«خامنئي» وتأجيج الصِّراع مع السُنة .. لماذا الآن؟

mainThumb

29-08-2024 12:39 AM



قد لا تكونُ تصريحاتُ خامنئي غريبةً للمتابعين، لكنّ توقيتها جاءَ مفاجئًا، كأنّها رسائل عديدة وواضحة لمن يقرأ المشهد جيدًا ويلتقطها، رغم اعتقادي أنّ الكثير من الناس ما زالوا يشكِّكون.
أتحدث هنا، عن تصريحات ما يسمى «الوليّ الفقيه»، أو قائد الثورة الإسلامية، أو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الايرانية علي خامنئي، الذي يتولى إمامة الأمّة في زمن غياب المهدي المنتظر «الإمام الثاني عشر عند الشيعة الإثني عشريّة»، والشجاع العالم بأمور زمانه، التي قال فيها إنّ المعركة بين الجبهة الحسينية، ويقصد هنا الشيعة، والجبهة اليزيدية ويقصد هنا السُنة: «لا تنتهي أبدًا» ..!!.
وتابع خامنئي: «... فمقابل هذه الجبهة، تقف جبهة الجَوْر والظلم ونكث العهد الإلهيّ. إنكم ترون اليوم هذه المواجهة في العالم... الجبهة الحسينيّة تقاوم اليوم الجبهة اليزيديّة، أي جبهة الظلم والجور.. في معركة مستمرة»، انتهى الاقتباس.
وخامنئي فعليًا الحاكم الأكبرُ لإيران، فهو يعلن السلم والحرب، ويصادق على انتخاب الرئيس ويقيليه وفق شروط معيّنة، ويرسم السياسات العامة للبلاد، والكثير من الصلاحيات الواسعة التي نصّ عليها الدّستور الإيرانيّ، ويتربع على عرش أمة مكونة من 90 مليون نسمة، ويدين له بالولاء عشراتُ الملايين في العالم، باسم الدين، وما يجسده من قدسية مستمدة من المذهب الشيعيّ الإمامي أو الجعفري، القائمة على خلافة الإمام «التائه» في السرداب، والذي سيظهر في آخر الزمان ليخلص البشرية من الظلم والجور، هذه الهالة المُقدسة منحت خامنئي منذ 35 عامًا سلطة واسعة دون أن يجرؤ أحدٌ على انتقاده، ومستمدة من معاداة غالبية المسلمين «السُنّة» في العالم ووصفهم بجبهة الجور والظلم ..!!.
أعتقد أنّ تصريحات خامنئي، لا تصبُّ في صالح التعايش الإقليمي في المنطقة، ولا في مصلحة الشعوب الإسلامية، بقدر ما تصبُّ في مصالحه السياسية، وإعطاء موقعه جرعةً من القدسية المستمدة من المعتقد الديني، فما تفوّه به خامنئي لا يُغني ولا يُسمن من جوع، ولا يغيّر من الواقع السياسيّ شيئًا، سوى مزيدٍ من كشف الغطاء الذي يستر أصحاب هذا النظام في كيفية التعامل مع القضايا العربية، ويوضح للمعجبين به من عامة الشّعوب العربية المتوقعة منهم تحرير فلسطين.
كثيرٌ من الناس ما زالت تنتظرُ أو تعتقد أنّ الردَّ الإيراني على اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية، في أكثر الأماكن حراسة في العاصمة طهران، سيأتي وسيكون مزلزلًا، وقد مضت الأسابيع وستمضي أيضًا، حتى تفوه القائد الملهم بهذه التصريحات التي أسقط منها «إسرائيل»، وأعلن أنّ «العدو الحقيقيّ والأزلي هم السّنة.. والمعركة معهم مفتوحة»، وليس اليهودَ كما اعتقَد البعضُ.
أعجبني تهكُّم بعض الزّملاءِ الإعلاميين العرب على الردّ الإيراني، فقد قال أحدهم إنّ «إيران ردت على إسرائيل، ولكن على الخاص"، وبالفعل هذه العبارة اختصرت المشهد أو الحدث كاملًا، فهناك اتفاق واضح على اقتسامِ النفوذ في المنطقة بين إيران وإسرائيل، وأميركا بالطبع ليست بعيدةً عن هذا، بل هي تجلس في منتصف الطاولة.

أظنّ أنّه آن الأوان لأنْ يستيقظ العربُ من وهمِ ما يسمى بمحور المقاومة، والانجرار خلفه؛ فما هو إلّا عنوانٌ من عناوينَ برّاقة خادعة لسلب الأمة والاعتداء عليها، والسيطرة على مقدّراتها، وجميعنا تابع ورأى بشاعة الجرائم التي وقعت في العراق وفي سوريا، وما يقع في اليمن اليوم.
أمّا أردنيًا، علينا أن نتذكر أنّ الحرس الثوري الإيرانيّ، وهو الذّراع العسكري للفقيه الإيراني الذي يرانا من جبهة الظلم والجور، يتربّع على حدودنا الشمالية، ويسيطر على الجنوب السوري، ويجند الميليشيات، ولا أدري ما هي خططه المستقبلية، لكن حتمًا ستكون ترجمة لما تفوّه به «الإمام الفقيه»، ولكنْ نثق بقدرات قواتنا المسلحة والقيادة الهاشميّة التي تعي هذا الخطر جيدًا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد