المراكز البحثية وصناعة العلم

mainThumb

04-08-2024 12:53 AM

القطاعات التعليمية في العقود التي مضت كان لديها رؤية لتنمية المواهب وتعزيزها لدى الطلاب خارج وقت الدوام الرسمي المدرسي عبر المراكز الصيفية والكشفية وأندية الحي والأندية الأدبية لإكساب الطلاب مهارات محددة في المجال المستهدف، توقف العمل بهذه المراكز في الوقت الحاضر نظراً لقلة أعداد المشتركين من الطلاب في تلك المجالات لانشغالهم بالتقنيات الحديثة.
القاعدة تقول "لكل زمان دولة ورجال" وهي عبارة صالحة لكل زمان ومكان، فالجيل الحالي يطلق عليه "الجيل الرقمي"، لديه اهتمامات وميول واتجاهات تختلف اختلافاً جذرياً عمَّا كان عليه الأسلاف، هذا الجيل لديه ثقافة عالية، يمتلك أجهزة الجوال واللابتوب والقنوات الحديثة، لديه اطلاع واسع بعلوم العصر، له قدرة على التحليل والنقد وإيجاد الحلول، أسهم الرفاه الاقتصادي لدى معظم الأفراد بالمجتمع في اكتسابه للمعارف أياً كان مصدرها وبأسرع وقت ممكن، فالمعرفة لم تعد مشكلة في حد ذاتها، يمكن فهم الفتوى الدينية، وتشخيص المرض، والتسوق الالكتروني، ومتابعة المعاملات، والتقاضي الحكومي، وحل المشكلات، والاطلاع على الجديد في كل مناحي الحياة من خلال التكنولوجيا الحديثة والانترنت والوسائط المتعددة.
لدى الجيل الحالي شغف الاكتشاف والابتكار والمنافسة على المستوى العالمي في كل المجالات العلمية والرياضية والأدبية واللغوية، يشهد بهذا كثرة الفائزين والفائزات بالجوائز العالمية في المسابقات التي تجرى بين الفينة والأخرى عندما أتيحت لهم الفرصة وتوفَّر لهم الدعم اللازم مادياً ومعنوياً، هؤلاء هم نخبة المجتمع وطليعته للابتكار، فعندما يتم تعزيز مواهبهم حتماً سوف يصنعون المعرفة في المستقبل.
معظم العلماء والمكتشفين والمبتكرين في العالم الفائزين بجائزة نوبل والملك فيصل العالمية لم يكونوا جديرين بالبقاء في الفصول الدراسية في المدارس الاعتيادية، تعرَّض بعضهم للسخرية والطرد من معلميهم، قست عليهم الحياة بالفقر أو المرض، تم تهميشهم في المجتمع؛ في المقابل كانوا يرون أن مستوياتهم تفوق أقرانهم وأن لديهم القدرة والطموح على التعلم الذاتي أكثر من تلقي العلم في المدارس النظامية.
انشغل هؤلاء المبتكرين بالدراسة الذاتية، بدأت لديهم لحظة الابتكار بفكرة أو خاطرة، كانوا يميلون إلى العزلة والتفكير في المشكلة وتحليلها للوصول للحلول العلمية المناسبة، استطاع العالم فارادي توليد الطاقة الكهربائية، والاخوان رايت اختراع الطائرة، وجيمس واط اختراع المحرك الكهربائي، وتوماس اديسون اكتشاف الكهرباء، كل أولئك العلماء وغيرهم كان يعملون بجدارة في المعامل والورش والمختبرات المنزلية، كان البحث العلمي السبب الرئيس في تفوقهم ونبوغهم لأعلى درجات العلم في الاكتشاف والابتكار الذي استفادت منه البشرية حتى يومنا هذا.
نسوق هذه الشواهد للتذكير بأهمية البحث العلمي في حياتنا اليومية إذا أردنا اللحاق بركب الحضارة المعاصرة وبلوغ أعلى درجات التقدم والرقي من خلال إيلاء هذا المجال الاهتمام اللازم ورعاية الطلاب والباحثين ومن لديهم الرغبة والطموح، نستطيع إنشاء مراكز للبحث العلمي في كل المدن لاستقطاب المهتمين ومساعدتهم على بلورة أفكارهم ومقترحاتهم وفق الأسس الصحيحة المستخدمة في البحث العلمي للوصول بهم للعالمية في مجال الصناعة والابتكار.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد