الدعوة ذوق وفن

mainThumb

29-08-2024 12:47 AM

إن رسالة المسلم لا تقتصر على تحصيل القوت والسعي لبناء المشاريع الربحية الخاصة فحسب أو تحقيق الرفاه الاجتماعي المادي واكتساب عوامل النجاح في الحياة سواء بنيل أرقى الشهادات أو تحصيل مراتب عالية في الوظائف أو السعي وراء الثراء والغنى كل هذه العوامل مطلوبة وتحصيلها لا يتنافى مع الشرع ، بل على العكس من ذلك فالأصل تحصيل مفهوم القوة بجميع معانيها .
ولكن يحسب لي ولك أن تحصيل كل هذه العوامل لن تجعل منا الإنسان الذي يرى السعادة بالعين الحقيقية ، فسعادتنا أن نختار السبيل والطريق الذي اختاره الله لنا يقول الله تعالى : " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " فصلت:33
إن شرف أمة محمد صلى الله عليه وسلم في سلوك هذا الطريق ، إنه طريق إقامة الشهادة على الناس و هي أرقى التكاليف يقول الله تعالى : " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " 104 من سورة آل عمران
فهل هناك طريق أفضل وأحسن من طريق فضله الله لنا أن نسلك طريق الدعوة إلى الله بأرقى الأساليب و بأحسن الوسائل .
أحسب أن الذي يسلك مثل هذا الطريق حري به أن يمتلك أبرع الأساليب وأمهر الطرائق ناهيك عن معرفة المنهج الذي تستمد منه الغاية الكبيرة فيكون الانطلاق بدءا ونهاية أن يكون الله سبحانه هو أسمى الغايات ، طريق طريق نسلكه و نحن نملك زمام العلم طريقا لتنوير العقول ونملك التربية أسلوبا لتحصين النفس الأمارة بالسوء و بالأدب طريقا لكسب القلوب التائهة لتجد طريقها وسعادتها المفقودة في ربوع جمال أخلاقنا فتفضل السير مع رفقة همهم الدعوة إلى الله ، هممهم المسارعة في الخيرات تسير مع رفقة هممهم الاعتزاز بالانتماء لهذا الدين .
ومن الأساليب المؤثرة في الدعوة والتي لها تأثير الملح في الطعام القدوة الصالحة فهي القوة المؤثرة التي تجسد المنهاج على الأرض ومن سمات هذه القدوة أنها تؤثر مناحي العمل في حياتها أسلوبا ومن ملامحها أنها تبتعد عن ساحات الجدل والمراء وزراعة الفتن ، ومن سماتها أيضا تبعث الأمل في النفوس ، تحارب اليأس الذي يزرعه المرجفون من المتربصين بكل مشروع ريادة.
من الأساليب الأخرى التي تسهم في نجاح الدعوة صبغ الحياة بالأريحيات الذوقيات فالإسلام نبض يسري في الروح والنفس وقد وجدت وصفا دقيقا لهذه المعاني لأحد رموز الدعوة الإسلامية الحديثة الأستاذ المربي عباس السيسي عليه رحمة الله فهو رجل عاش للدعوة وحق له أن يكون المثال المحتذى به . وقد وصفه أحد إخوانه ، يصدق فيه النموذج الاحترافي لرجل الدعوة يقول د. عمرو الشيخ في مقالته المميزة شاهد على الدعوة يقول :
" وكيف لا وهو الذي كتب رسالته الدافئة (الدعوة إلى الله حب)، يصل إلى قلوب الناس بحسن خلقه، وبشاشة وجهه، وجمال أسلوبه الدعوي، يترفق بالناس، يُدخل السرور على قلوبهم، يشاركهم في مشكلاتهم، ويعمِّق العلاقة بهم، يُقيم أواصر الحب معهم، يتلطَّف بالصغير، ويصبر على الجاهل، ويمتِّن الصلات الاجتماعية معهم، عن طريق التزاور، ومشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم!!. وهو بسيطٌ في مظهره، باسمُ الثغر، واسعُ الصدر، حليمٌ على من يُسيء إليه، ودودٌ لإخوانه، رفيقٌ بجيرانه وزملائه، خفيفُ الظل، لا يُرى إلا مبتسمًا، كثيرُ الدعابة لإدخال السرور على مَن حوله، ولكن بأدب الإسلام، يَروي القصص بأسلوب مشوِّق جميل، ويهدف من كل ذلك إلى استمالة قلوب المدعوين إلى دعوة الحق، ومنهج الحق، ودين الحق، صبَرَ في كل المحن التي تعرض لها، له إسهامٌ كبيرٌ في نشر الدعوة داخل مصر وخارجها، وله محبُّون وتلاميذ في أكثر أنحاء العالم العربي وفي الغرب. "
في خلاصة هذه الكلمات استحضرت واقعنا المرّ ، واقع تسوغه تنافس تعرى من قيم المنظومة الأخلاقية التي يفترض أن نكون نحن نموذجها الصحيح على الأرض ، أن يكون التنافس على البرامج والمشاريع ، يكون التنافس بتقديم البدائل ، و أن يكون التنافس دافعه اكتساب الأجر ، لا فضح الأعراض ، و هتك الستر الذي يفترض أن نحن حراسه ، فالرجل القدوة يميل للستر لا الفضح ، نسأل الله أن يردنا للحق البين .. آمين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد