قضية فلسطين والفوضى السياسية

mainThumb

10-08-2024 02:25 PM

لم تشهد الساحة العربية فوضى سياسية عبر عقودها الماضية كالتي تشهدها في الوقت الحاضر، تُشكِّل القضية الفلسطينية رُمَّانة الميزان، فالكل يقتات من ورائها ويدَّعي العمل لأجلها في الداخل الفلسطيني والخارج عرباً وعجماً من المسلمين وغيرهم شعوباً وقادة، الكل ينادي بعدالة القضية حتى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، الحرب والدمار والتجويع والتشريد والحصار هو سيد الموقف حتى الآن.
الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يجلب للطرفين الراحة والهدوء، فالكل يريد أن يقصي الآخر بالطريقة التي يُريد، لم تعد العلاقات الدولية ولا القانون الدولي يجدي نفعاً، فمنذ أن نشأت القضية الفلسطينية على أرض الواقع تتنازعها الأطراف المحلية والدولية أضحى القانون الدولي حبراً على ورق، وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ليست لغة المنطق، فاستخدام منطق القوة هو من يُقرِّر بعد أن غاب الحوار البناء والامتثال للقوانين والطرف المحايد في هذه القضية.
القضية الفلسطينية قسمت الصف العربي إلى قسمين، أحدهما ينادي باستخدام لغة المنطق والحوار واستخدام العمل الدبلوماسي والصبر لعدم وجود تكافؤ بين الأطراف المتصارعة، هذا المحور يؤيد ما تقوم به السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتدعمه جامعة الدول العربية التي خاضت في سبيل تحرير القضية الفلسطينية عدة حروب لم تسفر عن انتصار للحق الفلسطيني فاتخذت الدبلوماسية طريقاً آخر للتعامل مع إسرائيل حتى اليوم.
المحور الآخر يمثل المقاومة في غزة تدعمه ايران ومن سار في ركابها، لكنها تستخدم أدواتها في هذا المضمار دون أن تخوض حرباً بذاتها منذ أن تأسست الثورة الإيرانية الحديثة، عدا الحرب العراقية الايرانية التي فرضت عليها خلال ثمانينيات القرن الماضي واستمرت ثماني سنوات.
العلاقات العربية الفارسية أيضاً ليست في أحسن حالاتها، فالمحور الإيراني يريد التهام كل الدول العربية عبر الميليشيات التي زرعتها ايران في المنطقة العربية وترعاها بالتدريب والسلاح وحتى المنهج، هذه السياسة الخفية تغيب عن العقل العربي، فالذي ينظر للقضايا المتشابكة بعمق يرى أن الطرفين ايران وإسرائيل تتصارعان على الغنائم في الوطن العربي، فقد استحوذت ايران على دمشق وبيروت وصنعاء وبغداد، والصراع القائم حالياً بين الطرفين هو نتيجة الخلاف على تقاسم النفوذ.
المخطط القادم بين ايران واسرائيل يستهدف الأردن لتقسيمه إلى شطرين عبر توغل الميليشيات والمرتزقة الذين جلبتهم ايران واستوطنوا العراق بأعداد مليونية بانتظار لحظة الصفر لانطلاق جحافلهم باتجاه شرق الأردن، في حين تخطط إسرائيل لترحيل سكان الضفة باتجاه غرب الأردن للاستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطين.
كل المناوشات التي تحدث بين إسرائيل وايران ليست صحيحة، هي مجرد أكاذيب لتنفيذ المخطط، يذهب ضحية تلك المناوشات الأغرار والسفهاء والجهلة والرعاع من أتباع المنهج الصفوي عرباً وعجماً، فالاغتيالات التي حدثت وتحدث بين الفينة والأخرى لقادة الفصائل المسلحة لا تعني شيئاً لإيران طالما كان الهدف ابتلاع المزيد من الجغرافيا العربية وكسب المزيد من الولاءات بالشارع العربي، فجميعها كانت بعلم الطرفين وتحت نظر وسمع الجانبين، فالتخطيط والتنفيذ وحيد المنشأ إيراني إسرائيلي مشترك.
في ذات السياق لا يرى الوطن العربي من الفصائل الفلسطينية غير الجحود والنكران والسباب والشتائم عبر منابرهم التي تحولت إلى منابر سياسية لا دينية فقهية لمهاجمة العرب رغم أنهم بذلوا الغالي والنفيس والدعم السياسي على كافة المنابر الدولية عقوداً من الزمن ذهبت كلها أدراج الرياح.
لم ولن تجني القضية الفلسطينية سوى هدر المزيد من الدماء وتدمير البنية التحتية وتشريد السكان طالما وضعت الفصائل يدها بيد المستعمر الفارسي الذي لا يريد الخير بالعرب والمسلمين، سوف تستثمر إسرائيل هذا الموقف بالتعاون مع ايران بالتشجيع على مواصلة القتال، فكلاهما يزعم أن الفصائل بخير ولا تزال قوية، هذا السيناريو تدعمه بعض القنوات المأجورة كالجزيرة وغيرها عبر الحوارات غير البناءة حتى يستمر مسلسل التدمير للشعب الفلسطيني حتى ينتهي عن آخره.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد