انتخابات أم مزاد علني؟

mainThumb

02-09-2024 12:47 AM


عمّان- السّوسنة

في زحام الانتخابات البرلمانية الأردنية لعام 2024، يبدو أن المشهد الديمقراطي قد تحول إلى ساحة للعرض والطلب، حيث لم تعد القوائم الانتخابية تتنافس بأفكارها وبرامجها، بل بمقدار ما تستطيع ضخّه من أموال! السؤال الذي يطرحه المواطن البسيط اليوم: هل هذه انتخابات أم مزاد علني؟

في عالمٍ بات فيه الجوعُ للمال أكبر من الجوع للمناصب، يتساءل الأردنيون عن مصداقية الانتخابات عندما يشاهدون مرشحًا يُنفق أكثر من مليون دينار فقط لتوزيع الطعام على المؤازرين أو لحجز أكبر عدد ممكن من لوحات الإعلانات على الشوارع والمحال، بل وحتى على شاشات التلفزيون وصفحات الصحف.

كم تبلغ كلفة "كنافة الانتخاب" المقدمة في الحفلات التي قد تستمر لأيام؟ هل نحتاج فعلاً إلى معرفة أرقام هؤلاء المرشحين البنكية لنفهم كيف ينفقون الملايين بهذه السرعة؟

أصبح معروفًا للجميع أن كل قائمة انتخابية تضم "صاحب الكرسي" - ذلك الشخص الذي يحمل مالًا يكفي لإطعام دائرة انتخابية بأكملها لعدة أشهر، بينما بقية المرشحين في القائمة بالكاد يجدون ما يسدون به رمقهم. هؤلاء المرشحون "الفقراء"، ولا أقصد هنا الفقراء بالمال فقط بل حتى بالسلطة والنفوذ، يعيشون واقعًا مريرًا، حيث يُجرّون إلى حفلات واستراحات تُنظّم باسم القائمة ولكنها فعليًا لصاحب المال وحده.

أليس من السخرية أن تُعرَف القائمة الانتخابية باسم هذا الشخص فقط؟ أن يتحوّل اسم القائمة إلى اسم العرّاب المالي فيها؟ ربما ينبغي لنا أن نستحدث قانونًا جديدًا: "القائمة تُعرف بالمرشح الأغنى".

لن نتفاجأ إذا أصبح لدى الناخبين القدرة على تخمين النتيجة الانتخابية بناءً على حصة الإعلانات التي يشتريها المرشحون. فمن يستطيع أن يُنفق أكثر على الإعلانات والتلفزيون والطعام والشعارات الجميلة هو الذي سيجلس على الكرسي. حتى أن شعارات مثل "انتخاب المصلحة العامة" أو "التغيير للأفضل" تحوّلت إلى مجرد ديكور مكمل لمسيرة المال، التي لا يعرف نهايتها إلا صاحب الرصيد الأكبر.

فلنسأل أنفسنا بصدق: هل نحن أمام انتخابات سياسية أم أمام سباق مالي ماراثوني؟ هل باتت السياسة مجرد تجارة جديدة تُدار وفق قوانين السوق؟ وإذا كانت هذه هي الديمقراطية التي نحلم بها، فربما علينا إعادة النظر في مفاهيمنا، لأننا قد نكون في طريقنا إلى استبدال صناديق الاقتراع بصناديق البنوك.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد