حزب الله الدولة

mainThumb

02-09-2024 05:37 PM

 

لا تزال حسابات اسرائيل المتخوفة من تهديد خارجي تضع في راس قائمتها خطر تواجد حزب الله على حدودها ، ليس هذا فحسب ؛ لقد تطور الامر الى حد اعتبار احتمال دخول مقاتليه الى الأراضي الإسرائيلية ممكنا سيما مع تهديدات الحرب المتتالية بهذا الشان .
حاولت لهجة الحزب الاخيرة التي وردت على لسان امينه العام تفريق نسيج غمامة التخوف الاسرائيلية هذه من خلال دعوة اهالي مناطق النزوح في لبنان الى العودة الى منازلهم وترك عوامل التخوف تذهب مع رياح تغيير سياسة الحزب التي بدت معالمها اثناء الحديث عن انجازات الضربة الاخيرة التي وجهها الحزب ردا على مقتل فؤاد شكر ، والدعوة الى التخلي عن هواجس القلق وهجرها لصالح التنعّم بالاستقرار.
رسالة الحزب هذه اريد لها قصدا او عفوا ان تبرق الى اسرائيل برسالة عاجلة ورسمية تحمل كثيرا من معاني الجدية ؛ ربما لا تحمل معاهدة دولية مثلها ، مفاد هذه الرسالة ان الحزب اكتفى بتوجيه ضرباته التي يتوسّل فيها اقامة التوازن بين اعتباره ركنا من اركان محور الحلفاء وبين تنحية لبنان البلد – لا اقول الدولة – عن مخاطر التورط غي حرب مع اسرائيل بغض النظر عن قدرته في إيقاع خسائر كبيرة بها .
هذا التوازن بين عدم رغبته في الحرب وبين اضطراره لخوضها فيما لو فرضت ـ وهو لا يريد حتى هذا الخيار الاخير ـ يضع الحزب في مواجهة جبهة الداخل التي لا يقل القتال فيها عن جبهة الخارج ، جبهة الداخل هذه ليست راضية بجميع أطيافها عن نهج حزب الله الاخير هذا .
لم تترك القوى السياسية المشاركة للحزب في حكم لبنان فرصة واحدة الا وأكدت فيها ان الحزب يقود يقود البلاد بتهور الى هاوية الحرب وويلات الاجتياح التى عانى منها لبنان طويلا ، هذا المد المعاكس كان يفهم منه حرصه على لبنان وعدم جرّه الى ما ليس له به وكفى ، اننا نعتقد ان التصريح الاخير لأمين عام حزب الله لم يرق للكثيرين من نقاد الالة المقاتلة لحزب الله باعتبار ان الانصياع الاخير الذي أبداه الحزب متحملا به مسؤوليته كقائد في مسير السياسة اللبنانية يعارك رفقاء المسيرة اكثر مما يعارك خصومها ، هذا الموقف المنصاع للمصالح اللبنانية لم يكن محل رضا كثير من غرماء حزب الله باعتبار اجهاض ادوات قذف الحزب واسقاطها في ايدي اصحابها سيّما ان سياسة التهدئة هذه كانت ـ كما سياسة التصعيد ـ بغير رغبة هؤلاء الغرماء.
انعدام رضا الغرماء هذا لن يطول حاله حتى يتصاعد مع تصاعد العمليات بين اسرائيل وحزب الله برغم اطلاق حزب الله صفارات نهاية التأزيم هذه التي لاينبغي ان يصرح من وراءها وقف القتال تماما ، اسرائيل لن تفهم رسالة الحزب هذه على انها محاولة جادة لأخذ كلا الشعبين وبخاصة المدنيين منهم نحو طريق السلامة ؛ بل ترى في خطوة كهذه : تأهبا مسبوقا بتروٍّ متبصّر لاينكن لها معه السكوت والركون الى آمال المدنيين الذين لا يتقنون فن ادارة معركة تكون فيها خسارتها كلفة محاولة انهائها .
استنادا الى هذه الاعتبارات وغيرها ؛ لن تجازف اسرائيل بإعادة النازحين من حدودها الشمالية الى بلداتهم وفقا لرسالة الحزب المضمنة في بث روح الاستقرار وطرد الخوف التي حاول الامين العام استعمالها في امتصاص رد اسرائيلي يحمل حزب الله مسؤولية الرد عليه مرة اخرى يطيل سلسلة الضربات والردود .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد