المغرب معالم ودلالات

mainThumb

28-08-2024 03:17 PM

يعجز اللسان عن الوصف والعقل عن التفكير عندما نتحدث بمقال مقتضب كهذا عن المغرب، فالزائر للمغرب يجد التاريخ والجغرافيا والحضارة والعلم والأخلاق والدين واللغات كلها اجتمعت في هذا البلد العريق بناسه وتراثه وثقافته، يدرك هذا جيداً من يذهب للمغرب متجرداً ومنصفاً ليرى بعينيه، ويسمع بأذنيه، ويمشي بين الناس على الأرض بقدميه، ليقف على الحقيقة بنفسه بعد أن غيَّب الإعلام العربي مع الأسف هذا الإرث الحضاري عن أذهان العرب أمداً طويلاً.
النظام والإخلاص في العمل هو ديدن الشعب المغربي فهو يعمل ويكدح ليل نهار ليأكل من عمل يده في تلك الديار المباركة والأرض الطيبة، لا تجد غضاضة فيما أشكل عليك السؤال عنه لتجد المبادرة بالجواب على سؤالك مقرونة بكلمة مرحبا، ولن تجد أحداً يسأل من أي بلد أنت؟ ولماذا أتيت؟ أو يتدخل في خصوصياتك مالم تكن مبادراً بالحديث، ينعكس خلالها مشاعر إيجابية لدى السائحين عن أخلاق هذا الشعب المضياف الذي يحترم الآخر ويقدم له المساعدة بكل ما يستطيع.
السُّياح من غير العرب قد أخذ المغرب منهم مأخذه، وشدَّهم للرحيل إليه، والسكن في شماله وجنوبه، بل لن تصدق أن مدينة كمراكش مثلاً قلَّما تجد مكاناً يأويك لكثرة الزائرين لها من كل حدب وصوب من كل قارات العالم، وقد يستغرق الوقت منك ساعات طويلة من النهار للوصول لجامع الفنا على سبيل المثال لكثرة الازدحام من البشر القادمين من كل أصقاع الدنيا.
يندُر أن يجتمع في بلد بقارات الدنيا كل اللغات وكل البشر ماعدا المغرب، فهو بلد سياحي يحوي معظم مقومات السياحة، فإن أردت الطبيعة الخضراء سوف تجد أمامك القطار السريع "البُراق" للتنقل بين الدار البيضاء وشمال المغرب للاستمتاع بطنجة وتلالها الخضراء، وتطوان ومقاهيها الرائعة، وشفشاون ومبانيها العتيقة، والسحيمة وشواطئها الواسعة؛ أما في الوسط والجنوب - فأس ومكناس ومراكش - فقد جمعت العلم والتاريخ والآثار والحضارة التي أسست للمغرب منذ آلاف السنين بدءاً من الرومان، والأدارسة، والمرابطين، والموحدين حتى يومنا هذا؛ ومن هناك انتشرت باقي الحضارات لكل دول قارة أفريقيا.
في الغرب من المغرب تجد العمران الحديث والفريد والتنظيم الراقي والهدوء والسكينة في العاصمة الإدارية "الرباط" والمنظر الأخَّاذ على ضفاف نهر أبي رقراق القادم من جبال أطلس من جهة الشرق باتجاه المحيط، وفي جارتها الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية تشاهد من بعيد المنارة البيضاء للجامع الفريد في عمارته والأعلى ثانياً بين جوامع العالم ارتفاعاً "مسجد الحسن الثاني" وما حوله من ساحات يجتمع فيها الناس كل مساء للاستمتاع بالنسيم القادم من المحيط، وعلى امتداد الشريط الساحلي في الجنوب الغربي تجد أغادير حيث التضاريس المتنوعة، والرمال الساحلية المطلة على المحيط، والأسواق العتيقة التي تجد فيها مبتغاك.
ما أود قوله تحية إجلال وتقدير للمغرب حكومةً وشعباً على كرم الضيافة، والأدب الجم، والاحتفاء بالقادمين، واحترام الوافدين، كما نشكركم على حبكم لبلدكم، واخلاصكم في عملكم، واتقانكم لصنعتكم، فقد علمتم الدنيا كلها، والأولى أن تتعلم منكم الشعوب في دول الجوار بالعالم العربي لتنهل من ثقافتكم الأصيلة، وعلمكم الغزير، وحضارتكم العريقة.
ختاماً: رسالة لكل السائحين العرب نقول فيها اجعلوا للمغرب نصيباً من سياحتكم، وسوف تدركون لاحقاً أن زيارة واحدة لهذا البلد تكفي عن زيارة كل بلاد الدنيا قاطبة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد