الأمير تميم في وداع الشهيد إسماعيل هنية

mainThumb

04-08-2024 06:32 PM

من بين آلاف الصور الإنسانية المعبرة عن استشهاد القائد إسماعيل هنية، كان هناك موقف وصورة. الموقف هو مشاركة الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، في جنازة الشهيد البطل إسماعيل هنية. هذا الموقف يحمل معنى وتعبيرًا عن حالة الحزن على الفقد رغم كل ما قيل ويقال في دهاليز السياسة من أقاويل ثبت أنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، بأن قطر ضاقت ذرعًا بالتواجد السياسي لحركة حماس وعلى رأسها الشهيد الحي عند ربه إسماعيل هنية.

وجاءت هذه المشاركة الأميرية، ناهيك عن الآلاف من الأخوة القطريين، لتثبت من أعلى سلطة في البلاد أن تلك الأقاويل مجرد إشاعات مشبوهة لا أساس لها من الصحة ولا وجود لها في دولة قطر. أما الصورة التي ربما لم ينتبه لها أغلب الأجيال العربية اليوم، وهي من عاداتنا العربية الحميدة، فهي صورة الأمير تميم وقد خلع عقال رأسه، وما يعنيه ذلك من حزن وأسى وتقدير لمكانة الفقيد الكبير ودوره. هذه اللفتة تعبر عن القيم الأصيلة التي نعبر بها عن الفقد.

الأمير تميم بهذا الموقف اعتبر نفسه من أسرة الفقيد، معبرًا عن حزنه وألمه الشديد. وقد تجلى ذلك بصورة الأمير في تلك اللحظات المؤلمة لهذه الفاجعة التي حلت بالأمة العربية.

الشهيد البطل إسماعيل هنية لم يكن فقيد فلسطين فحسب، ولكنه فقيد الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء. وقد تجلى ذلك في المشاهد التي رآها العالم عبر التشييع أو من المسيرات والمظاهرات التي عمت العالم تندد بتلك الجريمة.

كان بإمكان الأمير تميم أن ينيب ولي عهده أو أي وزير في الدولة للمشاركة في تشييع الفقيد، ولكن حضوره كان رسالة سياسية رافضة لهذه الجريمة الصهيونية البشعة التي للأسف لم نجد حتى إدانة من بعض الأنظمة الناطقة بالعربية لجريمة بهذا الحجم. كان ذلك اغتيالًا سياسيًا ومفاوضًا غير مباشر، وليس جنديًا في الميدان، واختراقًا لأمن دولة جارة وصديقة مهمة في المنطقة. ذلك يعني أن تلك المغامرة الصهيونية تهدف لجر المنطقة إلى ما لا يحمد عقباه، وهذا ما يريده المجرم نتنياهو وحكومة الإجرام التي يرأسها. تلك المغامرة ما كانت لتحدث لولا الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الصهيونية التي سارعت بإرسال السفن الحربية والبوارج وحاملات الطائرات.

وصرح وزير الدفاع الأمريكي بأن بلاده ستدعم ما أسماه بإسرائيل في حالة تعرضها لعدوان من محور المقاومة وعلى رأسها إيران. لا نعلم من الذي تعرض للعدوان، هل هو محور المقاومة وعلى رأسه إيران أم الكيان الصهيوني.

على الجانب الآخر، صرح الرئيس بايدن بأن إسرائيل ستفقد الدعم الأمريكي في حالة رفض مبادرة وقف إطلاق النار.

بعد زيارة نتنياهو لواشنطن مباشرة، والتأييد الذي وجده في الكونغرس الأمريكي الصهيوني، وهو ما افتقده ذلك النتن داخل كيانه، قام بالعدوان على لبنان واستهدف مئات المدنيين. كما اغتال الشهيد فؤاد شكر، أحد القادة العسكريين لحزب الله، وشن عدوانًا على إيران واغتال الشهيد إسماعيل هنية ومرافقه وسيم أبو شعبان.

الأمير تميم في تلك اللحظات الفارقة، كان تعبيرًا عن أصالته وشعبه وبلاده وصورة مشرفة للأمة العربية في ظل هذا الخذلان والتواطؤ. حتى أن بعض الأنظمة صرحت بأنها لن تسمح باختراق أجوائها في مواجهة الرد الإيراني ومحور المقاومة، وهو ما يعني حماية الكيان الصهيوني!

لم نرَ تلك المزاعم عند العدوان الصهيوني على اليمن السعيد من أجواء تلك الدول.

بقي أن أقول إن موقف قطر التي اختلفنا معها في موقفها من المؤامرة على ليبيا واحتلالها، وسوريا وإضعافها، لكن لأن الشيء بالشيء يذكر، فإن موقف قطر من حرب الإبادة الوحشية المجرمة على فلسطين وغزة العزة بشكل خاص وفضح الجرائم الصهيونية النازية الفاشية؛ لهو أمر يستحق التقدير والاحترام.

اليوم، تأتي مشاركة الأمير تميم في جنازة الشهيد إسماعيل هنية وخلعه عقاله تعبيرًا عن بالغ حزنه وأسفه الذي كان واضحًا على سموه. هذا موقف عروبي إنساني أصيل، يعجز القلم عن وصفه في ظل خذلان عربي وصل حد التآمر والخيانة للأسف. وأثبتت قطر اليوم أن الحجم السكاني والجغرافي ليس شرطًا لتكون دولة ذات وزن سياسي وقيمة، وأن الدول كالأفراد مواقف، وموقف قطر ودورها اليوم يُشار له بالبنان.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد