتجات الألبان، وفي حال كان هناك خلل في إنتاج أنزيم اللاكتاز فقد يُعاني الشخص من مشاكل شبيهة بتلك التي تُسببها متلازمة الأمعاء المتهيجة بما في ذلك ألم في منطقة البطن، والغازات، والإسهال، وقد يوصي الطبيب بإجراء اختبار التنفس (بالإنجليزية: Breath Test) أو قد يطلب من المريض عدم تناول الحليب ومنتجاته لعدّة أسابيع.

-التنظير الداخلي العلوي: (بالإنجليزية: Upper endoscopy)، يتمّ إجراء هذا الفحص عن طريق إدخال أنبوب طويل ومرن في الحلق بحيث يتم تمريره أسفل الحنجرة عبر القناة التي تربط الفمّ بالمعدة، وتُتيح الكاميرا المتصلة بنهاية الأنبوب للطبيب فحص الجهاز الهضمي العلوي والحصول على خزعة من الأمعاء الدقيقة أو عينة من السّوائل، وذلك للكشف عن فرط نمو البكتيريا، وقد يوصي الطبيب أيضاً بإجراء التنظير الداخلي إذا اشتُبِه بإصابة المريض بالداء البطني.

-اختبار التنفس للكشف عن فرط في نمو البكتيريا: يُمكن أن يساعد هذا الاختبار في تحديد ما إذا كان المريض يُعاني من زيادة في نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة أم لا، ويكون فرط نمو البكتيريا شائعاً أكثر لدى الأشخاص الذين خضعوا لعملية جراحية في الأمعاء، أو أُصيبوا بمرض السكري، أو أيّ مرض آخر يُسبّب إبطاء الهضم، ومن الجدير بالذكر أنّ هناك ثلاثة أنواع رئيسية من اختبار التنفس، نذكرهم كالآتي

-اختبار التنفس للحمض الصفراوي (بالإنجليزية: Bile acid breath test): حيث تساعد الأحماض الصفراوية في الكبد على هضم الدهون الموجودة في الأمعاء الدقيقة، وقد تتأثر عملية هضم الدهون في حال وجود فرط نمو بكتيري. لذا يُستخدم في هذا النوع من اختبارات التنفس كبسولة من الأملاح الصفراوية تحتوي على جهاز تتبع إشعاعي للكشف عن وجود خلل في وظيفة الأملاح الصفراء.

-اختبار التنفس الزايلوز (بالإنجليزية: Xylose breath test): يُعدّ هذا الاختبار حسّاسًا ومُحددًا للغاية، ويختبر النّمو الزائد للبكتيريا في الأمعاء الدقيقة.

-اختبار التنفس بالهيدروجين (بالإنجليزية: Hydrogen breath test، واختصارًا HBT): يُساعد هذا الاختبار في قياس كلٍّ من إنتاج الميثان والهيدروجين في الجهاز الهضمي، وذلك من أجل تقييم ما إذا كان هناك سوء امتصاص للكربوهيدرات أم لا، كما يُحدّد هذا الاختبار ما إذا كان هناك فرط نمو بكتيري في الأمعاء الدقيقة قد تسبّب بالمُعاناة من ألم البطن.

اختبارات الدم

تُجرى في الغالب اختبارات الدم لاستبعاد أي حالات صحية أخرى؛ مثل الداء البطني ومنه حساسية القمح أو الشعير.

نصائح للتعايش مع القولون العصبي

هناك العديد من النصائح التي يُمكن اتباعها للتخفيف من أعراض القولون العصبي، ومنها ما يلي:

-تناول الأطعمة الغنية بالألياف: حيث إنّ تناول الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الألياف يُساعد على تنظيم حركة الأمعاء وبالتالي يُقلل من الإمساك، كما تعمل الألياف على توسيع القناة الهضمية من الداخل، مما يُقلل من فرصة تشنجها أثناء نقل الطعام وهضمه. يُنصح بإضافة الألياف ضمن النظام الغذائي بشكل تدريجي، لأنها قد تُسبب الانتفاخ والغازات عند تناولها دفعة واحدة. يجب على المرضى المصابين بالقولون العصبي المصاحب للإسهال تناول الألياف القابلة للذوبان، وهو النوع الذي يستغرق وقتًا أطول للهضم؛ ومن الأمثلة على ذلك: الفاصولياء، والبازيلاء، والشوفان، والشعير، والحمضيات، والجزر، والتفاح.

-الابتعاد عن التوتر والقلق: يُمكن أن تتسبّب العوامل النفسية مثل القلق والتوتر في تفاقم أعراض القولون العصبي. يُنصح باللجوء إلى أخصائيي الرعاية الصحية المعنيين بتقديم النصائح التي من شأنها المساعدة على الحدّ من التوتر والقلق لدى المريض. يمكن اتباع بعض الإجراءات والنصائح التي قد تساعد على التقليل من التوتر والمشاكل المرتبطة بمتلازمة القولون العصبي؛ ومنها: تقليل تناول المشروبات الغنية بالكافيين، وتناول وجبات منتظمة وصحية، وممارسة التمارين الرياضية، والإقلاع عن التدخين.

-الإكثار من تناول الماء: يُنصح مرضى القولون العصبي بشرب كميات كافية من الماء خلال اليوم، خاصّة إذا كان الشخص يُعاني من الإمساك، أو الإسهال، أو عند تناول الأطعمة الغنية بالألياف. وبشكلٍ عامّ يُنصح بتناول كوب من الماء مع كلّ وجبة من الطعام.

-ممارسة الرياضة بشكل منتظم: يمكن القول إنّ ممارسة الرياضة تساعد على الحفاظ على حركة الجهاز الهضمي، والتقليل من الإمساك، والتوتر، والقلق. يُنصح بممارسة الرياضة ما لا يقل عن ساعتين ونصف أسبوعيًّا، موزّعة على ثلاث جلسات على الأقل.

-تناول وجبات منتظمة وخفيفة: يُنصح مرضى القولون العصبي بتناول ثلاث وجبات متوسطة، ووجبة إلى ثلاث وجبات خفيفة وصغيرة يوميّاً، فهذا يُساعد على تخفيف الأعراض. ومن الجدير بالذكر أنّ وجبة الإفطار من الوجبات المهمّة في التقليل من الإمساك.

-تجنب أو التقليل من الأطعمة الغنية بالدهون: قد يُعاني بعض المرضى المُصابين بالقولون العصبي من تفاقم الأعراض بعد تناول الأطعمة الدهنية؛ مثل: الأطعمة المقلية، والرقائق المقلية، واللحوم الغنية بالدهون، والألبان كاملة الدسم. يُمكن استبدال الألبان كاملة الدسم بقليلة الدسم، ويُمكن طهي الطعام بكميات قليلة من الزيت.

-التقليل من الكافيين: إنّ تناول الكافيين قد يتسبّب بتهيّج القولون العصبي، وبالتالي تفاقم الأعراض؛ بما في ذلك الألم والإسهال. يُنصح بعدم تناول أكثر من ثلاثة أكواب من المشروبات التي تحتوي على الكافيين خلال اليوم. يُشار إلى أنّ الشوكولاتة وبعض المشروبات الغازية قد تحتوي على الكافيين أيضًا، وهذا ما يستلزم التقليل منها أيضًا.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد