نص: الوقت من وبر وانتظار

mainThumb

19-08-2024 10:01 PM

 

كأنّي أمشي في جنازَتي.. ولا أعرفُني؛
لستُ أنا الذي يمشي
ولستُ أنا الذي في التّابوت
ولستُ أنا الذي دفَنَ رأسه بينَ ذراعيكَ
ثمَّ
مشا فوقه..
 
كنتُ أريدُ أن نمشي (معًا) مطمَئنّين في الجنازة
وأن نودّعَني كما يجب..
كنتُ أريدُ ألّا أكتبَ هذا النّص؛
الفراقُ يصيرُ يابسًا وحقيقيًا حينَ أستطيعُ كتابته…
 
كنتُ أريدُ أن أظلَّ مخنوقًا بكلماتٍ لا أعرفُها..
وبطعمها المرِّ في فمي..
وبوجودي الخفيفِ (والمستفزِّ) على طرف الأشياء.
 
كأنّي.. مشيتُ في جنازتي وانتهى الأمر.
كأنّ صدري حفرة خالية ولانهائيّة.. ولا أستطيعُ القفزَ فيها…
كأنّي واقفٌ وأنا مَيْت..
حيثُ ألصقُ قطع وجهي كلّ صباح بصعوبة حينَ أجده منثورًا في السرير،
وذاهبًا باتّجاه جهة نومك الفارغة…
 
[الوَقتُ من وبَرٍ وانتظار. وأنا قربَ رأسي أتأمّل النمل الهابطَ منه. الوقتُ فرجار يغرزُ قدَمًا في ورقة الصّدر، وتدور قدمه الأخرى في دوائر حمراء تضيقُ تدريجيًا. وأنا قربَ رأسي. لو كانَ بإمكانِ الإنسانِ فصل رأسه، هكذا ببساطة، (طَقْ)، ويصبح رأسه في يده، هذا يستلزم أن يكون لديه إمكانية أولًا لنقل عينيه إلى صدره؛ ليرى. ثمّ يبدأ الإنسان باستخراج لفافاتِ الــ(FILM)، مثل تلك التي في الكاميرات القديمة. واثقٌ أنّ رؤوسنا مليئةُ بمثلها، يستصلحُ ما يريد ويرمي ما يُريد، ثمّ ينظّف رأسه جيّدًا ويعيده إلى مكانه. ربما في تحديثٍ جديد للكائناتِ (البشريّة خصوصًا) يمكن أن يحدثَ شيءٌ من هذا القَبيل. أو ربما كان يحدثُ أصلًا لكنّه توقّف. هذا الأمر سيجل الكثيرَ من الأمور أسهل، هذا سينقِصُ على الأقلّ عدد الشّعراء في العالم إلى النّصف]
 
على نشرة الأخبار، يحدثُ كلّ هذا
أحاول ألّا أفقدَ عقلي.
أكتبُ الآن لأتذكّر غدًا أنّ عقلي مازال موجودًا..
أو
أنّه
كان
موجودًا..
وأنّني لم أكُن هنا..
حينَ جئتِ تاركةً غابات السّرو إلى الشّجرة العارية
وحينَ غادرتِ أيضًا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد