التعاون الثلاثي بين الإنجازات والتحديات

mainThumb

08-08-2024 12:47 AM


هدفت آلية التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي للوصول الى التكامل الاقتصادي بين هذه الدول الثلاث، وقد شهدت عدة اجتماعات وزارية وقمم قادة على مدى السنوات الماضية، وفي إطار هذا التعاون الثلاثي تم الإعلان عن العديد من الاتفاقيات والمبادرات في مجالات مختلفة، ومن أهمها اتفاقيات الطاقة، وانشاء المدن الصناعية، واتفاقيات النقل والاتصالات، واتفاقيات الزراعة والتجارة وريادة الاعمال، وقد تحقق تقدما على أرض الواقع ولكن بنسب متفاوتة، سنتناول الانجازات التي تمت لهذه الاتفاقيات والمشاريع ونقف على اهم التحديات التي تواجهها.
.
على مستوى مشاريع الطاقة، ترتبط الشبكة الكهربائية الاردنية بالشبكة المصرية بشكل متزامن منذ عام 1999 بكيبل بحري يمتد عبر خليج العقبة بطول (13 كم)، وباستطاعة 550 ميجاواط بجهد 400 كيلو فولت، ويتم تجديد عقد تبادل الطاقة الكهربائية بين البلدين بشكل سنوي، ويتم العمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة لزيادة القدرة التبادلية للطاقة الكهربائية الى 1000 ميجاواط مع نهاية عام 2024، ومن المتوقع أن يكون نسبة ما تم إنجازه لهذا العام حوالي 70-80% من هذه المرحلة، والعمل على زيادة القدرة التبادلية للطقة الكهربائية الى 2000 ميجاواط وتشغيله مع نهاية عام 2026، وهذه المرحلة من المتوقع أن نسبة ما تم إنجازه حوالي 20-30% تشمل التخطيط والتصميم والتجهيز للمعدات والمواد.
.
أما بالنسبة للربط الكهربائي بين الأردن والعراق، فقد حقق مشروع الربط الكهربائي بين البلدين تقدماً كبيراً، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى بنسبة انجاز ما يقارب 10% من مجمل المشروع، وقد تم تشغيله اعتباراً من نيسان/أبريل 2024، وتشمل هذه المرحلة الأولية الربط بين محطة الريشة الفرعية في الأردن ومحطة الرطبة الفرعية في العراق، لتزويد العراق بقدرة تتراوح من 40 إلى 50 ميجاواط "منطقة راوة"، ويهدف المشروع الشامل إلى توفير ما يصل إلى 500 ميجاواط من الطاقة مع نهاية عام 2024، ويشمل ذلك تركيب البنية التحتية اللازمة ومواصلة تكامل شبكات الكهرباء في كلا البلدين لتعزيز استقرار الشبكة وإمدادات الكهرباء في العراق، ولكن التحديات ما زالت قائمة، خاصة فيما يتعلق بضمان موثوقية وكفاءة الربط البيني، فضلا عن تنسيق الجوانب الفنية والإدارية بين البلدين، ويحتاج المشروع أيضًا إلى التنقل في المشهد الجيوسياسي والاقتصادي الأوسع، والذي يمكن أن يؤثر على الفترة الزمنية وتنفيذ المشروع.
.
ويعد مشروع أنبوب النفط البصرة-العقبة من أهم المشاريع الاستراتيجية بين البلدين يهدف إلى نقل النفط من ميناء البصرة في العراق إلى ميناء العقبة في الأردن، وذلك لتنويع طرق تصدير النفط وتقليل الاعتماد على مضيق هرمز، الذي يُعتبر نقطة مرور حيوية، وقد تم انجاز نسبة 90-95% المرتبط في مراحل التصميم والتخطيط والموافقات اللازمة للبدء في التنفيذ، ونسبة انجاز حوالي 30-40% من الاعمال الانشائية مثل حفر الانابيب وبناء المنشآت الأساسية وتطوير البنية التحتية في بعض المناطق بالتعاون مع الشركات الدولية والمحلية، ولكن المشروع يواجه تحديات مالية وإدارية وفنية مثل تأخيرات في التمويل، والمشاكل اللوجستية والبنية التحتية وأمور تتعلق بالأمن في بعض المناطق.
.
وعلى مستوى التجارة والاستثمار، هناك جهود ملحوظة في التقليل من الحواجز الجمركية والإدارية بين الأردن ومصر والعراق لتحسين حركة البضائع والخدمات، وقد تم توقيع اتفاقيات التعاون بين الدول الثلاث، تشمل تحسين الإجراءات الجمركية وتبسيطها، مما انعكس بشكل ايجابي على حجم التبادل التجاري وخاصة بين الأردن والعراق خلال عام 2023 بإجمالي تبادل تجاري يصل الى 832 مليون دينار، مقارنة بـ772 مليونا عام 2022 بنسبة زيادة 7.7%، بينما كانت الجهود المبذولة أقل بين الأردن ومصر حيث تراجع حجم التبادل التجاري من 990 مليون دولار خلال 2022 الى 864 مليون دولار خلال 2023 بنسبة انخفاض 12.7%، وهذا التراجع الملحوظ في التبادل التجاري بين الأردن ومصر يتطلب تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين لتسهيل حركة البضائع والخدمات والعمليات اللوجستية، ومحاولة تشجيع المستثمرين بين الطرفين على الدخول في مشاريع مشتركة وتقديم حوافز استثمارية، كما يتطلب تطوير شبكات النقل البري والبحري والجوي لتحسين التواصل وتسهيل حركة البضائع والأفراد بين هذه الدول.
.
أما على مستوى اتفاقيات النقل، فقد تم العمل على تحسين طريق بغداد-عمان بدأت بعض الاعمال التحضيرية والمشاورات لتنفيذ المشاريع على الأرض عام 2020 تضمن ذلك تحسين الأجزاء الموجودة من الطريق وتخطيط لأجزاء جديدة، وفي عام 2021 تم إطلاق مشاريع تحسين الطريق فعلياً، بما في ذلك توسعة الطريق وتحسين البنية التحتية الداعمة مثل محطات الوقود والاستراحات، وشهد عام 2022 تقدمًا كبيرًا في الأعمال الإنشائية على الطريق، مع الانتهاء من بعض الأجزاء الرئيسية وبدء تشغيلها، مما سهل حركة البضائع والأفراد بين بغداد وعمان، في عام 2023 تم الانتهاء من عدة مراحل من المشروع بنسبة انجاز تقدر بحوالي 80-90%، مما أسهم في تقليل زمن السفر وتحسين السلامة المرورية، والجهود لتحسين طريق بغداد-عمان مستمرة، مع خطط مستقبلية لمزيد من التطوير والتوسعة، لضمان تحسين البنية التحتية وتعزيز الاتصال البري بين العراق والأردن.
.
أما على مستوى طريق عمان-القاهرة، فقد تم إطلاق مبادرات لتعزيز الشحن البحري بين ميناء العقبة في الأردن وميناء نويبع في مصر عام 2019، لتحسين الخدمات اللوجستية وتحديث المرافق في كلا الميناءين، وفي عام 2020 زاد التعاون بين البلدين لتعزيز البنية التحتية للنقل، بما في ذلك مشاريع تحسين الطرق وزيادة كفاءة عمليات الشحن البحري، وفي عام 2022 تم الانتهاء من تحسينات كبيرة في الطرق السريعة المؤدية إلى ميناء العقبة في الأردن وميناء نويبع في مصر بنسبة انجاز تصل الى 90%، مما أسهم في تسهيل حركة النقل البري والبحري بين البلدين، كما تم تعزيز خطوط الشحن البحري بين موانئ الدول الثلاث، مثل ميناء العقبة في الأردن وميناء الإسكندرية في مصر والموانئ العراقية على الخليج العربي، إضافة الى توسيع وزيادة عدد الرحلات الجوية بين المطارات الرئيسية في الدول الثلاث، مثل مطار بغداد الدولي ومطار الملكة علياء الدولي في عمان ومطار القاهرة الدولي، وهذا سهل حركة الأفراد والسياحة وعزز من التعاون الاقتصادي.
.
ومشروع سكة الحديد بين الأردن ومصر والعراق تم انجاز 50-60% من حيث اجراء الدراسات الأولية لتحديد الجدوى الاقتصادية والمسارات المتنوعة، ولتعزيز التعاون في هذا المشروع بين الدول الثلاث، وقد تم توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون وتشكيل لجان مشتركة للعمل على تفاصيل المشروع بنسبة انجاز 40-50%، أما نسبة الإنجاز في تحديد المسارات وبناء أجزاء صغيرة من السكة الحديدة فهي النسبة الأقل بحوالي 20-30%، ويعد التمويل والحاجة الى استثمارات ضخمة من أهم العوائق التي تقف أمام تنفيذ المشروع بالكامل.
.
وعلى مستوى اتفاقيات انشاء المناطق الصناعية، فقد تم تحديد مواقع لإنشاء مناطق صناعية مشتركة في العراق والأردن ومصر والعمل على تطوير المناطق الأخرى، بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز التصنيع والتجارة بين هذه الدول الثلاث، ففي ‏‎ 2020 ‎-‏‎2021‎، تم البدء في انشاء منطقة صناعية مشتركة بالقرب من معبر الكرامة/طريبيل الحدودي، وقد شهدت هذه المنطقة تقدمًا ملحوظًا في تطوير البنية التحتية واستقطاب الاستثمارات، وتم انجاز نسبة 60-70% في تطوير الطرق والمرافق اللوجستية الأساسية مثل الطرق المؤدية الى المنطقة الصناعية وتجهيزات الكهرباء والماء وتحسينات الاتصالات، ونسبة الإنجاز في استقطاب الاستثمارات 50-60% المتعلقة في جذب المستثمرين والشركات للبدء في المشاريع داخل المنطقة الصناعية، ونسبة انجاز المنشآت الصناعية 40-50% المرتبطة في بناء المصانع والمرافق التشغيلية الأخرى.
.
وفي منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بعد عام 2020، تم التطوير على القطاعات المختلفة بنسب متفاوتة حيث تم العمل على تنويع الصناعات المتواجدة وتطويرها وزيادة انتاجها بنسبة انجاز 70-80%، وكذلك تم انجاز مشاريع الطاقة المتجددة والعديد منها بدأ بالفعل في انتاج الطاقة سواء من الطاقة الشمسية أو الرياح بنسبة 60-70%، ونسبة الإنجاز في الخدمات اللوجستية والنقل وتطوير الموانئ حوالي 75-85%، وتم تطوير العديد من الفنادق والمنتجعات الجديدة بنسبة انجاز حوالي 65-75%، وساهمت منطقة العقبة الاقتصادية على تطوير مهارات القوى العاملة المحلية من خلال انشاء مراكز تدريب متخصصة وبرامج تعليمية بنسبة انجاز 50-60%، وتم التحسين على البنية التحتية التكنولوجية والاتصالات بنسبة انجاز 60-70% لجذب الشركات التكنولوجية والشركات الناشئة، أما منطقة المفرق الصناعية، فقد تم العمل على تطوير وتحسين البنية التحتية وجذب المستثمرين وافتتاح العديد من المصانع والشركات في المنطقة، استهدفت الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية، ونسبة الإنجاز تقدر بحوالي 40-50%، وهذا يتطلب المزيد من الاستثمارات لتطوير البنية التحتية وجذب الشركات.
.
‎وبالرغم من نسب الإنجاز في هذه الاتفاقيات المتعددة وخاصة اتفاقيات انشاء المناطق الصناعية وتطويرها، الا أن هناك بعض التحديات المشتركة التي تعرقل استكمال هذه الاتفاقيات، مثل التحديات اللوجستية المرتبطة في تحسين المعابر الحدودية وتسهيل حركة البضائع والافراد والعمل على تحسين شبكات الطرق والسكك الحديدية من حيث التمويل والتنفيذ، والتحديات الاقتصادية المتعلقة في التمويل الكافي للمشاريع، والحوافز الإضافية لجذب المستثمرين والشركات الكبيرة، والتحديات الإدارية والتنظيمية التي لها علاقة بالإجراءات البيروقراطية، والتحديات الأمنية في تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق الحيوية، وأخير التحديات الفنية والتكنولوجية، وتجاوز هذه التحديات يتطلب من الحكومة الأردنية والعراقية والمصرية التعاون وتوفير الدعم السياسي والإداري، إضافة الى إيجاد الشراكات مع القطاع الخاص لتوفير التمويل والخبرات الفنية اللازمة، وتقديم حوافز مالية وضريبية لتعزيز الثقة في بيئة الاعمال وجذب المستثمرين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد